الموضوع
:
خطبة المدينة: التذكُّر حقائقه وتفصيله لفضيلة الشيخ د. علي الحذيفي
عرض مشاركة واحدة
#
2
03-05-2011, 06:37 PM
vip_vip
Moderator
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
قال الله تعالى:
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
[الزمر: 27]،
وقال تعالى:
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا
[الإسراء: 41]،
وقال تعالى:
فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ
[ق: 45].
وعن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«ستكون فتن»
،
قلتُ: ما المخرجُ منها يا رسول الله؟
قال:
«كتابُ الله؛ فيه نبأُ ما قبلكم، وخبرُ ما بعدَكم، وحكم ما بينكم،
هو الفصلُ ليس بالهَزل، من حكمَ به عدَل، ومن عمِلَ به أُجِر،
ومن ترَكه من جبَّارٍ قصَمَه الله، ومن ابتَغَى الهدى من غيره أضلَّه الله،
لا يخْلَقُ عن كثرة الرد، ولا تزيغُ به الأهواء، ولا تشبعُ منه العلماء»
؛
رواه الترمذي.
ومن أعظم النِّعَم: نعمة الأمن وتيسُّر الأرزاق، وقد أمرنا ربُّنا أن نتذكَّر نعمةَ الأمن؛
فقال تعالى:
وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ
فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
[الأنفال: 26]،
وامتنَّ الله - تبارك وتعالى - بالأمن في الحَرَم فقال:
أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا
[القصص: 57]،
وقال تعالى:
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ
[قريش: 3، 4].
فالأمنُ من كيان الإسلام، ولا تظهر شعائرُ الدين إلا في ظل الأمن،
قال الله تعالى:
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا
[النور: 55].
وبالأمن تأمنُ الطرق، وتزدهِرُ الحياة، ويطيبُ العيش،
وتُحقَن الدماء، وتُحفَظُ الأموال، وتتسِع الأعراض،
وتفشو التجارات، وتُتبادلُ المنافع، ويندفعُ شر المُفسِدين والمُعتدين،
ويأمنُ الناس على الحُرمات والحقوق، ويُؤخَذ على يد الظالمين والمُخرِّبين،
وضدُّ ذلك تنزل بالمجتمع الكوارِث، مع ضعف الأمن أو انعدامه إذا نزل الخوف.
ولِعِظَم نعمة الأمن قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
«من أصبحَ مُعافًى في بدنه، آمِنًا في سِرْبه، عنده قُوتُ يومه،
فكأنما حِيزَت له الدنيا بحذافيرها»
،
وقد منَّ الله على هذه البلاد بنعمة الأمن والشريعة الإسلامية السَّمْحة المُهيمِنة على هذه المملكة حَرَسَها الله،
فأصبحَت مضرِبَ المثَل في الأمن والاستقرار، ولا غَرْوَ في ذلك؛
فولاة أمرها - حفظهم الله - جعلوا دستورها كتابَ الله وسنةَ رسوله - صلى الله عليه وسلم -،
ترجعُ إليهما المحاكمُ الشرعية في أمور الناس التي يختلفون ويتنازعون فيها،
والله - عز وجل - قال:
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ
[المائدة: 50].
ولكن بعضُ الناس ممن لم يُقدِّر النِّعَم حقَّ قدرها،
وممن تأثَّر بما يرى ويسمع من المُؤثِّرات الضارَّة،
وممن أغمضَ عينيه عن الحقائق، وصمَّ أُذنَيْه، ولم يتفكَّر في عواقب الأمور؛
هؤلاء وهم قلَّةٌ قليلة في عدد المجتمع انفردوا بآراء ضارَّة،
ويريدون أن تتغيَّر البلاد ومن عليها،
ويسعَون لفتح أبوابٍ من الفتن تُغلِقُ الحرثَ والنَّسْلَ،
وتجلِبُ الكوارِثَ على البلاد والعباد، وتحرِقُ الأخضَرَ واليابس،
فحرَّضَ دعاةُ فتنةٍ صمَّاء بكماء عمياء إلى ثورةٍ على راية:
(لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله)، وعلى الخروج على دولة الحرمين،
ودعا أهل هذه الفتنة الضالَّة المُفسِدة المُهلِكة إلى عزل ولاة الأمر،
وكفَى بهذا جُرمًا وشناعةً وقُبْحًا ومخالفةً لكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -،
فهم يريدون أن يُفرِّقوا بين المسلمين، ودعَوا إلى أن تكون المملكة دستورية
يُعزَل في النظام الخائب الذي أعلَنوه الملكُ - حفظه الله -،
يُعزَلُ من صلاحياته التي خوَّلَه إياها الدينُ الإسلامي،
وبايَعَه عليها أهلُ الحلِّ والعقد، ولم يحدُث في تاريخ المسلمين هذا المطلب الخاسِر الخائب.
ولكن الله أراد أن يُظهِر مخازيَ هذه الفتن التي أعلنوها،
ويُظهِر مخازيَ من أعلَنها ووقَّع عليها لئلا يغترَّ بهم الشباب والمُواطِنون،
فإن دعاة هذه الفتن المُضِلَّة يُحقِّقون ما يتمنَّاه المُتربِّصون.
والمُظاهرات الغوغائية لا محل لها في بلادنا بلاد التوحيد؛
لأن الشريعة الإسلامية هي المُهيمِنة على البلاد،
وهناك فرقٌ بين من يدعو إلى التوحيد وبين غيره،
وبين من يُشفِقُ على شعبه ويُحبُّ لهم الخيرَ ويُقدِّم لهم ما ينفعهم، وبين من يقتُل شعبَه.
وما وقع في البلاد التي غيَّرَت حكمَها ونُظُم الحكم فيها أمرٌ يخصُّهم في تلك البلاد،
وهم أعلمُ بما يُصلِحُهم، والأسبابُ في تلك البلاد لا تخفَى على الناس،
وتلك الأسباب مُنعدِمةٌ في بلادنا - ولله الحمدُ -.
ومن أعظم الأسباب لتلك الثورات: انعِدامُ التعامُل بتعاليم الإسلام في العلاقة
بين الحاكم والمحكومين،
والقوانين الجاهلية تُفسِد ولا تُصلِح،
وشريعةُ الله هي التي تُصلِحُ كلَّ شيء، وهل يُغني أكلُ الطين عن الخبز والغذاء؟!
ولما لم يتعامل الناسُ في علاقاتهم بتعاليم الإسلام عامَلَهم الله بالقدر،
فالاختلافُ مُقدَّرٌ من الله إذا تعدَّدَت الأهواء، قال الله تعالى:
قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ
أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ
[الأنعام: 65].
فلا تقيسوا بلادكم بغيرها، والواجبُ الذي لا بُدَّ منه أن نكون عند الزَّعازِع والفتن
يدًا واحدةً وصفًّا واحدًا،
حُكَّامُنا ولاة أمرنا وعلماؤنا، وجميعُ المواطنين،
لنُحافِظ على ديننا ووحدة وطننا ومصالحنا؛ فإن المُتربِّصين يتمنَّون اليوم
الذي تختلفُ فيه الكلمةُ ليركبوا الموجَة،
ويُنكِّلوا بالدين، ويُقطِّعوا أوصال البلاد، فإنهم ينظرون إلا اختلاف الكلمة
كما تنظُر النُّسُور إلى اللحم، ولكم عِبَرٌ كثيرة في تاريخ المسلمين.
فيا شباب الإسلام، ويا حُماة الحق:
اكرهوا الفتن وأهلها وقاطِعوهم، فهم يريدون أن يفتَحوا عليكم أبواب جهنم،
فالمظاهرات والغوغائية لا محل لها في بلادنا؛
فدستورنا كتابُ الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وأما الإصلاحُ الذي يتشدَّقُ به هؤلاء المفتونون،
فالإصلاحُ بجميع أنواعه هو نهجُ ديننا الحنيف،
ولكن الإصلاح في كل شيء منوطٌ بوليِّ الأمر ونوَّابه فيما يخُصُّ الأمور العامة،
ويستشيرون في هذا علماءَ الشريعة؛ فعلماء الشريعة مع ولاة الأمر
أعرفُ بما يدلُّ عليه الكتابُ والسنة،
وبما فيه الخيرُ للعامة والخاصة، والتناصُح بين الراعي والرعيَّة رغَّب فيه الإسلام،
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
«
الدينُ النصيحة - ثلاثًا
-»
،
vip_vip
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى vip_vip
زيارة موقع vip_vip المفضل
البحث عن المشاركات التي كتبها vip_vip