من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
((وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ))
ليلة عظيمة القدر ، رفيعة الشأن ، من حاز شرفها فاز وغَنِم ،
ومن خسرها خاب وحُرِم ، العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر .
ليلة مباركة يكفي بها قدراً أن الله جل شأنه أنزل فيها خير كتبه ، وأفضل
شرائع دينه ، يقول الله تعالى فيها :
(( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ
مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ،
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)) .
ليلة القدر ليلة ليست كبقية الليالي ، أجرها عظيم ، وفضلها جليل ، المحروم
من حُرم أجرها ولم ينل من خيرها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ،
وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) .
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم زمانها فقال عليه الصلاة والسلام :
(( الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ )) ، وقرب للناس وقتها ،
فقال صلى الله عليه وسلم : (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ )) ،
فهي في الأوتار منها بالذات ، أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث
وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين .
ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل في هذه الليالي الوتر ، وليست في ليلة معينة
كل عام ، قال النووي رحمه الله : " وهذا هو الظاهر المختار لتعارض
الأحاديث الصحيحة في ذلك ، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث
إلا بانتقالها " .
وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم على أفضل ما نقول إذا وافقنا هذه الليلة ،
فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قالت :
يا رسول الله : أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي :
(( اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي )) .
ولليلة القدر علامات تُعرف بها ، ثبتت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن هذه العلامات :
العلامة الأولى : أنها ليلة مضيئة ، فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ بَلَجَةٌ ، لا حَارَّةٌ وَلا بَارِدَةٌ ،
وَلا يُرْمَى فِيهَا بِنَجْمٍ )) .
العلامة الثانية : أن ليلتها معتدلة ، لا حارة ولا باردة ، فعن ابن عباس
رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لَيْلَةٌ طَلْقَةٌ ، لا حَارَّةٌ وَلا بَارِدَةٌ ،
تُصْبِحُ الشَّمْسُ يَوْمَهَا حَمْرَاءَ ضَعِيفَةً )) .
العلامة الثالثة : أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها ،
فعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من علاماتها
أن الشمس تطلع صبيحتها لا شُعاع لها .
فالاجتهاد الاجتهاد في ما بقي من أيام وليالي هذه العشر، علنا نوافق ليلة
القدر ، وننال ما فيها من عظيم الثواب والأجر، اقتداء بالحبيب المصطفى
صلى الله عليه وسلم، وأن نكثر فيها من الدعاء والتضرع إلى المولى عز وجل لنا
ولإخواننا المسلمين .
لا حرمنا الله من خيرها ، وجعلنا الله ممن يوافقونها ، وينالون أجرها .
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين