و من أهتدى بهديه إلى يوم الدين .
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ
وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ
وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أَنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكَذا
وأشارَ بالسبَّابةِ والوُسطَى وفرَّجَ بينَهُما )
وروى ابن ماجه عن ابى هريره رضى الله عنه :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( خيرُ بيتٍ في المسلمينَ بيتٌ فيه يتيمٌ يُحْسَنُ إليْهِ ،
وشرُّ بيتٍ في المسلمينَ بيتٌ فيه يتيمٌ يُساءُ إليْهِ )
حديثنا اليوم عن : حكم الأكل من مال اليتيم
اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز لولى اليتيم إن كان غنياً
أن يأخذ من مال يتيمه شيئا
{ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ }
والإستعفاف عن الشئ تركه والعفة هى الإمتناع عما لا يحل فعله
وقد اختلف الفقهاء فى الفقيرعلى سبعة أقوال أو أكثر
وخلافهم يرجع إلى مفهوم قوله تعالى :
{ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ }
ونستعرض الآن أقوال الفقهاء :
يباح للفقير أن يأكل من مال اليتيم بقدر حاجته الضرورية
وحملوا الآية على ظاهرها مستدلين على ذلك
بما رواه ابو داود عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده :
( أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
فقال : كل من مال يتيمك ، غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا
ومن غير أن تقي أو تفتدي مالك بماله )
أى ولا جامع مال لك ولأولادك من ماله أو لا تأكل من ماله
وتوفر مالك لتدخره لأولادك
يقال كالمأثول أى مجموع له أصل
واستدلوا أيضاً بما فى صحيح مسلم
أن عائشة رضى الله عنها قالت فى تفسير الآية :
[ نزلت فى ولى اليتيم الذى يقوم عليه ويصلحه
إن كان محتاجاً جاز له أن يأكل منه وهذا هو قول أكثر أهل العلم ]
لا يجوز لولى اليتيم أن يأكل من مال يتيمه شيئاً حتى ولو كان فقيراً
[ المراد التوسعة على اليتيم إذا كان ذا مال كثير
والإنفاق عليه بقدر الضرورة إن كان ذا مال قليل ]
وهذا القول غير صحيح لأن المخاطب فى الآية
هم الأولياء وليس اليتامى لأنهم ليسوا من أهل الخطاب لصغرهم .
3- 4 وانقسم الذين أباحوا للفقير الأكل من مال اليتيم
أ - فريق يرى أن ما يأكله الولى من مال اليتيم
فى حال فقره يكون قرضاً فى ذمته
متى أيسر رده إليه وإذا حضرته الوفاة أوصى ورثته بسداده
وبهذا قال ابن عباس - عمر بن الخطاب - وعبيده وابن جبير
والشعبى- ومجاهد- وابو العاليه..... وغيرهم
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه :
[ ألا أنى أنزلت نفسى من مال الله منزلة الولى من مال اليتيم
إن استغنيت استعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف فإذا أيسرت قضيت ]
يرى أن ما أكله الولى من مال اليتيم
فى حال فقره لا يجب عليه قضاؤه إذا أيسر
ما دام أخذ منه بقدر الضرورة الملحة فهو طعمه من الله له
فى نظير حفظه لليتيم وخدمته له
وهذا قول الحسن البصرى - وعطاء النخعى ........... وغيرهم
والدليل على صحة هذا القول إجماع الأمة على أن الإمام للمسلمين
لا يجب عليه غرم ما أكل بالمعروف
لأن الله تعالى قد فرض سهمه فى مال الله
فلا حجة لهم فى قول عمر فإذا أيسرت قضيت .
نكتفى بهذا القدر ونستكمل إن شاء الله تعالى
رأى الفقهاء فى حكم الأكل من مال اليتيم
هذا ما سنعرفه إن شاء الله تعالى فى الحلقة القادمة
انتظرونا ولا تنسونا من صالح الدعوات .