قال ابن العربي - رحمه الله -:
[ ولا مانعَ من قُدرة الله أن يُمكَّن كلُّ شيءٍ من الحيوان والجمادات أن يسجُد له ]
بل كلُّ ما له ظلٌّ في الكون يسجُد لله، قال - سبحانه -:
{ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ
ومع صلاة المخلوقات لله وسُجودهم له فإنهم يُسبِّحونه، قال تعالى:
{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ }
والرعد يُسبِّح بحمده وجلاً منه، والنملُ يُقدِّسُ الله ويُنزِّهُه عن الشريك والمثيل،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( قرصَت نملةٌ نبيًّا من الأنبياء، فأمرَ بقريةِ النمل فأُحرِقَت،
فأوحَى الله إليه: أن قرصَتك نملةٌ أحرقتَ أمةً من الأمم تُسبِّح ؟! )
والنباتُ يُسبِّح الله وحده
قال ابن القيم - رحمه الله -:
[ فتبارك الله ربُّ العالمين الذي يعلمُ مساقِط تلك الأوراق ومنابِتها،
فلا تخرجُ منها ورقةٌ إلا بإذنه، ولا تسقُط إلا بعلمِه،
ومع هذا فلو شاهَدَها العبادُ على كثرتها وتنوُّعها وهي تُسبِّح بحمد ربِّها مع الثمار
والأفنان والأشجار لشاهَدوا من جمالِها أمرًا آخر،
ولرأوا خِلقتَها بعينٍ أخرى، ولعلِموا أنها لشأنٍ عظيمٍ خُلِقَت ]
وكان الصحابةُ - رضي الله عنهم :
وهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يسمَعون تسبيحَ الطعام،
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -:
( ولقد كُنَّا نسمعُ تسبيحَ الطعام وهو يُؤكَل )
وكلُّ ذرَّةٍ في الكون تُوحِّدُ الله، قال تعالى:
{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ }
قال ابن كثيرٍ - رحمه الله -:
[ وهذا عامٌّ في الحيوانات والجمادات والنباتات ]
وكيفيةُ التسبيح لا يعلمُها إلا الله، قال - عز وجل -:
{ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ }
ومع تسبيحِ الحجارة لله تهبِطُ من علوِّها خشيةً لله خاضعةً مُنكسِرةً له،
{ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ }
والسماءُ والأرضُ مُطيعةٌ لله مُمتثلةٌ أمرَه، قال لهما:
استجِيبَا لأمري طائعتَين أو مُكرهتَين
{ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }
[ فصلت: 11].