حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو
بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ رضى الله تعالى عنهم أجمعين
قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضى الله تعالى عنه يَقُولُ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ )
بضم التاء المثناة وفتح السين وضم الواو المشددة وتشديد النون،
وللمستملى " لتسوون " بواوين.
قال البيضاوي: هذه اللام هي التي يتلقى بها القسم، والقسم هنا مقدر
ولهذا أكده بالنون المشددة.انتهى.
وسيأتي من رواية أبي داود قريبا إبراز القسم في هذا الحديث.
قوله: (أو ليخالفن الله بين وجوهكم)
أي إن لم تسووا، والمراد بتسوية الصفوف اعتدال.
القائمين بها على سمت واحد، أو يراد بها سد الخلل الذي
واختلف في الوعيد المذكور فقيل: هو على حقيقته والمراد تسوية الوجه
بتحويل خلقه عن وضعه يجعله موضع القفا أو نحو ذلك، فهو نظير
ما تقدم من الوعيد فيمن رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس
حمار، وفيه من اللطائف وقوع الوعيد من جنس الجناية وهي المخالفة،
وعلى هذا فهو واجب، والتفريط فيه حرام، وسيأتي البحث في ذلك في
" باب إثم من لم يتم الصفوف " قريبا، ويؤيد حمله على ظاهره حديث
أبي أمامة " لتسون الصفوف أو لتطمسن الوجوه " أخرجه أحمد وفي
إسناده ضعف، ولهذا قال ابن الجوزي: الظاهر أنه مثل الوعيد المذكور
{ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَا }
، وحديث أبي أمامة أخرجه أحمد وفي إسناده ضعف، ومنهم من حمله
على المجاز، قال النووي: معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف
القلوب، كما تقول: تغير وجه فلان علي، أي ظهر لي من وجهه كراهية،
لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر
ويؤيده رواية أبي داود وغيره بلفظ أو ليخالفن الله بين قلوبكم
وقال القرطبي: معناه تفترقون فيأخذ كل واحد وجها غير الذي أخذ
صاحبه، لأن تقدم الشخص على غيره مظنة الكبر المفسد للقلب الداعي
والحاصل أن المراد بالوجه إن حمل على العضو المخصوص فالمخالفة
إما بحسب الصورة الإنسانية أو الصفة أو جعل القدام وراء، وإن حمل
على ذات الشخص فالمخالفة بحسب المقاصد.
أشار إلى ذلك الكرماني.ويحتمل أن يراد بالمخالفة في الجزاء فيجازي
المسوى بخير ومن لا يسوى بشر.