عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-07-2013, 11:38 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

وأن على المسلم أن يتقي الله تعالى ويديم ذكره بالقلب واللسان والجوارح،


سراً وعلانيةً، وفي كل حال، فإن الله مع الذاكرين،



لما ورد في الحديث القدسي


عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال :


قال النبي صلى الله عليه و سلم :



( يقول الله تعالى :


أنا عند ظنِّ عبدي بي ، و أنا معه إذا ذكرني ،


فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ،


وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خير منهم ،


و إن تقرب إليّ بشبرٍ تقربت إليه ذراعاً ،


و إن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ،


و إن أتاني يمشي أتيته هرولة )



رواه البخاري ومسلم.



الذكر: يقصد به تحريك الشفتين واللسان بذكر الله تعالى بصيغ مختلفة،


وهو أفضل من الدعاء، والذكر رأس الشكر لله تعالى،


والذكر هو الثناء على الله عزّ وجل بجميل أوصافه وآلائه وأسمائه وصفاته.


ويجب إدراك أن الله غني عن العالمين،


ولكن الفرح كل الفرح أن تفرح بأن الله يعينك على ذكره،


فكثرة ذكر العبد لله مما يدل على قربه من الله،



قال تعالى :



{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152) }



(سورة البقرة).



فذكر الله نعمة كبرى، ومنحة عظمى، به تستجلب النِّعم، وبه تستدفع النقم،


وهو قوت القلوب، وقرة العيون، وسرور النفوس، وروح الحياة، وحياة الأرواح،


فما أشد حاجة العباد إليه، وما أعظم ضرورتهم إليه،


لا يستغني عنه المسلم بحال من الأحوال،


هو حياة السرائر، وأنس الضمائر، وأقوى الذخائر، وأعظم زاد يلقى به العبد ربه.



قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :



( سبق المفردون، قالوا : و ما المفردون يا رسول الله ؟


قال : الذاكرون الله كثيراً و الذاكرات )



أخرجه مسلم،



فلله تعالى عظيم الملكوت والجبروت،


وله الكبرياء في السموات والأرض وهو اللطيف الخبير.


وذِكْر الله تعالى يكون فكرياً بالقلب، وقولاً باللسان، وفعلاً بالجوارح.


فأما ذكر الله تعالى فكرياً بالقلب، فإن معناه أن يكون ذكر الله وتعظيمه دائماً،


بمعنى أن فكر الإنسان وقلبه متعلقاً بالله تعالى، فيستحضر عظمة ربه وآياته،


ويستحضر نعمه العامة والخاصة،


فاستحضار النية عند الفعل والعمل الصالح ذكرٌ لله سبحانه تعالى.


ومما يدل على ذكر الله بالفكر والقلب ما يشاهده من مخلوقاته وآياته


في السموات وفي الأرض والظواهر الطبيعية والكونية


التي تدل على عظمة الله سبحانه وتعالى وإحاطته بكل شيء .



وأما ذكر الله قولاً باللسان فهو النطق بكل ما يُقرب إلى الله من الأقوال،


فالبسملة ذكرٌ، والتعوذ ذكرٌ، والتسبيح ذكرٌ، والتحميد ذكرٌ، والتهليل ذكرٌ،


والتكبير ذكرٌ، والحوقلة ذكرٌ، والحسبلة، والاستغفار ذكرٌ، والتوبة ذكرٌ،


والدعاءُ ذكرٌ، والتلبية ذكرٌ، ورفع الأذان والإقامة ذكرٌ،


وتلاوة القرآن الكريم ذكرٌ



( بل هو أفضل الذكر ) ،



وقراءة تفسير القرآن الكريم ذكرٌ، وقراءة الأحاديث النبوية ذكرٌ،


وقراءة العلوم الشرِّعية ذكرٌ لأنها ذكرٌ لأحكام الله وتشرِّيعاته


ونصيحةٌ لعبادِ الله تعالى وإرشادٌ لهم، وكذلك إرشاد العباد ذكرٌ،


والأمر بالمعروف ذكرٌ، والنهي عن المنكر ذكرٌ،


وكذلك أذكار ما بعد الصلاة، وطرفي النهار،


والأذكار عند العوارض والأسباب، كلها ذكرٌ لله تبارك وتعالى.


وأما ذكر الله بأفعال الجوارح فهو يشمل كل فعل يُقرِّب إلى الله عزَّ وجل، فالطهارة ذكرٌ،


والمشي إلى الصلاة ذكرٌ، والصلاة ذكرٌ، والصيام ذكرٌ،


والحجُّ ذكرٌ، والعمرة ذكرٌ، والطواف ذكرٌ، والزكاة ذكرٌ، والصدقة ذكرٌ،


وبرُّ الوالدين ذكرٌ، وصلة الأرحام ذكرٌ، وزيارة المريض وعيادته ذكرٌ،


و اتباع الجنازة ذكرٌ، والسّعي في كل عمل صالح ذكرٌ،


وكل فعل يقرِّب إلى الله فهو ذكرٌ، لأن التقرب إلى الله لا يكون إلا بنيّةٍ.



إن الدين الإسلامي كله ذكرٌ لله سبحانه وتعالى،


ولقد شرِّع الله الحكيم العليم الرحيم لعباده أن يذكروه في كل موقف ومناسبة،


وفي كل أمرٍ من أمور الحياة، ليكونوا بذلك دائماً في ذكرٍ له سبحانه وتعالى.



ومصدر ذكر الله تعالى هو القرآن الكريم


وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم،


اللذان شملت جميع مجالات الذكر الفكرية والقولية والفعلية.


لأن ذكر الله تعالى عبادة توقيفية لا مجال فيها للرأي ولا للإستحسان،


و لابد من لزوم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرِّيعته فيها.



وذكر الله قد يكون واجباً ومقيداً كما هو الحال عند الذبح



لقول الله تعالى :



{ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) }



(سورة الأنعام).



وقد يكون تطوعاً ونافلة مطلقاً كما هو الحال في جميع جوانب الحياة العامة.



وذكر الله تعالى نوع من أنواع عبادته سبحانه تعالى،


يقوم به كل إنسان على انفراد في نفسه، نابعاً من قوة إيمانه بالله تعالى،


وهو عبادة تحرز من الشيطان، وترفع درجات صاحبها عند الله،


وينال بها الأجر العظيم دون مشقة أو تعب وجهد .



يقول ابن القيم رحمه الله تعالى


في كتابه الوابل الصيب من الكلم الطيب صفحة 110 :



" إن الذكر ينور القلب والوجه والأعضاء، وهو نور العبد في دنياه،


وفي البرزخ، وفي القيامة، وعلى حسب نور الإيمان في قلب العبد،


تخرج أعماله وأقواله، ولها نور وبرهان ،


حتى إن من المؤمنين من يكون نور أعماله


إذا صعدت إلى الله تبارك وتعالى كنور الشمس،


وهكذا نور روحه إذا قدم بها على الله عز وجل،


وهكذا يكون نوره الساعي بين يديه على الصراط،


وهكذا يكون نور وجهه في القيامة،


والله تعالى المستعان، وعليه الإتكال " .

رد مع اقتباس