و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الحمد في الآخرة و الأولى ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله ،
أحلَّ لنا الطيبات ، و حرَّم علينا الخبائث ، و جعلنا على المحجة البيضاء ،
صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله الأصفياء ، و أصحابه الأوفياء ،
و التابعين ، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أمـــا بعـــد :
أيها الإخوة المسلمون ، خير سبيل للبعد عن المحرم ترك المشتبه ،
و سلوك مسالك الورع عند التردد ، و في الحديث :
(( لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين
حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به البأس )) .
رواه ابن ماجه و الترمذي و قال حديث حسن غريب ،
(( فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه و عرضه ،
و من وقع في الشبهات وقع في الحرام ))
جزء من حديث رواه البخاري ،
و لقد قال الحسن البصري رحمه الله : مازالت التقوى بالمتقين
حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام .
و قال أبو الدرداء رضي الله عنه : تمام التقوى أن يتقي العبد ربه ؛
حتى يتقيه من مثقال ذرة ، و حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً ؛
حجاباً بينه و بين الحرام .
و لتعلموا رحمكم الله أن المشتبهات يحصل للقلوب عندها
القلق و الاضطراب الموجب للشك ،
و الورِع هو الوقَّاف عند المشتبهات يدع ما يريبه إلى ما لا يريبه .
أيها الإخوة في الله ، إن الله حكيمٌ عليم في توسيع الرّزق و تضييقِه على بعض العباد ،
و في الأثر :
(( إنّ من عبادي من لو أغنيتُه لأفسدتُ عليه دينَه ،
و إنّ من عبادي من لو أفقرتُه لأفسدتُ عليه دينَه ))،
و يقول جلّ و علا :
{ وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ في ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء }
[ الشورى : 27 ] .
و عن أبي أمامة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
( من اقتطع حق امريء مسلم بيمينه
فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة )
فقال له رجل : يارسول الله ، وإن كان شيئاً يسيراً ؟ ، قال :
( و إن قضيباً من أراك )
فاتقوا الله ـ رحمكم الله ـ و أطيبوا مطاعمكم و مشاربكم ،
و اتقوا الله في أنفسكم و أهليكم ، اتقوا ناراً وقودها الناس و الحجارة ،
عليها ملائكة غلاظ شداد ، لا يعصون الله ما أمرهم ، و يفعلون ما يؤمرون .
ثم أكثِروا من الصلاةِ و السلام على سيِّد الأنام في جميعِ الأوقاتِ و الأيام ،
و اعلموا أنَّ للصلاة عليه في هذا اليومِ مزيَّةً و حكمة ،
فكلُّ خيرٍ نالَتْه أمته في الدنيا و الآخرة فإنما نالَتْه على يدِه ،
فجَمع الله لأمّته به خيرَي الدنيا و الآخرة ،
فأعظمُ كَرامةٍ تحصُل لهم فإنما تحصُل يومَ الجمعة ، فإنَّ فيه بَعثَهم إلى منازلهم ،
و حضورَهم مساكنَهم في الجنة ، و هو يومُ المزيد لهم إذا دخَلوا الجنة ،
و هو يوم عيدٍ لهم في الدنيا ، و لا يُردُّ فيه سائلُهم ،
و هذا كلّه إنما عُرِف و تحصَّل بسبَبِه و على يدِه عليه الصلاة و السلام ،
فمِن الشكر و أداء الحقّ أن تُكثِروا من الصلاةِ و السلام عليه ،
كيف لا و قد أمركم ربكم بقوله عزَّ شأنُه :
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
[ الأحزاب : 56 ] ؟!
اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارِك على عبدِك و رسولك نبيِّنا محمّد
الحبيب المُصطفى و النبيّ المُجتبى ،
و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجِه أمّهات المؤمنين ،
و ارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين :
أبي بكر و عمر و عثمان و عليٍّ ،
و عن الصحابة أجمعين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين ،
و عنَّا معهم بعفوِك و جُودك و إحسانك يا أكرم الأكرمين .
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،
و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة امورنا
، و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو بلد من بلاد المسلمين
اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،
و أنصر عبادَك المؤمنين ...
ثم الدعاء بما ترغبون من فضل الله العلى العظيم الكريم
أنتهت