عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-03-2014, 12:18 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

يقول ابن كثير عن راوي هذا الحديث
إنه لا يُحتج بما انفرد به، ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحاً أن
يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر أي الحروف المقطعة [1].
ويمكن أن أطرح سؤالاً:
إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف مدة هذا الدين، وكثير من
الناس سألوه عن يوم القيامة فنزلت عليه آيات كثيرة تؤكد أنه لا يعلم
متى تقوم الساعة إلا الله، فكيف يوافقهم النبي على حساباتهم أن الحروف
المقطعة بحساب الجمل هي مدة هذا الدين؟ المنطق يفرض في هذا
الموقف أن يرد عليهم بقوله:
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي
لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً
يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
[الأعراف: 187].
ومن غير المعقول أن النبي الأعظم يوافق اليهود على حسابهم ليوم
القيامة، لأن الذي يقرأ هذا الحديث يفهم منه موافقة النبي على أن
الحروف المقطعة كأنما نزلت لتحديد يوم القيامة، وهذا ما فهمه أحد
شياطين الإنس وهو الدكتور رشاد خليفة عندما أسرع في حساب الحروف
المقطعة في أوائل السور وفق حساب الجمّل، فكان مجموع الحروف بعد
إبدال كل حرف بقيمته هو 1709 وبما أن هذا العدد ليس من مضاعفات
الرقم 19، أضاف واحداً ليصبح العدد 1710 وهو موعد قيام الساعة
بالتاريخ الهجري، ولكنه لم يذكر لنا من أين جاء بهذا الواحد الإضافي؟!!
ويمكن القول إن معظم علمائنا لا يقتنعون بحساب الجُمَّل ومنهم
الدكتور يوسف القرضاوي حيث يقول عن هذا الحديث
الذي يستند إليه أصحاب هذا الحساب:
"هذه القصة من الناحية العلمية غير ثابتة، ولم تُروَ بسند صحيح
أو حسن، بل بإسناد ضعيف لا يحتج به، ضعفه الحافظ ابن كثير في
تفسيره (تفسير القرآن العظيم 1/38) والسيوطي في الدر المنثور
(الدر المنثور 1/2) والشوكاني في فتح القدير (فتح القدير 1/31)،
وأحمد شاكر في تخريج تفسير الطبري (تفسير الطبري 1/218،
مطبعة دار المعارف). فسقط إذن الاحتجاج بها،
إذ لا يحتج بضعيف عند أهل العلم.
يتابع الدكتور القرضاوي:
حساب الجمل لا يقوم على أساس منطقي: ثم إن حساب الجمل نفسه
مجرد اصطلاح من جماعة من الناس، ولكنه اصطلاح تحكمي محض،
لا يقوم على منطق من عقل أو علم. فمن الذي رتب الحروف على هذا
النحو: ا ب جـ د هـ و ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ
ض ظ غ؟ ولماذا لم تترتب هكذا: ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز إلخ؟
أو تترتب على أي نحو آخر؟
ومن الذي جعل للألف رقم (1) والباء رقم (2) وهكذا آحادًا إلى حرف ط،
ثم أعطى للحرف (ي) رقم (20) وللحرف ك (30) وهكذا الزيادة
بالعشرات إلى الحرف الذي يعادل (100) وبعده تكون الزيادة بالمئات.
لماذا لم تكن الزيادة آحادًا إلى آخر الحروف؟ ولماذا لم تبدأ بعشرة
أو بمائة أو بألف؟ ولماذا لم تكـن هكـذا: ألف (1)، و ب (10)،
وجـ (20) وهكذا؟ ولماذا لم تكن هكـذا: 1، 10، 100، 1000 إلخ ...؟
ولماذا ولماذا؟ كل هذا تحكم من واضعيه المصطلحين عليه. صحيح أنه
لا مشاحّة في الاصطلاح، ولكن هذا لا يلزم أحدًا" [2].
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لذلك يا أحبيتي في الله، لا تبنوا إعجازكم على حديث ضعيف. ثم إن أكبر
دليل على ترجيح عدم صحة هذا الحديث أنه ناقص، فراوي الحديث لم
يخبرنا ماذا حدث بعد أن اختلط الأمر على اليهود، ماذا كان موقف النبي
صلى الله عليه وسلم، هل سكت عن مثل هذا الأمر، وسكوت النبي يعني
موافقته على حسابهم، أم أن النبي أنكر ذلك، لأن الذي يتعمق في شخصية
النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، يدرك أنه لا يخشى في الله أحداً وجميع
أحاديثه الصحيحة واضحة وبيّنة، أما هذا الحديث فهو غامض ولا يوجد
للنبي موقف من هذا الأمر، وهذا دليل على أنه لا يجوز بناء شيء
على هذا الحديث، والله تعالى أعلم.
نقد بعض الأمثلة
كل باحث في هذا الحساب يسوق الكثير من الأمثلة وهو يظن بأنه اكتشف
معجزة من كتاب الله تعالى بناء على هذا الحساب، وينسى أن عالم الأرقام
يحوي الكثير من المصادفات. ولذلك يمكننا الاستشهاد ببعض الأمثلة التي
يقدمها أصحاب هذا الحساب لنرى اضطراب المنهج لديهم وعدم وجود
منهج ثابت في البحث. ففي إحدى المقالات [3] ، يسوق الباحث عدداً
من الأمثلة، لنحلل هذه الأمثلة باختصار ونرى أنها مجرد مصادفات.
المثال 1:
جُمَّل كلمة (أبيض) هو 813 ولو بحثنا عن السور التي وردت فيها
مشتقات هذه الكلمة (ابيضت، الأبيض، تبيضّ...) وقمنا بجمع أرقام
السور كان الناتج 813 نفس جمَّل الكلمة.
التعليق:
سؤالي هنا لماذا جمعتَ أرقام السور، ولم تجمع أرقام الآيات مثلاً؟ ولماذا
أخذت جمَّل كلمة (أبيض) مع العلم أن هذه الكلمة لم ترد في القرآن بهذه
الصيغة بل وردت كلمة (الأبيض)، لماذا لم تحسب جمَّل كلمة (الأبيض)
والجواب ببساطة: لأن الباحث لو اتبع منهجاً علمياً فسوف لن يصل
إلى أي حقيقة رقمية إعجازية!
والسؤال الثاني: لماذا اختار الباحث هذه الكلمة بالذات وطبق عليها قانون
جمع أرقام السور؟ لماذا لم يدعم نظريته بكلمات أخرى يسير فيها على
نفس المنهج؟ وهل يستمر الباحث في هذا المنهج بجمع أرقام السور
أم أنه يلجأ لمنهج آخر لينضبط معه الحساب؟ لنقرأ المثال التالي.
المثال 2:
جمَّل كلمة (الحديد) هو 57 ورقم سورة الحديد هو 57 في القرآن والوزن
الذري للحديد هو 57 تقريباً. ولو أخذنا تكرار كلمة (حديد) في القرآن
وقمنا بحساب ترتيب كل كلمة في السورة وجمعنا تراتيب هذه الكلمات
كان الناتج 3258 والجذر التربيعي لهذا العدد هو 57 تقريباً.
التعليق:
هنا نتساءل: لماذا غير الباحث منهجه فلم يقم بجمع أرقام السور كما فعل
مع كلمة (أبيض)؟ لماذا اكتفى برقم سورة الحديد فقط؟ ولماذا أخذ ترتيب
كلمات (الحديد) في القرآن؟ ولماذا جمع هذه التراتيب ثم أخذ الجذر
التربيعي؟ لماذا لم يفعل ذلك مع بقية الأمثلة؟ ولماذا لم يطبق هذا المنهج
على بقية السور أو بعضها على الأقل؟ وبما أن القرآن يحوي 114 سورة
فإنه من الممكن أن يحدث توافق ما بين اسم سورة مع جمَّل هذه السورة
وهذا التوافق مصادفة! وبخاصة أننا لو طبقنا هذا القانون على بقية
السور لم تنضبط! وهذا يثبت أن العملية بأكملها مصادفة لا أكثر
ولا أقل.

رد مع اقتباس