عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-08-2018, 09:37 AM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,597
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان :وقَفات للعِبر والعِظات

خُطَبّ الحرمين الشريفين
خطبتى الجمعة من المسجد الحرام
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان:

وقَفات للعِبر والعِظات ،

والتي تحدَّث فيها عن انقِضاءِ عامٍ وحُلُولِ عامٍ هجريٍّ جديدٍ،

وحضَّ على وجوب الوقوف مع النَّفسِ في نهايةِ العامِ؛ لكي ينظُر

فيما سلَفَ مِن أعمالِه، ويُغيِّر مِن حالِه إلى الأفضَل - بإذن الله تعالى -،

كما وجَّه التنبيهات المهمة للطُّلَّاب والطالِبات والمُعلِّمين وأولياءِ الأمور.



الخطبة الأولى

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه ونتوبُ إليه، ونُثنِي عليه الخيرَ

كلَّه ثناءً كثيرًا طيبًا مديدًا، مِلءَ الآفاق مُبارَكًا مزيدًا.

لك الحمدُ حمدًا أنتَ وفَّقتَنا لهُ



وعلَّمتَنا مِن حمدِكَ النَّظمَ والنَّثْرَا



لك الحمدُ حمدًا نبتَغِيهِ وسيلَةً



إلَيكَ لتجديدِ اللَّطائِفِ والبُشرَى



وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعلَ لنا مِن تصرُّم الزمانِ

عِبَرًا عِظامًا، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا مُحمدًا عبدُ الله ورسولُه خيرُ مَن

حاسَبَ نفسَه - بأبي هو وأمي - قُدوةً وإمامًا، صلَّى الله وبارَك عليه وعلى آله

المُتألِّقين بُدورًا وأعلامًا، وصحبِه البالِغين مِن الهِمَّة الشَّمَّاء مجدًا ترامَى،

والتابِعين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا ما تعاقَبَ الملَوَان ودامَا.

أما بعد .. فيا عباد الله:

اتَّقُوا الله ربَّكم، واحذَرُوا الغفَلات والاغتِرار، واعتبِرُوا بتقضِّي الدُّهور والأعمار،

واتَّخذُوا تقوَاه - سبحانه - ألحَبَ سبيلٍ لكم ومنار؛ تفوزُوا –

يا بُشراكُم - بالنَّعيم المُقيم وأزكَى القرار،

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

[آل عمران: 102].

معاشِر المُسلمين:

وبعد أن نعِمَ حُجَّاجُ بيت الله الحرام بموسمِ حجٍّ ناجحٍ ومُتميِّزٍ،

نُجدِّدُ الشُّكرَ لله - سبحانه وتعالى -،

فلله الحمدُ والشُّكرُ أولًا وآخرًا، وباطنًا وظاهرًا.

وفي هذا الأوان الذي جدَحَت فيه يدُ الإملاق كأسَ الفِراق، وأوشكَ العامُ فيه

على التَّمام والإغلاق، لا بُدَّ لأهل الحِجَى مِن وقَفات للعِبرةِ ومُراجعة الذات،

وتجديدِ الثِّقة والثَّبات، والتفكُّر فيما هو آت.

عامٌ أهابَ به الزَّمانُ فأقبَلَا

يُزجِي المواكِبَ بالأهِلَّةِ حُفَّلَا

أسَرَ الحوادِثُ فهِيَ في أحنائِهِ

تأتِي وتذهَبُ في الممالِكِ جُوَّلَا

فمَن لم يتَّعِظ بزوال الأيام، ولم يعتبِر بتصرُّم الأعوام، فما تفكَّرَ في مصيرِه

ولا أناب، ولا اتَّصَفَ بمكارِمِ أُولِي الألباب، قال المولَى الرحيمُ التواب:

{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي

الْأَلْبَابِ }


[آل عمران: 190].

فالتأمُّلُ والتدبُّرُ في حوادِثِ الأيام وتعاقُبِها مطلبٌ شرعيٌّ، ولا ينِدُّ عن فهم

الأحوذِيِّ الحقيقةُ القاطِعةُ السَّاطِعةُ كَونُ الآخرة أبدًا، والدُّنيا أمَدًا،

وأعمالُنا فيها مشهُودة، وأعمارُنا معدُودة، وأقوالُنا مرصُودة،

والودائِعُ مردُودة، والآجالُ محتُومة.

إنَّا لنَفرَحُ بالأيامِ نقطَعُها

وكلُّ يومٍ مضَى يُدنِي مِن الأَجَلِ

والمقامُ - يا عباد الله - لتبصيرِ النُّفوس وإرشادِها، وتصحيحِ عِثارِ المسيرة

وتذليلِ كِئادِها، وتوجيهِ الأمة المُبارَكة شطرَ العلاء الوثَّاب،

والحَزم الهادِفِ الغلَّاب. فما أحوجَ أمَّتنا في هذه السَّانِحة البينيَّة أن تنعطِفَ

حيالَ أنوار البصيرة، فتستدرِكَ فرَطَاتِها، وتنعتِقَ مِن ورَطَاتها،

وتُفعَمَ رُوحُها بمعانِي التفاؤُل السنيَّة، والرَّجاءات الربَّانيَّة، والعزائِم الفُولاذيَّة،

وصوارِمِ الهِمَم الفتِيَّة؛ كي تفِيءَ إلى مراسِمِ الاهتِداء والقِمَم،

وبدائِعِ الخِلال والقِيَم، على ضوء الموردِ المَعِين، والنَّبْع الإلهيِّ المُبين هَدي

الوحيَين الشريفَين، مُستمسِكةً بالتوحيد والوحدة،

مُعتصِمةً بالكتابِ والسنَّة على منهَج سلَف

هذه الأمة؛ تحقيقًا لقَول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

( ترَكتُ فيكم أمرَين لن تضِلُّوا ما إن تمسَّكتُم بهما: كِتابَ الله وسُنَّتي )؛

أخرجه مالكٌ في الموطأ .

أيها المُسلمون:

وفي زمانٍ كشَفَت فيه الفِتَنُ قِناعَها، وخلَعَت عِذارَها، إنَّا لنُرسِلُها هتَّافة،

ونُكرِّرُها ردَّافة في ختامِ عامِنا الهِجريِّ، واستِشرافِ عامٍ جديدٍ بهِيٍّ:

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }

[الرعد: 11].

فهلُمُّوا - عباد الله - إلى تجديدِ الثِّقة، والتغيير الإيجابيِّ المُنعكِسِ

بصِدقٍ وإخلاصٍ ورُسُوخٍ على صعِيد الواقع والتربية والسُّلُوك،

التغيير الذاتيّ الذي يبنِي المُجتمعات، ويستشرِفُ الخيرَ للأجيال الصَّاعِدة؛

ليكون النَّجَحُ معقُودًا بنواصِيها، والمجدُ مُكتنِفًا مطاوِيها، ويكون ديدَنُها

جمعَ الشَّمل، ودرءَ الفتن، ووأد الشُّبُهات،

واستِشعار جلال الأُلفَة والجماعة، وما تقتَضِيه مِن السَّمع والطاعة.

أمة الإسلام:

وإنَّ مما يُثيرُ الأسَى أن نرَى أقوامًا مِن أبناءِ الأمة قذَفُوا بأنفسِهم في

مراجِلِ الفتَن العَميَاء، والمعامِعِ الهَوجَاء، في بُعدٍ واضِحٍ عن الاعتِدال

والوسطيَّة، وهذا تفريطٌ وجفاءٌ، وتنكُّرٌ واضِحٌ لسبيلِ الحُنفاء الأتقِياء.

وإنَّ تنكُّرَ هذه الفِئام لمبادِئ دينِهم، ولهَثِهم وراءَ شِعاراتٍ مُصطنَعة،

ونِداءاتٍ خادِعةٍ، وأجِنداتٍ خطيرةٍ لَهُوَ الأرضيَّةُ المُمهِّدةُ للعدوِّ المُتربِّص،

وأمثالُ هؤلاء جرَّأوا الخُصومَ الألِدَّاء على العبَثِ بمُقدَّسات الأمة

ومُقدَّراتها، ومُمارسَة الإرهابِ المُتتابِع ضدَّ إخوانِنا في الأرضِ

المُبارَكة فلسطين والمسجِد الأقصَى أمام سَمع العالَم وبصَرِه.

وفي خِتامِ عامٍ مُنصَرِمٍ وآخر مُستشرِف لنُجدِّدُ الثِّقةَ التي استقرَّت

في السُّوَيداء وحُقَّت، وانداحَت في الرُّوح وترقَّت، بل ونستأنِسُ بها في هذا

العالَم المُضطرِب ثِقةً وثيقةً، وبَيعةً صادقةً مُخلِصةً لوُلاةِ أمرِنا وأئمَّتنا

وقادتِنا وعُلمائِنا، ولنكون لهم - بإذن الله - سنَدًا وظَهيرًا في مُواجهة الفتَن

والتحديات، ودرء الشُّبُهات ودَحر الشَّهوات، في عالمٍ يمُوجُ بالمُتغيِّرات والأزمات.

أمة العلم والثِّقة:

وفي الوقتِ الذي تُشَنُّ فيه الحَمَلات على أجيالِنا لتفُتَّ في هِمَمهم، يجدُرُ

بنا أن نُجدِّدَ الثِّقةَ في نفوسِ أبنائِنا وشبابِنا، وطُلَّابِنا وفتَياتِنا

وهم يتوجَّهُون إلى صُروح العلوم والمعارِف للنَّهل مِن مَعين العلمِ

والمعرِفة في بدايةِ عامٍ دراسيٍّ حافِلٍ بالمُعطيات والمُنجَزات.

فطُلَّابُنا سواعِدُ أوطانِنا، وركائِزُ نهضَتِنا، وهم الأملُ - بعد الله -

في مُستقبَل البلاد الواعِدِ، مما يُؤكِّدُ مسؤوليَّة المُعلِّمين وأولياءِ أمور

الطُلَّاب والطالِبات، والعِناية بالمناهِجِ والمباهِج التربوية،

والتحصِين العقديِّ والفكريِّ والأخلاقيِّ، فتجديدُ الثِّقة عامِلٌ

مِن أهمِّ عوامِلِ بِناء الشخصيَّة السوِيَّة.

ومعدُومُ الثِّقة لا تراهُ إلا مُضطرِبًا مُنهَزِمًا، مُحتارًا مُتردِّدًا، صاحِبُ الثِّقة

يتَّسِمُ بالرسُوخ والثبات، لا ترُدُّه عن المُضِيِّ في أداء رِسالتِه في خدمةِ

دينِه ووُلاةِ أمرِه ووطنِه نفَثَاتُ حاقِد، ولا نقدُ حاسِد، ولا تغريداتُ مأزُوم،

ولا نعيقُ مهزُوم.

أما أدركَ هؤلاء أنَّ أنامِلَهم مُستنطَقة، وأيدِيَهم مُستشهَدة؟!

ألا ما أحوَجَ الأمة في خِتامِ عامِها إلى التوبةِ والاستِغفار والإنابة،

وتجديدِ الثِّقة بربِّها - سبحانه - أولًا، ثم بأنفسِها وطاقاتِ أبنائِها،

في مُنازلَة الأفكار المُتطرِّفة، ومُكافحَة فُلُول الغلُوِّ والإرهاب،

ودُعاة التحرُّر والإقصاء والكراهِية، والشَّائِعات المُغرِضة،

والظُّلم والقهر، والتسلُّط والعُنف

، والهيمَنَة والتعالِي، والانهِزاميَّة والانحِلال.

والمُتنكِّرِين لدينِهم وهويَّتهم، الخائِنِين لأوطانِهم وبلادِهم، الخارِجين

على وُلاة أمرِهم وأئمَّتهم، وتعزيزِ قِيَم التسامُح والحِوار والسلام،

والاعتِدال والولاء والانتِماء، مُتسلِّحين بالاعتِصام بالكتاب والسنَّة،

والسَّير على منهَج سلَف الأمة، مُستثمِرين مُقدَّرات العصر ومُعطياتِه

ومُكتسَبَاتِه في جَمع الكلِمة ووحدة الصفِّ، ونَبذ الفُرقة والخِلاف،

ونشر رسالة الإسلام الوسطيِّ المُعتدِل، وتقوية الوحدة الدينيَّة،

واللُّحمة الوطنيَّة، جَمعًا بين الأصالة والمُعاصَرة؛ لتحقيق سعادة الدنيا والآخرة.

ولنَثِق دائمًا أنَّه

على قَدْرِ أهل العزْمِ تأتِي العزائِمُ

وتأتِي على قَدْرِ الكِرامِ المكارِم

وتعظُمُ في عينِ الصَّغيرِ صِغارُها

وتصغُرُ في عينِ العظيمِ العظائِمُ


ألا فليكُن عامُ الأمة الجديدُ السعيدُ للتشاؤُم والتضاؤُل ناسِخًا،

وللإحباطِ والتقاعُس فاسِخًا، ولتدأَب أن نكون بالتوكُّل على الله - عزَّ وجل -

واستِمداد العزم والتوفيقِ مِنه كالنُّور الساطِع يُبدِّدُ الظُّلُمات،

ويستحِثُّ للمكرُمات العزَمَات، وكالغَيث الهامِي النَّافِع يُحيِي مِن الأمل

ما ذَبُل وفات؛ لنسعَدَ ونفُوز، وللنَّصر والتمكين نحُوز، وما ذلك على الله بعزيز.

أعوذُ بالله مِن الشيطان الرجيم:

{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }

[العنكبوت: 69].

اللهم بارِك لنا في القُرآن العظيم، وانفَعنا بهَدْيِ سيِّد المُرسَلين، وثبِّتنا

على السنَّة والجماعة والصراط المُستقيم يا جوادُ يا كريم، أقولُ قولِي هذا،

وأستغفِرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافَّةِ المُسلمين والمُسلِمات مِن

جميعِ الذنُوبِ والخَطِيئات؛ فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنَّ ربِّي غفورٌ ودُود.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله،

وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَن دعا بدعوتِه واهتَدَى بهُداه.

أما بعد .. فيا عباد الله:

اتَّقُوا الله حقَّ تُقاتِه، واسعَوا لطاعةِ ربِّكم ومرضاتِه؛

فالأعمالُ في انقِضاءٍ وانخِرام، والأعوامُ في إدبارٍ وانصِرام،

{ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ

وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }


[البقرة: 281].

إخوة الإيمان:

وإنَّ مما يبعَثُ الأملَ في النُّفوس، ويُثبِّتُ العزائِمَ قبل الرُّمُوس تجديدَ الثِّقة

أنَّ بلادَ الحرمَين الشريفَين - حرَسَها الله -، وقد خصَّها الله بفضائِلَ جمَّة،

وخصائِصَ كريمة ماضِيةٌ بكل ثِقةٍ في نُصرة قضايا الإسلام والمُسلمين

في كل مكان، وخِدمةِ الحرمَين الشريفَين وقاصِدِيهما وضيُوف الرَّحمن

- جعلَه الله في موازِينِها -، حريصةٌ على مُقدَّسات المُسلمين أشدَّ الحِرص.

ومَن أجدَرُ مِن بلادِ الحرمَين الشريفَين المملكة العربية السعودية،

وهي التي تتمتَّعُ - بفضلِ الله - بالعُمق الدينيِّ، والثِّقَل العالميِّ، والعُمق الاستراتيجيِّ،

والمكانة الدوليَّة المرمُوقة، وهي المُؤهَّلةُ دينيًّا وتأريخيًّا وحضاريًّا

مِن حمل الرايةِ في الأزمَات الخانِقة، وذلك بإبرازِ النَّموذج الإسلاميِّ الحضاريِّ

المُوفَّق بإشراقاتِه وجماليَّاتِه في كل مجالٍ مِن

المجالات، ولا عزاءَ للمُغرِضين والشَّانِين والمُزايِدِين.

ألا فاتَّقُوا اللهَ - عباد الله -، وابتَدِرُوا غُرَّة الشُّهور مِن العام بالقُرُبات،

والصيامِ والطاعات، يقولُ - صلى الله عليه وسلم -:

( أفضلُ الصِّيام بعد شهر رمضان: شهرُ الله المُحرَّم )؛

أخرجه مسلم.

وتذكَّرُوا - يا رعاكم الله - حُسنَ ثِقة صاحِبِ الهِجرة - بأبي هو وأمِّي

- صلى الله عليه وسلم - بربِّه

- { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا }

- [التوبة: 40]،

( يا أبا بَكر! ما ظنُّكَ باثنَينِ اللهُ ثالِثُهما؟! ).

الله أكبر .. إنَّها الثِّقةُ المُطلَقة بالنَّثر والتمكِين مهمَا احلَولَكَت الظُّلُمات،

وكثُرَت التحديات، واللهُ المسؤولُ أن يتقبَّلَ مِنَّا ومِنكم صالِحَ الأعمال،

ويُحقِّقُ لنا فيما يُرضِيه التطلُّعات والآمال.

هذا، وصلُّوا - رحِمَكم الله - على خير البرايا مِن الأُمم، الهادِي إلى

الطريقِ الأَمَم، كما أمرَكم المَولَى الرحيم، فقال في كتابِه الكريم:

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ

وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }


[الأحزاب: 56].

وقال - صلى الله عليه وسلم -:

( مَن صلَّى علَيَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا ).



وصلِّ ربِّ على المُختارِ مِن مُضَرٍ



ما غرَّدَت فوقَ غُصنِ البَانِ وَرقاءُ



والآلِ والصَّحبِ والأتباعِ قاطِبةً



ما لاحَ بَرقٌ تلاه وَمضٌ وأصدَاءُ



وارضَ اللهم عن الخُلفاءِ الراشِدِين، الأئمة المهديين: أبي بكرٍ،

وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائِرِ الصحابةِ والتابِعِين،

وآل البيتِ الطيبين الطاهِرين، وعن الطاهرات أمهات المُؤمنين،

وعنَّا معَهم برحمتِك يا أرحمَ الراحِمِين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين،

وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَ الدِّين، واحمِ حَوزَة الدين،

واجعَل هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائِرَ بلادِ المُسلمين.

اللهم آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلِح واحفَظ أئمَّتنا ووُلاةَ أمورِنا، وأيِّد بالحقِّ

إمامَنا خادمَ الحرمَين الشريفَين، اللهم وفِّقه لِما تُحبُّ وتَرضَى،

وخُذ بناصِيتِه للبرِّ والتقوَى، وهيِّئ له البِطانةَ الصالِحةَ التي تدُلُّه

على الخير وتُعينُه عليه، اللهم اجزِه خيرَ الجزاء وأوفرَه كِفاءَ ما قدَّم

للحرمَين الشريفَين وقاصِدِيهما، اللهم اجعَل ذلك في موازِين أعمالِه الصالِحة،

اللهم شُدَّ أزرَه بوليِّ عهدِه يا حيُّ يا قيُّوم،

اللهم وفِّقهم لما تُحبُّ وترضَى يا ذا الجلال والإكرام.

ووفِّق جميعَ وُلاة أمور المُسلمين للعمل بكِتابِك، واتِّباع سُنَّة نبيِّك –

صلى الله عليه وسلم - يا سميعَ الدُّعاء.

اللهم تقبَّل مِن حُجَّاج بيتِك الحرام حجَّهم، اللهم اجعَل حجَّهم مبرُورًا،

وسعيَهم مشكُورًا، وذنبَهم مغفُورًا، وأعِدهم إلى بلادِهم سالِمين

غانِمين مأجُورين غيرَ مأزُورين.

اللهم وفِّق رِجالَ أمنِنا، اللهم وفِّق رِجالَ أمنِنا، وجُنودَنا المُرابِطين

على ثُغورِنا وحُدودِنا، اللهم سدِّد رميَهم، اللهم سدِّد رميَهم،

واقبَل شُهداءَهم، وعافِ جَرحَاهم، واشفِ مرضاهم،

ورُدَّهم إلى أهلِيهم مُنتصِرين غافِرين

يا ربَّ العالمين.

اللهم اجعَل عامَنا الجديدَ عامَ خيرٍ وبركةٍ ونصرٍ وتمكينٍ للإسلام

والمُسلمين في كل مكان، اللهم اختِم لنا عامَنا هذا

برِضوانِك وغُفرانِك، والعِتقِ مِن نيرانِك.

اللهم اجعَل خيرَ أعمالِنا خواتِمَها، وخيرَ أعمارِنا أواخِرَها، وخيرَ

أيامِنا يومَ نلقَاك.

اللهم وفِّق أبناءَنا وطُلَّابَنا وفتياتِنا، اللهم ارزُقهم النَّجاحَ والفلاحَ

والصلاحَ يا حيُّ يا قيُّوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم كُن لإخوانِنا المُستضعَفين في دينِهم في كل مكان،

اللهم أنقِذِ المسجِدَ الأقصَى، اللهم أنقِذِ المسجِدَ الأقصَى

مِن براثِنِ الصَّهايِنةِ الغاصِبين المُعتَدين المُحتلِّين.

اللهم أصلِح حالَ إخوانِنا في العِراق، وفي اليمَن، وفي أراكان،
وفي كل مكانٍ يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصُر إخوانَنا في بلادِ الشَّام،

اللهم انصُر إخوانَنا في بلادِ الشَّام على الطُّغاة المُجرِمين الظَّالِمين يا قويُّ يا عزيز.

اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أنت اللهُ لا إله إلا أنت،

أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا مِن القانِطين،

اللهم سُقيا رحمةٍ، لا سُقيا عذابٍ، ولا بلاءٍ، ولا هدمٍ، ولا غرقٍ.

اللهم إنَّا نستغفِرُك إنَّك كنتَ غفَّارًا، فأرسِلِ السماءَ علينا مِدرارًا.

{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

[البقرة: 201].

ربَّنا تقبَّل منَّا إنَّك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنَّك أنت التواب الرحيم،

واغفِر لنا ولوالِدِينا وجميعِ المُسلمين والمُسلِمات، إنَّك سميعٌ قريبٌ مُجيبُ الدعَوات.

سُبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عمَّا يصِفُون، وسلامٌ على المُرسَلين،

وآخرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين.

رد مع اقتباس