و الذوات أيضا تقبل التعدد و التزاوج و التناقض و التشابه و الإئتلاف
و الإفتراق و الحدوث العدم
أما الذات الإلَهية فهى ذات منزهة عن كل ذلك و ما إلى ذلك تنزيها تاما
فهو الفرد الذى كان و لا شئ معه و لم يزل واحدا واجب الوجود
أبدا بلا إنقطاع و لا زوال
و معنى وحدانية الصفات أنه الواحد الذى تمت له أوصاف الكمال كلها
فهو عالم بذاته
قادر بذاته
عزيز بذاته
له الأسماء الحسنى التى نعلمها و التى لا نعلمها
فهو جل شأنه متفرد بالعلم المحيط و الإراده النافذة والقدرة المنجزة
فقد تبارك فى ملكه و تعالى على عرشه و عز فى سلطانه
خضعت الجن و الإنس لجبروته و سبح كل شئ بحمده
نواصى الخلق بيده ، ماضى فيهم حكمه ، عدل فيهم قضاؤه
و أن معنى وحدانية الأفعال
أن أفعاله مبنية على علمه التام و حكمته البالغة
لا تتناقض و لا تختلف و لا تقبل الشركة بحال
و لهذا كان الله واحدا فى أُلوهيته أى فى أحقيته للعباده دون سواه
قال ربنا و قوله الحق سبحانه و تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ }
{ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ }
الزخرف 84
{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ
وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }
الاسراء 44
{ وَالصَّافَّاتِ صَفّاً{1} فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً{2} فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً{3} إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ{4}
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ{5} }
الصافات 1-5
صدق الله العظيم
و الإلًه فى اللغة
هو المعبود الذى تأله عباده
أى تعبدهم بشرعه الذى شرعه فى كتبه المنزلة على رسله
و أمرهم بطاعته و الخضوع له و إظهار الإفتقار إليه
و هو الذى فى السماء معبود و فى الأرض معبود طوعا و كرها
و أن التسبيح هو التنزيه التام لمن أتصف بالوحدانية فى الذات و الصفات والأفعال
أخى المسلم
الواحد جل شأنه هو من له الأحدية المطلقة
فهو الواحد الاحد الفرد الصمد ، الذى لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد
و لا بد عند ذكرنا الواحد جل شأنه بالوحدانية
أن نراعى الأحدية حتى ندفع عن أنفسنا توهم ما قبل الواحد و ما بعده
فأذا قلنا واحد قد يخطر فى أذهاننا أن قبله صفرا و بعده أثنين و ثلاثة إلى أخره
لكن إذا قلنا هو أحد لم نتصور قبله و لا بعده شيئا
و لذلك نجد أن الله عز و جلّ إذ وصف نفسه بالوحدانية
و أن نفى الإلَوهية عن سواه هى الأحدية بعينها
ليعلم من كان له عقل سليم أن وحدانية الله هى الأحدية المطلقة
و أنه هو الإلَه الذى ينبغى أن يفرده جميع الخلق بالعباده
و إن إفراد الله بالعباده هو التوحيد الخالص بعينه
و إن السبل التى يهدى الله عباده إليها كلها موصلة إلى التوحيد الخالص
لأنها سبل إلى الطاعة و الإنقياد
قال الحق سبحانه و تعالى
{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }
الحج 34
أى الخاشعين الخاضعين العابدين
أن كلمة التوحيد هى الكلمة التى قامت بها السماوات و الأرض
هى كلمة التقوى و كلمة السواء
التى دعا الله إليها أهل الكتاب و غيرهم من الأمم الكافرة و جعلها باقية من الأزل إلى أبد الأبد
و من قالها بقلبه و لسانه فقد نجا و فاز برضوان الله فى الدنيا و الأخرة
فليس هناك كلمه أعظم من كلمة لا إلَه إلا الله
و معناها لا معبود بحق إلا الله
بها نحيا و بها نموت و بها نبعث إن شاء الله امنين
و لقد تشبع بها المخلصون لله فى إفراده بالعبودية
حتى صارت هذه الكلمة هى الملاذ لهم فى شأنهم كله
لعلمهم أنه لا يقضى شئ فى الوجود إلا بإرادة الله و قدرته
و أعلم ان الكون كله شهد بأن الله واحد لا شريك له فى ملكه
و لا شبيه له فى ذاته و صفاته و أفعاله و الفطرة السليمه تشهد بذلك
و الله يشهد لنفسه بذلك
قال تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
{ شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ
لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
آل عمران 18
{ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ
وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ
أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى
قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ }
الانعام 19
صدق الله العظيم
أخى المسلم
أن حاجة العبد إلى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا فى محبته
و لا فى خوفه و لا فى رجائه و لا فى التوكل عليه
فأن حقيقة العبد روحه و قلبه و لا صلاح لها إلا بإلًهها الذى لا إلَه إلا هو
و ما على المؤمن إلا أن يكثر من الذكر بتلك الأسماء فى صباحه و مسائه
حتى يتشرب قلبه حب التوحيد
فيسلم من شبهات الشرك و نزوات الهوى و نزغات الشياطين
فيرتقى فى سلم الكمال البشرى إلى أخر مراتب الحب و القرب
نسأل الله الواحد الاحد الفرد الصمد ان يملأ قلوبنا بكلمة التوحيد أمنا و إيمانا
أنه سميع قريب مجيب
و نختتم الشرح البسيط المبسط بهذا الحديث الشريف
روى أبو داود و الترمذى و أبن ماجة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه
رضى الله تعالى عنهم أجمعين
أن النبى صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
سمع رجلاً يقول فى دعائه
اللهم أنى أسألك بأنك أنت الواحد الاحد
الفرد الصمد
الذى لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد
فقال النبى صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
لقد سأل الله بأسمه المعظم
الذى أذا دُعى به أجاب و أذا سُئل به اعطى
صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم