عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-19-2014, 01:29 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي خطبتي الجمعة من المسجد النبوي بعنوان : إغتنام العمر في الطاعات



ألقى فضيلة الشيخ الدكتور / علي بن عبد الرحمن الحذيفي - حفظه الله

خطبتي الجمعة من المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة بعنوان:



إغتنام العمر في الطاعات



والتي تحدَّث فيها عن الواجب على كل مسلم من اغتنام حياته في الأعمال الصالحة،

والبُعد عن المُحرَّمات،

وذكر الأدلة الكثيرة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك،

مُنبِّهًا على الاهتمام بشباب الأمة خاصَّةً بدفعهم إلى الخيرات،

وصرفِهم عن المُلهِيات وما يضُرُّ بدينِهم ودُنياهم.





الحمد لله الذي خلق كلَّ شيءٍ فقدَّرَه تقديرًا



{ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ

وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }

[ الزمر: 5 ]

أحمد ربي وأشكره، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحدُ القهَّار،

وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المُصطفى المُختار،

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه المُتقين الأبرار.





فاتقوا الله حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقَى؛

فمن اتَّقَى اللهَ وقاهُ الشُّرورَ والمُهلِكات، وعافاه من خِزيِ العُقوبات،

وفازَ في أُخراه برِضوان ربِّه والجنات.



عباد الله:



إن ربَّكم - عز وجل - قد جعل هذه الدارَ الدنيا دارَ عمل، لكلٍّ فيها أجل،

وجعلَ الآخرةَ دارَ جزاء على ما كان في هذه الدارِ من الأعمال؛

إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ، قال الله تعالى:



{ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ

لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى }

[ النجم: 31 ]

وقال تعالى:



{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }

[ الكهف: 7 ].



وقد أعانَ الله الناسَ على ما خُلِقُوا له من العبادة بما سخَّرَ لهم من مخلوقاتِه،

وما آتاهم من الأسباب

قال الله تعالى:



{ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ

وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً }

[ لقمان: 20 ]

وقال تعالى:



{ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ

وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

[ الجاثية: 12، 13 ]

وقال - عز وجل -:



{ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ

وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا

إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }

[ إبراهيم: 32- 34 ].



وإذا تفكَّرَ الإنسانُ واعتبَر، وعلِمَ ما منَّ الله به عليه من عطاياه وهِباته،

وما خصَّه الله به من الصِّفات والسَّجايا، والتمكُّن من عمل الخيرات وترك المُحرَّمات،

وعلِمَ أن الدارَ الآخرة هي دارُ الأبَد؛ إما نعيمٌ مُقيمٌ، وإما عذابٌ أليمٌ.

إذا علِمَ الإنسانُ ذلك حفِظَ وقتَه، وحرِصَ عليه، وعمَرَ زمنَ حياته بكل عملٍ صالحٍ،

وأصلَحَ دُنياه بالشَّرع الحَنيف؛ لتكون دُنياه خيرًا له ولعقِبِه، ولتكون حسنةَ العاقِبَة.



فلا خيرَ في دُنيا امرئٍ لا يحكُمُها الدينُ القيِّمُ،

ولا بركةَ في حياةٍ دُنيويَّةٍ لا يُهيمِنُ عليها دينُ الله - عز وجل -، قال الله تعالى:



{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ

ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا

وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا

كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا }

[ الإسراء: 18- 20 ]

وقال تعالى:



{ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ

إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

[ التوبة: 55 ]

وقال تعالى:



{ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ

قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ }

[ الأعراف: 32 ].



وهل تشُكُّ - أيها العاقِلُ - أن الحياةَ الدنيا متاعٌ زائِل، ونعيمٌ حائِل؟!

إن كنتَ في غفلةٍ من هذا، فاعتبِر بمن مضَى، ففي ذلك عِبرةٌ لأُولِي النُّهَى.



وإذ قد تبيَّن لك - أيها المُكلَّف - قولُ الله تعالى:



{ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى }

[ الأعلى: 16، 17 ].



فاعمَل للآخرة التي تبقَى، واجتهِد لتفوزَ بالنعيم الذي لا يحُولُ ولا يزُولُ،

ولتنجُوَ من نارٍ حرُّها شديد، وقعرُها بعيد، وطعامُ أهلها الزقُّوم،

وشرابُهُم الحميمُ والصَّديد، قال الله تعالى:



{ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ

يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ

كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ }

[ الحج: 19- 22 ].



وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال:

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:



( يُؤتَى بأنعَم أهل الدنيا من أهل النار فيُصبَغُ في النار صبغَةً، ثم يُقال له:

يا ابنَ آدم ! هل رأيتَ خيرًا قط ؟ هل مرَّ بك من نعيمٍ قط ؟

فيقول: لا والله يا ربِّ، ما رأيتُ نعيمًا قط،

ويُؤتَى بأشدِّ الناس بُؤسًا من أهل الجنة، فيُصبَغُ صبغةً في الجنة،

فيُقال له: يا ابنَ آدم! هل رأيتَ بُؤسًا قط ؟ هل مرَّ بك من شدَّةٍ قط ؟

فيقول: لا والله يا ربِّ، ما مرَّ بي بُؤسٌ قط، ولا رأيتُ شدَّةً قط )

رواه مسلم.



عباد الله:



إنه لا يُنالُ ما عند الله من الخير إلا بطاعتِه، ألا إن سِلعةَ الله غالية،

ألا إن سِلعَةَ الله هي الجنة.



ومُدَّةُ عُمر المُكلَّف هي التجارة التي يُفلِحُ فيها إن وظَّفَها في الخيرات،

أو يشقَى فيها إن ضيَّعَها في اللَّهوِ والمُحرَّمات.



وأولَى الناس بالحياة الطيبة والحياة النافعة المُبارَكة:

من اقتدَى بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياتِه؛

فهديُ نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - أكملُ هديٍ،

كما قال - عليه الصلاة والسلام - في خُطَبه:



( إن أحسنَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم ،

وشرَّ الأمور مُحدثاتُها، وكلَّ بِدعةٍ ضلالةٌ )

رواه مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه -.



فمن اقتدَى بهدي سيِّدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته؛

فقد حازَ الخيرَ كلَّه، وفازَ بجنَّات النعيم، ومن فاتَه هديُه فقد فاتَه الخيرُ كلُّه،

ومن فاتَه بعضُ هديِه - عليه الصلاة والسلام –

فقد فاتَه من الخير بقدرِ ما فاتَه من هديِه - صلى الله عليه وسلم -.



قال بعضُ الصحابة - رضي الله عنهم -:



[ كنا نُعلِّمُ أولادَنا سيرةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - كما نُعلِّمُهم القرآنَ الكريمَ ]



وقصدُهم بذلك: الاقتِداءُ به - عليه الصلاة والسلام -،

وقد تمَّ لهم ما أرادُوا؛ فكانوا خيرَ أمةٍ أُخرِجَت للناس.



ولو اختبَرَ كلُّ مُسلمٍ نفسَه في العمل بسُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم –

والعمل بهديِه في العبادة، والمُعامَلة، والإخلاص، ونُصرة الدين، واستِقامة أحوالِه كلِّها؛

لعلِمَ ما قصَّرَ فيه من العمل، ولاستدرَكَ ما فاتَه مما يقدِرُ عليه بمعُونَة الله تعالى،

ولاستقامَت أمورُه على الصراط المُستقيم.



وليحذَر المُسلمُ من تضييعِ عُمره في الغفلَة، وفي الإعراض عن العلمِ النافعِ

والعملِ الصالحِ، والاشتِغال بما لا يُفيد ولا ينفعُ في دينٍ ولا دُنيا،

ولا سيَّما الشباب الذين هم بأشدِّ الحاجةِ إلى كل ما يحفَظُ دينَهم وأخلاقَهم وبراءَتَهم،

ويحفَظُ مُستقبَلَ حياتِهم وسعادتِهم.



فكلُّ مرحلةٍ من مراحلِ حياةِ الإنسان تتأثَّرُ بما قبلَها،

وأضرُّ شيءٍ على المُسلم وعلى الشباب خاصَّةً:

تتبُّعُ المواقعِ الضَّارَّة في الإنترنت التي تهدُمُ الأخلاقَ الإسلامية، والتأثُّر بذلك،

وقراءةُ كتب الإلحاد والفساد، وصُحبة الأشرار أصحاب الشهوات والمُوبِقات،

وقضاءُ الأوقات مع مُسلسلات الفضائيَّات التي تصدُّ عن الخير،

وتُزيِّنُ الشرَّ والمُحرَّمات.



ومن العادات الضارَّة: تعوُّدُ السهر وعدم النوم ليلاً والنوم نهارًا؛

فهذه العادةُ الضارَّة تُغيِّرُ طِباعَ من اعتادَها، وتكونُ مع فراغ الوقتِ كثيرًا،

ومن ألِفَ هذه الطريقة قلَّ إنتاجُه، وتعثَّرَ في دراستِه،

وكثيرًا ما ينقطِعُ الشبابُ في الدراسةِ بهذه الطريقة،

ويعترِي صاحبَها أمراضٌ بدنيَّةٌ ونفسيَّةٌ، وتسُوءُ أخلاقُ المُستمرِئين لها،

ويقِلُّ صبرُهم وتحمُّلُهم، ويظهرُ الخللُ في أداءِ وظائِفِهم، ويقوَى تسلُّطُ الشياطين عليهم؛

لأن الشيطانَ ينالُ من الإنسان في الليل ما لا يقدِرُ عليه في النهار.



ونومُ النهار بدلاً من الليل يُضيِّعُ العُمر والمصالِح،

وقد يجُرُّ السهرُ إلى المُخدِّرات والانحِراف الخُلُقيِّ.



وقضايا الشباب كثيرةٌ جدًّا، ودواؤُها في التمسُّك بهديِ

سيِّدنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الوالدَيْن والمُدرِّسين

وأُولِي العقول من المُجتمَع أن يكونوا قُدوةً صالحةً للشباب - ولا سيَّما الصغار –

فإنهم لا يتمكَّنُون إلا بالاقتِداء بما يرَون،

ولا قُدرةَ لهم في المُوازنَة والاطِّلاع على سِيَر الصالحين.



ومُعاونةُ كل أحدٍ على الاستِقامة مما أمرَ الله به وحثَّ عليه

رسولُه - صلى الله عليه وسلم -، قال - عليه الصلاة والسلام -:



( مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم

كمَثَل الجسَد الواحد إذا اشتكَى منه عضوٌ

تداعَى له سائرُ الجسَد بالسَّهَر والحُمَّى )



قال الله تعالى:



{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا

وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ

فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا }

[ آل عمران: 102، 103 ].



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،

ونفعَنا بهدي سيِّد المُرسَلين وقولِه القَوِيم،

أقول قولي هذا وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ،

فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.





الحمد لله العليِّ العظيم، يهدِي من يشاءُ إلى صراطٍ مُستقيم،

لربِّنا النعمةُ والفضلُ وله الثَّناءُ الحسن، يغفرُ لمن يشاءُ، ويُعذِّبُ من يشاء،

ويتوبُ على من يشاءُ، وهو الغفورُ الرحيم،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيزُ الحكيم،

وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ رحمةً للعالمين،

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه المتقين.





فاتقوا الله في السرِّ والعلانية، يُصلِح لكم الأعمال، ويُحسِن لكم العاقبَة والمآل.



أيها المسلمون:



اذكُروا نِعَمَ الله عليكم ما ظهرَ منها وما بطَن،

وقُوموا بشُكرِها بما تقدِرون عليه من الفرائضِ والمُستحبَّات؛

فما شُكِرَ الله إلا بطاعتِه وترك معصيتِه.



وأنتم - معشر المُسلمين أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم –

جعلَ الله عافيتَكم في أوِّلكم بتمسُّك الأولين بالسُّنَّة،

وسيُصيبُ آخرَ الأمةِ بلاءٌ بما كسبَت أيدي الناس.



وقد أرشدَنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النجاة من البِدَع والمُحرَّمات،

والفوز بالدرجات،

فقال - صلى الله عليه وسلم -:



( أُوصِيكم بتقوى الله، والسمعِ والطاعةِ وإن تأمَّرَ عليكم عبدٌ،

فإنه من يعِش منكم فسيرَى اختِلافًا كثيرًا؛

فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديِّين، عضُّوا عليها بالنواجِذ،

وإياكم ومُحدثات الأمور؛ فإن كلَّ بدعةٍ ضلالة )

رواه الترمذي من حديث العِرباض بن سارِية - رضي الله عنه -.



وفي الحديث:



( المُتمسِّكُ بسُنَّتي عند فساد أمَّتي له أجرُ خمسين

قالوا: يا رسول الله ! منهم أو منَّا ؟

قال: بل منكم )



عباد الله:



{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

[ الأحزاب: 56 ]

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:



( من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا )



فصلُّوا وسلِّموا على سيدِ الأولين والآخرين وإمام المُرسلين،

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ،

كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.



اللهم وارضَ عن الصَّحابةِ أجمعين وعن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين:

أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر أصحابِ نبيِّك أجمعين،

وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين،

اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتك يا أرحم الراحمين.



اللهم أحسِن عاقِبتنا في الأمور كلِّها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم أرِنا الحقَّ وارزُقنا اتِّباعَه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزُقنا اجتِنابَه يا رب العالمين.

اللهم إنا نعوذُ بك من سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء،

ومن درَك الشقاء، ومن جهد البلاء.



اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً،



{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

[ البقرة: 201 ].



اللهم إنا نسألُك أن تُوفِّقَنا لما تحبُّ وترضى،

اللهم وأحسِن عاقِبتنا في الأمور كلِّها يا رب العالمين.



اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين،

اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين يا رب العالمين،

اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين يا أرحم الراحمين.



اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين،

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، واقضِ الدَّين عن المَدينين من المُسلمين،

اللهم واشفِ مرضانا،

اللهم واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين،

اللهم واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين.



اللهم أعِذنا من شُرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا،

وأعِذنا من شرِّ كل ذي شرٍّ يا رب العالمين،

اللهم أعِذنا وذريَّاتنا من إبليس وذريَّته وشياطينه وجنوده يا رب العالمين،

اللهم وأعِذ المسلمين وذريَّاتهم من إبليس وشياطينه يا رب العالمين،

إنك على كل شيء قدير.



اللهم إنا نتوجَّهُ إليك يا رب العالمين بأسمائِك وصِفاتِك أن تُصلِح حالَ المسلمين،

اللهم وألِّف بين قلوبِهم، اللهم وألِّف بين قلوبِهم،

واجمعهم على الحقِّ يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.



اللهم إنا نسألُك أن تحفَظ بلادَنا من كل شرٍّ ومكروه، وأن تحفَظ بلاد المسلمين.



اللهم اكسُ عارِيَ المسلمين،

اللهم أطعِم جائِعَهم،

اللهم أمِّن خائِفَهم يا رب العالمين،

اللهم احفَظ أعراضَ المسلمين ودماءَهم وأموالَهم، واحفَظ لهم دينَهم يا رب العالمين.



اللهم استُر عوراتنا، وآمِن روعاتنا.



اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى،

اللهم وفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك يا رب العالمين،

اللهم انصُر به دينَك،

اللهم وفِّق نائبَيه لما تحبُّ وترضى، ولما فيه الخيرُ يا رب العالمين للإسلام والمُسلمين.



اللهم يا ذا الجلال والإكرام أسألُك أن تتوبَ علينا،

اللهم تُب علينا وعلى المسلمين،

اللهم فقِّهنا والمسلمين في دينِك يا رب العالمين.



عباد الله:



{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى

وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا

وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

[ النحل: 90، 91 ].



واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِه يزِدكم،

ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

رد مع اقتباس