الحمد لله ربِّ العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ،
أحمده تعالى و أشكره ، و أثني عليه و أستغفره ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدا عبده و رسوله ،
صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين .
أيّها المسلمون ، إنَّ الغريزةَ الجنسيّةَ مطبوعةٌ في دمِ الإنسان ،
و الله تعالى هو الذي خلَقَها بأمرِه و عِلمِه و حِكمتِه و ابتلائِه لخَلقِه ،
و جعلها وسيلةَ البقاء البشريّ ، و هو سبحانه أعلَمُ بما يُصلِحها ،
{ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }
إنَّ الإسلامَ لم يتجاهَل هذه الغريزةَ ، و لم يقتُلها بالرّهبانيّة ، و لا أطغاهَا بالإباحيّة ،
بل جَعَل لها شاطئًا آمنًا تسبَح إلى بحره ، و تطهُر في مائِه و تحيَا ببقائِه ، إنّه الزواج ،
أنبلُ صِفةٍ عرَفَتها الإنسانيّة لتكوينِ الأسرةِ و تربيةِ الأولاد و نشرِ الألفةِ و الرّحمة
و سكينةِ النفس في جوٍّ زّكيٍّ طهور ، مع ضبطِ المشاعر و ترشيدِها نحوَ مكانها الصّحيحِ
بدلاً من ضَياعِها و تيهِها في العَبَث و الفساد .
و المسلمُ مأمورٌ ببلوغ هذا المدَى حتى يتحصَّنَ بالحلال :
{ وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }
و قد كان مِن دعاءِ عباد الرحمن في القران :
{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }
و حتى بعدَ الزواج فينبغِي تنميةُ جانبِ العفّة و الصيانة ،
و مِنه ما يُشرَع للمرأة مِنَ التحبُّب لزوجِها و التودُّد و حُسن التبعُّل و قصرِ عينه لئلاَّ يتطلَّع لغيرها .
و كذلك الزوجُ ، يكفِي زوجتَه ، و يشبِع عاطفتَها بالكَلِمة الطيّبة و العِشرة الحسنة
و جبرِ الخواطر و سدِّ مداخل الشيطان و أداءِ أمانة القِوامة في الأهل و الأولادِ
و القيام بأمرِ الله في كل شؤون الحياة . و المؤمنُ أسيرٌ في الدنيا يسعَى في فكاكِ رقبته ،
لا يأمن نفسَه حتى يلقَى الله عزّ و جلّ ،
يعلَم أنّه مأخوذٌ عليه في سمعِه و بصرِه و لسانِه و جوارحِه ، و من يستعفِف يعفّه الله ،
و مَن كرُم عند الله فلن يخزيَه و لن يسوؤَه .
أسأل الله تعالى لي و لكم الهدى و التّقَى و العفافَ و الغنى .
هذا و أعلموا عباد الله أن الله قد أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه و ثنى بملائكته ثم أمركم به ،
فصلّوا و سلّموا على من أمركم الله بالصلاة عليه في محكَم التنزيل
فقال جلّ مِن قائل سبحانه :
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
اللهم صلِّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك سيدنا محمد
و على آله الطيبين الطاهرين و على أزواجه أمهات المؤمنين
و أرضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و علي ،
و عن الصحابة أجمعين و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
و عنَّا معهم بعفوك و إحسانك و جودك يا أكرم الأكرمين يا أرحم الراحمين .
و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه :
( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) .
فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ،
و أكمله و أثناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ،
و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، و تلقى منك سبحانك قبول و رضاء ،
يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء .
اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ،
و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك .
اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا
من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين .
اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،
و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة أمورنا ،
و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين
اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،
و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم
اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و جمع شملهم ...
ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم .