من:إدارة بيت عطاء الخير
حديث اليوم
( باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر )
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام حدثنا قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت
رضي الله عنه قال
( تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة
قلت كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية )
الشروح
قوله : ( باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر )
أي : انتهاء السحور وابتداء الصلاة ؛ لأن المراد تقدير الزمان الذي ترك
فيه الأكل ، والمراد بفعل الصلاة أول الشروع فيها قاله الزين بن المنير .
قوله : ( حدثنا هشام )
هو الدستوائي .
قوله : ( قلت كم )
هو مقول أنس ، والمقول له زيد بن ثابت ، وقد تقدم بيان ذلك في المواقيت
، وأن قتادة أيضا سأل أنسا عن ذلك ، ورواه أحمد أيضا عن يزيد بن هارون
عن همام وفيه أن أنسا قال : " قلت لزيد " .
قوله : ( قال : قدر خمسين آية )
أي : متوسطة لا طويلة ولا قصيرة لا سريعة ولا بطيئة ، وقدر بالرفع
على أنه خبر المبتدأ ، ويجوز النصب على أنه خبر كان المقدرة في جواب
زيد لا في سؤال أنس لئلا تصير كان واسمها من قائل والخبر من آخر . قال
المهلب وغيره : فيه تقدير الأوقات بأعمال البدن ، وكانت العرب تقدر
الأوقات بالأعمال كقوله : قدر حلب شاة ، وقدر نحر جزور ، فعدل زيد بن ثابت
عن ذلك إلى التقدير بالقراءة ؛ إشارة إلى أن ذلك الوقت كان وقت العبادة
بالتلاوة ، ولو كانوا يقدرون بغير العمل لقال مثلا : قدر درجة ، أو ثلث
خمس ساعة . وقال ابن أبي جمرة : فيه إشارة إلى أن أوقاتهم كانت
مستغرقة بالعبادة . وفيه تأخير السحور لكونه أبلغ في المقصود .
قال ابن أبي جمرة : كان - صلى الله عليه وسلم - ينظر ما هو الأرفق بأمته
فيفعله ؛ لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم ، ولو تسحر في جوف
الليل لشق أيضا على بعضهم ممن يغلب عليه النوم فقد يفضي إلى ترك
الصبح أو يحتاج إلى المجاهدة بالسهر . وقال فيه أيضا تقوية على الصيام
لعموم الاحتياج إلى الطعام ولو ترك لشق على بعضهم ولا سيما من كان
صفراويا فقد يغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان .
قال : وفي الحديث تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة ، وجواز المشي بالليل
للحاجة ؛ لأن زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وفيه الاجتماع على السحور ، وفيه حسن الأدب في العبارة لقوله :
" تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولم يقل نحن ورسول الله –
صلى الله عليه وسلم - لما يشعر لفظ المعية بالتبعية . وقال القرطبي : فيه
دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر ، فهو معارض لقول
حذيفة " هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع " . انتهى . والجواب أن
لا معارضة بل تحمل على اختلاف الحال ، فليس في رواية واحد منهما
ما يشعر بالمواظبة ، فتكون قصة حذيفة سابقة ، وقد تقدم الكلام على
ما يتعلق بإسناد هذا الحديث في المواقيت وكونه من مسند زيد بن ثابت
أو من مسند أنس .
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين