من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
القلب المريض
هو قلبٌ له حياةٌ، وبه عِلَّةٌ:
له حياةٌ: من محبَّة الله، والإيمان به، والإخلاص له،
والعمل على مرْضاته. وبه أمراضٌ: من محبَّة الشهوات،
وتحصيل الملذَّات، أو الحسد والكِبْرِ،
وحبِّ العلوِّ في الأرض، ونحو ذلك.
فهذا القلب ممتحَنٌ بين داعيينِ: داعٍ يدعوه إلى الله ورسوله والدار الآخرة،
وداعٍ يدعوه إلى الدنيا وملذَّاتها الفانية، فأحيانًا يقوى إيمانُه، فيُجيب داعيَ
الله فيستقيم، وأحيانًا يضعُف إيمانُه فيُجيب داعيَ الهوى فيمرض.
3 - علامات مرض القلب:
1 - من علامات مرض القلب: أنه يُؤْثِر ملذَّاتِه
على طاعة الله ومرْضاته، فكلَّما هوى شيئًا فعلَه.
2 - ومن علامات مرض القلب: أن صاحبَه لا تُؤلمه جراحاتُ المعاصي
(ما لجُرْحٍ بميِّت إيلامُ).
فالقلب الصحيح يتوجَّعُ بالمعصية، ويتألَّمُ لها،
فيُحدِثُ له ذلك توبةً وإنابةً إلى الله عز وجل.
قال تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ }
[الأعراف: 201]، وقال سبحانه:
{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ
فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ
وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
[آل عمران: 135]،
ذكرُوا الله، ذكرُوا عظمةَ الله، فخافُوا عِقابَه فاستغفروا وتابُوا.
وإذا خَلَوْتَ بِريبةٍ في ظُلْمةٍ
والنفْسُ داعيةٌ إلى العِصيانِ
فاسْتحْيِ مِنْ نَظَرِ الإلهِ وقُلْ لها
إنَّ الذي خَلَق الظَّلامَ يَراني
أما صاحب القلب المريض، فلا يتألَّمُ للذنب،
ولا يتأثر بالمعصية؛ حتى يتراكم الذنبُ على الذنب فيسودّ القلبُ.
3 - ومن علامات مرض القلب: أن صاحبه لا يحزنُ لجهله بالحقِّ، ولا يتألمُ
لعدم معرفته بأحكام ربِّه، والجهل مصيبةٌ كُبرى يتألم لها مَن في قلبه حياةٌ.
وقيل: ما عُصي الله بذنْبٍ أقبح من الجهل.
وفي الجَهْلِ قبْل الموْتِ مَوتٌ لأهْلِه
وأجْسامُهم قبْل القُبُورِ قُبُورُ
وأرواحُهم في وحْشةٍ من جُسُومِهم
وليس لهم حتى النُّشُورِ نُشورُ
4 - ومن علامات مرض القلب:
استبدال صاحبه بالأغذية النافعة الأغذيةَ الضارَّة المؤذية.
فيستبدل سماع القرآن الذي هو
{ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ }
[يونس: 57]،
إلى سماع الغناء الذي يمرضُ القلب، ويبعدُه عن الربِّ جل وعلا.
ويَستبدل تحريك اللسان بالذِّكر الذي به حياة القلب، ونور البصر، وجلاء
الصَّدر، ومغفرة الذنب، إلى تحريك اللسان بالغيبة التي بها فسادُ النفس،
وقسوة القلب.
ويستبدل بالنظر في ملكوت السماوات والأرض والتفكُّر في عظمة الله الذي
به يقوى الإيمان - النظرَ إلى النساء الأجنبيَّات، والمسلسلات الماجنات،
الذي به يضعُفُ الإيمان.
5 - ومن علامات مرض القلب:
أن صاحبه رضي بالدنيا واطمأنَّ بها، ولم يشعُر فيها بغُربةٍ، ولا يرجو
الآخرة، ولا يسعى لها سعيَها
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ
لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا }
[الإسراء: 18].
نعم، الذي يذكرُ ربَّه حيُّ القلب، حيُّ الضمير،
والذي لا يذكُر ربَّه ميِّتُ القلب، ميتُ الضمير.
فمخالطة صاحب هذا القلب سَقَمٌ، ومعاشرته ضَررٌ، ومجالستُه هلاكٌ.
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين