عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-29-2013, 07:36 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد النبوي بعنوان : رمضان موسم الخير و البركة



ألقى فضيلة الشيخ عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان :
رمضان موسم الخير والبركة
والتي تحدَّث فيها عن العبادة وأثرها في حياة المسلم، وأن الله - جل وعلا
أمرَ بها جميعَ أنبيائِه ورُسُله؛ بل أرسلَهم لدعوة الناس إليها،
وبيَّن أن الله تعالى تفضَّل على عباده في كل عامٍ بشهر رمضان المبارك،
وذكرَ بعضًا من فضائلِه الوارِدة في سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -،
حاثًّا عموم المسلمين على المُسارعة والتنافُس في فعل الخير،
والاستِعداد بالطاعات لشهر الخيرات والبركات.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له،
ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، وراقِبوه في السرِّ والنجوى.
أيها المسلمون:
أشرفُ الأعمال ما فيه عزُّ المخلوق بطاعة الخالق،
ولا طريق إليها إلا بعبادتِه - سبحانه - والتذلُّل له، قال تعالى:
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا }
[ فاطر: 10 ]
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -:
[ كلما ازداد العبدُ تحقيقًا للعبوديَّة ازداد كمالُه وعلَت درجتُه ]
والله تعالى أثنَى على خليلِه بأدائِها، فقال:
{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ }
[ هود: 75 ].
وأمرَ كليمَ الرحمن بها، فقال:
{ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي }
[ طه: 14 ].
وكان داود - عليه السلام - كثيرَ العبادة له - سبحانه -،
فكان يصومُ يومًا ويُفطِر يومًا، وينام نصفَ الليل ويقوم ثُلَثَه وينامُ سُدُسَه.
وجاءَت البُشرى لزكريا - عليه السلام - وهو يتعبَّدُ الله،
{ فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى }
[ آل عمران: 39 ]
وقال عيسى - عليه السلام - لقومِه:
{ وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ }
[ مريم: 36 ]
وقال الله تعالى لنبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -:
{ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ }
[ الزمر: 66 ]
فامتثَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرَ ربِّه،
فكان يُصلِّي من الليل حتى ترِمَ قدَماه، ويعتكِفُ ليالِيَ في العام.
وأمرَه الله أن يُخبِرَ الناسَ بأنه يعبُد الله وحدَه لا شريك الله، فقال :
{ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ }
[ الرعد: 36 ]
وأمرَ الله كفَّارَ قريشٍ بصرف العبادة له ون ما سِواه، فقال:
{ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ }
[ قريش: 3 ].
وحثَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على كثرة التعبُّد لله وحدَه، فقال:
( عليك بكثرَة السُّجود لله؛ فإنك لا تسجُدُ لله سجدةً
إلا رفعَك الله بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً )
رواه مسلم.
وألزَمَ تعالى جميعَ الخلق بعبادتِه؛ إذ هي الحكمةُ من خلقِهم،
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
[ البقرة: 21 ].
وأمرَ المؤمنين بالقيام بها، فقال:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ }
[ الحج: 77 ].
وإذا نشأَ المسلم من صِغَره على العبادة أظلَّه الله تحت ظلِّ عرشِه.
ووصفَ الله الصحابةَ بكثرة الصلاة والتضرُّع إليه، فقال في وصفِهم:
{ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا
سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ }
[ الفتح: 29 ]
قال ابن كثير - رحمه الله -:
[ فالصحابةُ خلُصَت نيَّاتُهم وحسُنَت أعمالُهم،
فكلُّ من نظرَ إليهم أعجَبوه في سَمتهم وهديِهم ]
وعلى هذا النَّهج القَويم من خشية الله وكثرة عبادتِه سارَ سلَفُ الأمة - رحمهم الله -؛
قال البزَّارُ عن شيخ الإسلام - رحمه الله -:
[ أما تعبُّدُه فإنه قلَّ أن سُمِع بمثلِه؛ لأنه كان قد قطَعَ جُلَّ وقتِه وزمانِه فيه،
وكان إذا أحرَم بالصلاة تكادُ تتخلَّعُ القلوبُ لهَيبَة إتيانِه بتَكبيرة الإحرام ]
وقال ابن كثير - رحمه الله - عن ابن القيم - رحمهم الله -:
[ ولا أعرفُ في هذا العالَم في زمانِنا أكثرَ عبادةً منه ]
والعبادةُ هي رُوح العبد وسعادتُه، ويجبُ الصبرُ عليها في الحرِّ والقُرّ، قال تعالى:
{ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ }
[ مريم: 65 ].
ولحاجة العبد لها فلا أمَدَ لها ينقَضِي في الحياة، قال - عز وجل -:
{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }
[ الحجر: 99 ].
ولفضلِ الله السابِغ على خلقِه يُعيدُ عليهم كلَّ عامٍ شهرًا مُبارَكًا
جعلَه مغنمًا للتعبُّد في ليلِه ونهارِه، ومن كرمِه أن نوَّع لهم فيه الفضائلَ والطاعات.
وها هي أيامُه وليالِيه قد أزِفَت مليئةً بخيراتِها وبرَكاتها،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( أتاكُم رمضان، شهرٌ مُباركٌ فرضَ الله عليكم صِيامَه،
تُفتَحُ فيه أبوابُ السماء، وتُغلَقُ فيه أبوابُ الجَحيم، وتُغلُّ فيه مرَدَةُ الشياطين،
لله فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهر، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِم )
رواه مسلم.
يُؤدِّي المسلمون فيه ركنًا من أركان الإسلام،
تنطلِقُ فيه النفوسُ إلى المُنافسَة في الصالِحات، قال - عليه الصلاة والسلام -:
( إذا دخلَ رمضان فُتِّحَت أبوابُ الجنة، وغُلِّقَت أبوابُ جهنَّم، وسُلسِلَت الشياطين )
متفق عليه.
قال ابن العربي - رحمه الله -:
[ وإنما تُفتَّحُ أبوابُ الجنة ليعظُم الرجاءُ، ويكثُر العملُ، وتتعلَّق به الهِمَم،
ويتشوَّقَ إليها الصابِرُ، وتُغلَّقُ أبوابُ النار لتُخزَى الشياطين، وتقِلَّ المعاصِي ]
وثوابُ الصيام ليست الحسَنةُ فيه بعشر أمثالِها، وإنما أجرُه بغير حسابٍ،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( قال الله: كلُّ عملِ ابن آدمَ له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزِي به )
متفق عليه.

رد مع اقتباس