عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 08-13-2013, 11:09 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

السرقة نزعة شريرة تحمل صاحبها على ارتكاب جرائم عديدة
فظيعة في سبيل الاستيلاء على مال غيره ،
خفية أو كرهاً بدافع من خبث الطبع وفساد المنشأ وسوء التربية ،
وهي عوامل تجره إلى ارتكاب جريمة القتل أحياناً إذا أعترضه معترض ،
وقد يصل به الإجرام إلى قتل الأب أو الأم أو الأخوة من أجل سلب أموالهم ،
و كثيراً ما سولت هذه النزعة الشريرة إلى خلق عصابات من الأشرار
تعبث بالأمن في كثير من الدول ،
وتستطيع بقوة سلاحها وإرهابها ووسائلها الإجرامية
أن تسطو على أموال البنوك وخزائن الحكومات ،
ومتاع الأغنياء تسلب ما فيها وتخرب وتدمر ما شاء لها التدمير والتخريب ،
وتعاني الحكومات من ويلاتها
وتنفق الأموال الطائلة في مكافحتها ومقاومتها،
وكثيراً ما فرضت هذه العصابات سلطانها على الأبرياء الآمنين و روعتهم .
وهؤلاء السارقون الذين يجمعون الأموال الطائلة المنهوبة
لا يجدون لها مصرفاً إلا مجال الموبقات والمنكرات ،
و شراء ذمم الناس للتستر عليهم وتحريضهم على الفجور بأموالهم
و نفوذهم ، و يلاحظ أن أكثر دور اللهو الميسر والدعارة
كلها من منشآة أثرياء اللصوص ويقوم على حمايتها أعوانهم الفجرة .
و نظراً لخطورة جريمة السرقة وويلاتها شرع الإسلام عقوبات قاسية
ورادعة تكفل القضاء عليها و التقليل من مضارها ،
مستهدفة بهذه العقوبات مصلحة الجماعة
لأنها تريد المحافظة على الضروريات اللازمة للناس في حياتهم
التي قوامها حماية النفس والعقل والنسل والمال
وقد انتهج الإسلام لتحقيق هذه الغاية وسيلتين رئيسيتين هما :
أولا : وسيلة تهذيب نفس المسلم ذاته عن طريق المجتمع الإسلامي القائم
على دعائم الاستقامة والمحبة والطهر والتعاون على البر والتقوى ،
وثانياً : وسيلة ما شرعه القانون الجنائي الإسلامي من إقامة الحدود
لحماية الضروريات اللازمة لأمن الإنسان فجعل حد الردة لحماية الدين
وحد القصاص للحفاظ على الأنفس ، و حد شرب الخمر لحماية لحماية العقل
، وحد الزنا والقذف لحماية العرض والنسل الخ ....
عقوبة السرقة :
واجهت الشريعة الإسلامية جريمة السرقة بعقوبة قاسية هي قطع اليد ،
لتكفل بذلك استئصال شأفة الجريمة ولتكوين بقسوتها رادعة
وزاجرة لكل من تسول له نفسه العدوان على مال الغير خفية أو غصباً ،
تهدف العقوبة إلى قطع اليد
لأنها هي الأداة التي استعملها السارق وساعدته على ارتكاب جريمته ،
وذلك لمنع استعمالها مرة أخرى في السرقة ،
وحكمة التشريع في قطع اليد
أنها تعتبر أن الجرائم الخطيرة لا يفلح في ردها إلا عقوبات صارمة ومؤلمة
، ليس فيها لين أو رخاوة ليكون الجزاء من جنس العمل ،
ولتكون العقوبة ملازمة للجاني و ظاهرة للناس و محذرة لهم .
شروط قطع اليد :
أشترط في السرقة المعاقبة عليها بقطع اليد
أن يكون الجاني بالغاً من الرشد عاقلاً وغير محتاج ولا مضطر للسرقة ،
وأن يكون المسروق مملوكاً للغير ومحفوظاً في حرز
ولا يقل نصابها عن سبعة عشر جراماً من الذهب أو ما يعادل ذلك نقداً ،
وهذا هو العقاب المقدر لحد القطع ، و إذا قل عن ذلك فلا قطع ،
وقد أتفق الفقهاء على قطع يد السارق اليمنى في السرقة الأولى
فإذا عاد للسرقة تقطع رجله اليسرى في رأي بعض الفقهاء
وذلك لشل حركة السارق فإذا عاد بعد ذلك فلا قطع
وإنما يحبس إلى مدة غير محدودة حتى يموت أو يتوب نهائياً .
حالات لا تقام فيها الحدود :
لا يطبق حد السرقة إذا حصلت في الأماكن العامة أثناء العمل فيها
وحيث لا حراسة فيها للمال أو في أماكن مأذون للجاني بدخولها ،
ولم يكن الشيء المسروق محرزاً ،
أو أن تحصل السرقة بين الأصول والفروع من أفراد الأسرة
أي بين الأب وولده أو بين الزوج و زوجته ،
أو كان المال المسروق مجهولاً لا يعرف صاحبه ،
أو كان الجاني دائناً لصاحب المال المسروق ، وكان مماطلاً وجاحداً ،
وان السارق استولى على ما يوازي حقه فقط .
و قد يحلو لبعض الناقدين الجاهلين بحكمة التشريع الإسلامي
أن يصفوا عقوبة قطع اليد بالقسوة وعدم الرحمة ،
ويتباكون على الأيدي المقطوعة ناسين أو متناسين
ما أحدثته هذه الأيدي الآثمة من أذى وقتل وتخريب وفساد في الأرض
وترويع الآمنين ، فهم يشفقون على الجاني ولا يشفقون على المجني عليهم
وحقيقة الواقع الذي لا خفاء فيها في عصرنا
أن الدول الإسلامية التي طبقت أحكام الشريعة الإسلامية
قلت فيها جرائم السرقة ،
ودليل ذلك ما يحدث في المملكة العربية السعودية التي طبقت شرع الله ،
فإنه لم يقطع فيها يد السارق إلا في القليل جداً من الحالات ،
وحبذا لو احتذت الدول الإسلامية الأخرى حذو المملكة العربية السعودية ،
ليهيء لألها الآمن و الطمأنينة على أموالهم و أنفسهم ،
و إنه من الإنصاف أن ننظر إلى قطع اليد لا يقصد الشرع به
الرغبة في قطع الأيدي ، بل هو الرغبة في سلامة هذه الأيدي من القطع
بمثل هذه العقوبة المخيفة التي تمنع السارق من ارتكاب جرائمه ،
فهل بعد ذلك رحمة في قسوة الأحكام التي تحفظ الأمن و تمنع الإجرام .
المصدر :
عن كتاب القرآن وإعجازه التشريعي
تأليف / الأستاذ محمد إسماعيل إبراهيم.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس