من:إدارة بيت عطاء الخير
حديث اليوم
( باب سِقَايَةِ الْحَاجِّ )
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى فَقَالَ
الْعَبَّاسُ يَا فَضْلُ اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا فَقَالَ اسْقِنِي قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ
قَالَ اسْقِنِي فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا فَقَالَ
اعْمَلُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ قَالَ لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ
حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ يَعْنِي عَاتِقَهُ وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ )
الشرح:
قوله: (حدثنا إسحاق)
هو الواسطي، وقد مضى هذا الإسناد بعينه في أول الباب الذي قبله.
قوله: (فاستسقى)
أي طلب الشرب.
والفضل هو ابن العباس أخو عبد الله، وأمه هي أم الفضل لبابة بنت
الحارث الهلالية، وهي والدة عبد الله أيضا.
قوله: (إنهم يجعلون أيديهم فيه)
في رواية الطبراني من طريق يزيد بن أبي زياد عن عكرمة في هذا
الحديث " أن العباس قال له: إن هذا قد مرث، أفلا أسقيك من بيوتنا؟
قال لا، ولكن اسقني مما يشرب منه الناس".
قوله: (قال اسقني)
زاد أبو علي بن السكن في روايته: فناوله العباس الدلو.
قوله: (فشرب منه)
في رواية يزيد المذكورة " فأتى به فذاقه فقطب، ثم دعا بماء فكسره.
فال: وتقطيبه إنما كان لحموضته، وكسره بالماء ليهون عليه شربه
" وعرف بهذا جنس المطلوب شربه إذ ذاك.
وقد أخرج مسلم من طريق بكر بن عبد الله المزني قال " كنت جالسا مع
ابن عباس فقال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفه أسامة
فاستسقى، فأتيناه بإناء من نبيذ فشرب وسقى فضله أسامة وقال:
أحسنتم كذا فاصنعوا".
قوله: (لولا أن تغلبوا)
بضم أوله على البناء للمجهول، قال الداودي أي إنكم لا تتركوني أستقي،
ولا أحب أن أفعل بكم ما تكرهون فتغلبوا، كذا قال.
وقال غيره: معناه لولا أن تقع لكم الغلبة بأن يجب عليكم ذلك بسبب فعلي.
وقيل: معناه لولا أن يغلبكم الولاة عليها حرصا على حيازة هذه المكرمة.
والذي يظهر أن معناه لولا أن تغلبكم الناس على هذا العمل إذا رأوني قد
عملته لرغبتهم في الاقتداء بي فيغلبوكم بالمكاثرة لفعلت.
ويؤيد هذا ما أخرج مسلم من حديث جابر " أتى النبي صلى الله عليه وسلم
بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال: انزعوا بني عبد المطلب،
فلولا أن تغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم " واستدل بهذا على أن
سقاية الحاج خاصة ببني العباس، وأما الرخصة في المبيت ففيها أموال
للعلماء هي أوجه للشافعية: أصحها لا يختص بهم ولا بسقايتهم،
واستدل به الخطابي على أن أفعاله للوجوب، وفيه نظر.
وفال ابن بزيزة: أراد بقوله " لولا أن تغلبوا " قصر السقاية عليهم وأن
لا يشاركوا فيها، واستدل به على أن الذي أرصد للمصالح العامة لا يحرم
على النبي صلى الله عليه وسلم ولا على آله تناوله، لأن العباس أرصد
سقاية زمزم لذلك، وقد شرب منها النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن المنير في الحاشية: يحمل الأمر في مثل هذا على أنها مرصدة
للنفع العام فتكون للغني في معني الهدية، وللفقير صدقة.
وفيه أنه لا يكره طلب السقي من الغير، ولا رد ما يعرض على المرء
من الإكرام إذا عارضته مصلحة أولى منه، لأن رده لما عرض عليه العباس
مما يؤتى به من نبيذ لمصلحة التواضع التي ظهرت من شربه
مما يشرب منه الناس.
وفيه الترغيب في سقي الماء خصوصا ماء زمزم.
وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وحرص أصحابه على الاقتداء به
وكراهة التقذر والتكره للمأكولات والمشروبات.
قال ابن المنير في الحاشية: وفيه أن الأصل في الأشياء الطهارة لتناوله
صلى الله عليه وسلم من الشراب الذي غمست فيه الأيدي.
اللهم صلى و سلم و بارك علي عبدك و رسولك
سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .