رفقا بنفسك أيتها الكريمة.. فالزواج ليس فريضة يهدم دينك إن لم تفعليه،
بل هو سنة الله في خلقه، يكتبها لمن يشاء، ويرزق بها من يشاء، ولا راد لقضاء الله،
فكم من عالم وعالمة أثروا التاريخ الإسلامي بالأبحاث والكتب،
ولم يكتب الله لهم أن يتزوجوا، ومع هذا ذاع صيتهم، وخلفوا وراءهم كنوزا فكرية ثمينة،
خيرا من كنوز الذهب والأحجار الكريمة، ولم يقلل هذا من شأنهم أبدا.
أختي الكريمة..
لماذا تعتزلين الناس؟ أو تكونين معهم بقلب حزين يائس،
وكل ذلك بسبب عدم زواجك، وهذا فيه اعتراض على قضاء الله، فيا أختي..
أنتِ لا تدرين ! قد يكون في بقائك دون زواج رحمة بك، فاشكري الله على أي حال،
ولا تحزني أو تعتزلي الناس، فهذا معناه شعورك بالنقص
وكأن عدم الزواج يخل في عقيدتك أو ينقص من إيمانك وكرامتك.
إذًا اشكري الله أن فضَّلك على كثير من خلقه، وقدر لك هذا الحال لحكمة لا تعلمينها..
ولعل فيها تخفيفا لذنوبك..
{ ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ ويُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا }
(سورة الطلاق آية: 5).
لن أنسى الجانب الهام، والذي هو سبب رغبة الفتيات في الزواج،
وهو الإنجاب وإشباع عاطفة الأمومة بداخلها،
وهنا أيتها الكريمة أتمنى منك أن تنظري حولك وتَرَيْ حال من تزوجت وقدر الله عليها عدم الإنجاب،
تخيلي شعورها وكيف هو حالها؟
فهي والله في شقاء وعذاب لأنها حُرمت من شيء هام، تسعى له كل امرأة،
والحزن يملأ نفسها بالتأكيد، والله يرحم حالها ويفرج عنها،
ويرزقها بالذرية الصالحة.
أختاه .. أليس حالك أفضل من حالها، فأنتِ محرومة من هذه العاطفة،
بينما تلك المرأة محرومة وفوق ذلك تشعر بالحزن،
لأنها سبب في حرمان زوجها من عاطفة الأبوة، وهذا يُشكّل ضغطا نفسيا كبيرا عليها.
أنتِ لديك أبناء إخوتك وأقربائك، فوجهي عاطفتك نحوهم،
وعلميهم وساعدي في تنشئتهم على أحسن الأخلاق وعلى طاعة الله،
وسيمتلئ قلبك بالسعادة الحقيقية ومعها الأجر العظيم.
لا تجعلي كل تفكيرك محصورا في الزواج،
فهكذا سيمضي العمر سريعا وموحشا عليك، بل اصرفي هذا التفكير عن بالك،
وتوكلي على خالقك، واجعلي همك رضى الله وتعلم دين الله،
فأنتِ إن لم تكوني عالمة بكتاب الله وحافظة له فقد فاتك الكثير،
فعليك بطلب العلم الشرعي وابتغاء وجه الله الكريم، وهكذا سيمر العمر وأنتِ كلك ثقة بنفسك وبالله لأنك توكلت على الله.