عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-31-2018, 12:07 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 59,977
افتراضي نفحة يوم الجمعة

من:الأخت الزميلة / أمانى صلاح الدين

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نفحة يوم الجمعة

محمد البشير الإبراهيمي



الصوم أعسر الامتحانات؛ لأنه مقاومةٌ عنيفة لسلطان الشهوات الجسمية،
ومقاومُ الشهوات في نفسه أو في غيره قلما ينتصر،
فإن انتصر فقلما يقفُ به الانتصار عند حدِّ الاعتدال،
بل كثيرًا ما يجاوزه إلى أنواع من الشذوذ والتنطع، تأباها الفطرة والعقل،
وهذه الروح المقاوِمة في الصوم هي التي راعَتْها الأديان والنِّحَل،
فجعلت الصوم إحدى عباداتها، تُروِّض عليه النفوس المطمئنة،
وتُروِّض به النفوس الجامحة، ولكن الصوم في الإسلام يزيد عليها جميعًا
في صوره ومدَّته، وفي تأثيره وشدَّته، فمدَّته شهر قمري متتابع الأيام،
وصورتُه الكاملة فَطْمٌ عن شهوات البطن والفرج واللسان والأذن،
وكلُّ ما نقص من أجزاء ذلك الفطام فهو نقص في حقيقة الصوم،
كما جاءت بذلك الآثار الصحيحة عن صاحب الشريعة،
وكما تقتضيه الحكمة الجامعة من معنى الصوم.

فلا يتوهمنَّ المسلم أن الصوم هو ما عليه العامَّة اليوم من إمساك تقليدي
عن بعض الشهوات في النهار، يعقبه انهماك في جميع الشهوات بالليل،
فإن الذي تشاهده من آثار هذا الصوم العرفي إجاعة البطن، وإظماء الكبد،
وفتور الأعضاء، وانقباض الأسارير، وبذاءة اللسان، وسرعة الانفعال،
واتخاذ الصوم شفيعًا فيما لا يحبُّ الله من الجهر بالسوء من القول،
وعذرًا فيما تبدر به البوادر من اللجاج والخصام والأيمان الفاجرة ! .



رد مع اقتباس