من:إدارة بيت عطاء الخير
درس اليوم
أحكام صيام الست من شوال
إن صيام الست من شوال له فضل وأهمية، فقد بيَّن الترمذي الأحكام بعد ذكر
الحديث في أهمية صيام الست من شوال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا
من شوال، فذلك صيام الدهر".
وقال الترمذي: "وقد استحبَّ قوم صيام ستة أيام من شوال بهذا الحديث".
قال ابن المبارك: "هو حسن، هو مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر"،
واختار ابن المبارك أن تكون ستة أيام في أول الشهر"، وقد روِي
عن ابن المبارك أنه قال: "إن صام ستة أيام من شوال متفرقًا،
فهو جائز.
ويذكر الإمام الترمذي قول الإمام الحسن البصري في أهمية صيام رمضان:
"عن الحسن البصري قال: كان إذا ذُكر عنده صيام ستة أيام من شوال،
فيقول: "والله لقد رضِي الله بصيام هذا الشهر عن السنة كلها".
هل هذا الصيام متتابع أم متفرق؟
يجوز صيام الست من شوال متتابعة أو متفرقة في شهر شوال، حسب ما
تيسَّر له، وإن أخَّرَها فلا بأس به، خصوصًا لمن ينزل لديه ضيوف، أو يجتمع
بأقاربه في العيد وبعده، والأمر في ذلك متسع، وكذلك يجوز الجمع في النيَّة
بين صيام أيام البيض والاثنين والخميس، مع صيام الست من شوال، ويرجى
له حصول الأجرين؛
(كما أشار إلى ذلك الشيخ عبدالعزيز بن باز وابن عثيمين رحمهما الله).
يقول الإمام النووي مبينًا الأمر في هذا الصدد: قوله صلى الله عليه وسلم:
"من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر" - فيه دلالة
صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه
الست، وقال مالك وأبو حنيفة: يُكره ذلك؛ قال مالك في الموطأ: "ما رأيتُ
أحدًا من أهل العلم يصومها".
قالوا: فيكره؛ لئلا يُظَنُّ وجوبُه، ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث
الصحيح الصريح، وإذا ثبتت السنة لا تُترك لترْك بعض الناس أو أكثرهم أو
كلهم لها، وقولهم: قد يُظَنُّ، يُنتقَض بصوم عرفة وعاشوراء وغيرهما من
الصوم المندوب؛ قال أصحابنا: والأفضل أن تصام الست متوالية عقب يوم
الفطر؛ فإن فرَّقها أو أخَّرها عن أوائل شوال إلى أواخره، حصَلت فضيلة
المتابعة؛ لأنه يصدق أنه أتبعه ستًّا من شوال، قال العلماء: وإنما كان ذلك
كصيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر،
والست بشهرين
يقول ملا علي القاري مبينًا معنى الحديث في ضوء قول الطيبي رحمه الله:
"لأنه صيام الدهر حكمًا بناءً على أن الحسنة بعشر أمثالها، كما بيَّنه خبر
النسائي بسند حسن: صيام شهر رمضان بعشرة أشهر،
وصيام ستة أيام بشهرين، فذلك صيام السنة"
خلاصة القول:
عُلِمَ من الأحاديث النبوية والآثار، وأقوال العلماء المتعلقة بمسألة صيام ست
من شوال - أن أفضلية صيام الست من شوال ثابتة، وهي مستحبة للآثار
الصحيحة الواردة في ذلك، وذلك بعد أن يفصل بينها وبين رمضان بإفطار
يوم العيد، وإذا كانت متتابعة أو متفرقة، جاز ذلك،
وتحصَّلت الفضيلة المرجوة.
أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين