عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-14-2013, 02:02 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

ومما فضَّل الله به رمضان:
أن الله جمعَ فيه أصولَ الإسلام، وأعمالَ البرِّ، وأبوابَ الخيرات؛
ففيه الصلوات الفرائض والنوافل مع الصوم،
وفيه الصدقات والزكاة لمن يُزكِّي ماله فيه المُتقدِّم منه والمُتأخِّر،
وفيه نوعُ الحجِّ لمن وُفِّق لعُمرة.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم أنه قال لامرأةٍ من الأنصار:
( عُمرةٌ في رمضان تعدِلُ حجَّةً معي )
أو
( تعدِلُ حجَّة )
رواه البخاري ومسلم.
وفيه جهادُ النفس والشيطان بكفِّها عن المُحرَّمات، وحملِها على الطاعات،
وسدِّ أبواب الشيطان التي يدخلُ منها على الإنسان.
فيه أنواعُ الذِّكر الذي يجلُو صدأَ القلوب، وأعظمُ الذِّكر القرآنُ العظيم،
ورمضانُ شهرُ القرآن الكريم، وهو أعظمُ النِّعَم على المُكلَّفين،
يُبيِّنُ الحلالَ من الحرام، والحقَّ من الباطِل، والخيرَ من الشرِّ،
والمنافع من المضارِّ والمفاسِد، والسعادةَ من الشَّقاوة،
ويرتقِي بالإنسان إلى درجات الكَمال، ويبنِي كلَّ خُلُقٍ كريم، ويمحُو كلَّ خُلُقٍ ذَميم،
ويُهذّبُ النفوسَ، ويُصلِحُ القلوبَ، ويُؤسِّسُ التوحيدَ لربِّ العالمين،
ويُثبِّتُه ويُقوِّيه، ويهدِمُ أنواعَ الشِّرك، ويمحُو آثارَه،
ويُزيلُها من أعماق النفس البشريَّة. وأيُّ نعمةٍ أعظم من ذلك؟!
وتلاوةُ القرآن تَزيدُ في ثواب الصيام والقيام،
والقرآنُ العظيمُ أعظمُ مُعجِزات النبي - صلى الله عليه وسلم ،
يُخاطِبُ العقولَ البشرية على اختِلاف مُستوياتها،
ويدخلُ إلى العقول والقلوب من كل أبواب البراهِين والأدلَّة والإقناع
ليستجيبَ المُكلَّفُ للحق، ويعمل به، ويُدافِع عنه، ويُحبَّه، ويدعُو إليه،
ويعرِف الباطل، ويُبغِضَه، ويصُدَّه، ويُحذِّرَ منه.
أو يُعرِض عن الحق ويتَّبِع الباطل عِنادًا وإصرارًا عن بيِّنةٍ
وقيام حُجَّةٍ على هذا المُعرِض عن القرآن الكريم، ولن يضُرَّ إلا نفسَه،
قال الله تعالى :
{ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ }
[ الجاثية: 6 ]
وقال تعالى:
{ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ }
[ الأعراف: 185 ]
وقال - عز وجل -:
{ وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7)
يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }
[ الجاثية: 7، 8 ].
وللقرآن العظيم سُلطانٌ وتأثيرٌ على القلوب، وخاصَّةً في هذا الشهر المُبارَك،
وسرُّ تأثيره وقوة سُلطانه في رمضان أن القرآن غذاء الرُّوح، وصلاحُها، وقوتها،
والطعام والشراب غذاء الأبدان، وفيه قوةُ النفس الأمَّارة بالسوء.
فإذا ضعُفَت قوةُ النفس الأمَّارة بالسوء قوِيَت الرُّوحُ بغِذاء القرآن وتلاوته،
واستعلَت الرُّوح على شهوات البَدن، فاستقامَت أحوالُ المُكلَّفين،
فاتَّصف الصائمُ بالتقوى التي هي جِماعُ كل خير، قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
[ البقرة: 183 ].
وتلاوةُ القرآن عبادةٌ يُضاعفُ ثوابُها
عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال :
( من قرأ حرفًا فله بكل حرف عشر حسنات،
لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف )
أيها المسلمون:
عظِّموا شهرَكم، واحفَظوا صِيامَكم؛ فما عُظِّم رمضان ولا استُقبِل بما هو أهلُه
بمثل التوبة النَّصُوح، والخروج من المظالِم، ومُحاسبة النفس بالقيام بما قصَّرَت فيه.
وكلٌّ أعلمُ بنفسه. فلا تدري - أيها المسلم - متى يأتيك الأجل.
وليس الصيامُ هو الإمساكُ عن الطعام والشراب فحسب؛
بل الصيام هو الإمساكُ عن المُفطِّرات، وصيامُ الجوارِح عن المعاصِي،
والغِيبَة والنَّميمة، وآفات اللِّسان.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال :
( من لم يدَع قولَ الزُّور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامَه وشرابَه )
رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال :
( رُبَّ صائمٍ حظُّه من صيامِه الجوعُ والعطَش، ورُبَّ قائمٍ حظُّه من قيامِه السَّهر )
رواه الطبراني.
وعن أبي عُبيدة - رضي الله عنه :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال :
( الصومُ جُنَّة ما لم يخرِقها )
رواه النسائي وزاد الطبراني :
( قيل بما يخرِقُها ؟
قال: بكذبٍ أو غِيبةٍ )
أيها المسلمون:
إن الزكاة قرينةُ الصلاة والصيام، وإنها حقُّ الله، فرضَها للفقراء،
وهي طهارةٌ للمال، ونماءٌ للكسب، والحقوقُ في المال أكثرُ من الزكاة.
وهذا الشهر الكريم شهرُ الإحسان والنفقات في أبواب الخير،
فأدُّوا فيه زكاةَ أموالِكم يُبارَك لكم فيما آتاكم.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما قال:
[ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان،
فلرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم –
حين يلقاه جبريل كان أجودَ بالخير من الرِّيح المُرسَلة ]
رواه البخاري ومسلم.
ومنعُ الزكاة محقٌ لبركة المال،
ولو أدَّى المسلمون كلُّهم زكاةَ أموالهم ما بقِيَ فقيرٌ بينهم.
أيها المسلم:
تذكَّر أن هذا المال الذي بخِلتَ بزكاتِه والإنفاق منه أنك معه بين أمرَيْن:
إما أن تتركَه إلى قبرِك، وإما أن يترُكك ذاهبًا عنك. وكلا الأمرَيْن حسرةٌ وندامةٌ.
ولكم عِبَرٌ في الحياة بمن وقعَ له ذلك.
ومالُك - أيها المسلم - هو ما أنفقتَه في الزكاة وأبواب الخير،
فاحرِص على أن يكون المالُ زادَك إلى الجنة، ولا يكُن زادَك إلى النار،
قال الله تعالى:
{ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
[ آل عمران: 133، 134 ].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه الآيات والذكر الحكيم،
ونفعَنا بهدي سيِّد المرسلين وقوله القويم،
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين،
فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

رد مع اقتباس