كنت بمحفل عام، وكان الحضور يتصافحون ويتبادلون الابتسامات، وإذا
برجل عجوز مر بالقرب، فدنا منه رجل "كشخة"، كما نقول بالخليجي،
أي "لابس على سنجة عشرة!"، فقبل رأسه وقال له: كيف حالك عمي؟
فرحل العجوز مع ابتسامة صفراء.
من كان بجانبي يعرفني، فاقترب مني وهمس بأذني: هل تصدق أن الرجل
الكشخة بنفس عمر الرجل العجوز؟ فقلت: غير معقول! قول غير هذا
الكلام!، فقال: نعم، هذا هو الواقع، وكل مرة يراه يقبل رأسه ويقول له
"عمي"، والسبب هو أن الرجل الكشخة يعيش حياته كأنه شباب،
والرجل العجوز يعيش حياته كأنه كهل.
اتصلت باستشاري متخصص وحاورته بالموضوع، فقال:
إن الإنسان هو من يضبط ساعة عمره، أي Sitting بالإنجليزي، والجسم
بدوره يبرمج نفسه أوتوماتيكياً حتى مع تقدم العمر، فيطوي إحساسه
وإيمانه وشعوره عنق الهرمونات والإنزيمات، فتتأثر المعادلة الكيماوية
للجسم، فيتبرمج كل شيء تلقائياً على العمر المضبوط بداخل عقله،
فيعيش حياته كما هو مقتنع بها! وهكذا تستمر حياته "بداخله يعيش حياة
شباب"، فيتأثر خارج جسمه بإشارات وأوامر من الداخل إلى الخارج
فتتقبل كل ملامح الجسم بالعمر المحدد، وأهمها العناية بالنظافة
الشخصية، والاهتمام بالهندام الخارجي والصحة العامة.
فمثلا الرجل الكشخة عمره الحقيقي خمسة وستون سنة، ولكنه ضبط
عمره عندما كان بالخامسة والثلاثين سنة، وظل يلبس ويتهندم وكل شيء
يستعمله بهذا العمر حتى مع كبر سنه الحقيقية، فلم يأبه للسنين، ولم يأبه
للناس، ومازال يعيش حياته، ويأنس بها.
أما الرجل العجوز، فهو بنفس عمر الآخر، لكن يعيش حياة الكهل، وهو
"الاستسلام" للعمر والظروف، وتعرية الحياة، وقلة بالصحة، والفقر،
وانحناء بالظهر، وتذمر طيلة الوقت، والكثير من العوامل التي وضعته
عش حياتك لحظة بلحظة بما يرضى الله ورسوله ، فالعمر يمضي،
وساعتك بيدك، وجسمك ينتظر أوامرك، فإن كنت تريد السعادة والحياة
المتفائلة المبتسمة، فاضبط ساعة عمرك من الآن، وقبل فوات الأوان!.