عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-03-2011, 11:15 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق فسوَّى، والذي قدَّر فهدى، أحمده - سبحانه - خلق الأرض والسماوات العُلَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثَّرى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله المُصطفى وحبيبُه المُجتبى، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن سار عل نهجِه وبسُنَّته اهتدَى.
أما بعد، فيا عباد الله:
لقد حذَّر ربُّنا - عز وجل - عبادَه من سببٍ هو من أعظمِ أسباب الفتنةِ في الدين ومن أظهر بواعِث الفُرقة بين المسلمين، ألا وهو: مُخالفةُ هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهجرُ سُنَّته وطريقته، ورفضُ شريعته، فقال - عزَّ من قائل -:
(لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا
قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
[النور: 63].
وأمرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي توعَّد الله من خالفَه عنه بهذا الوعيد هو كما قال الإمام الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "هو سبيلُه ومنهاجُه وطريقتُه وسُنَّتُه وشريعتُه، فما وافقَ ذلك قُبِل، وما خالفَه فهو مردودٌ على قائله وفاعله كائنًا من كان، كما ثبتَ في "الصحيحين" - واللفظ لمسلم - عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«من عمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ»
أي: فليحذَر وليخشَ من خالفَ شريعةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - باطنًا وظاهرًا أن تُصيبَهم فتنةٌ - أي: في قلوبهم -؛ من كفرٍ أو نفاقٍ أو بدعة، أو يُصيبَهم عذابٌ أليم - أي: في الدنيا -؛ بقتلٍ أو حدٍّ أو حبسٍ أو نحو ذلك.
كما روى الإمام أحمد والشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«مثَلي ومثَلُكم كمثَلِ رجلٍ استوقدَ نارًا فلما أضاءَت ما حولها
جعل الفراشُ وهذه الدوابُّ يقعْن في النار،
وجعل يحجِزهُنَّ ويغلِبْنَه فيقتحِمنَ فيها»،
قال:
«فذلك مثَلِي ومثَلُكم، أنا آخِذٌ بحُجَزِكم:
هلُمَّ عن النار، فتغلِبونني وتقتحِمون فيها»"؛
أخرجه الشيخان من حديث عبد الرزاق - رحمه الله -.
فاتقوا الله - عباد الله -، وحذارِ من المُخالفة عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن عُقبى ذلك: الوقوعُ في الفتنة وحُلول عذاب الله.
وصلُّوا وسلِّموا على خيرِ خلق الله: محمد بن عبد الله؛ فقد أمركم بذلك الله - سبحانه -،
فقال في كتابه الكريم:
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الآلِ والصحابةِ والتابعين، ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزةَ الدين، ودمِّر أعداء الدين، وسائرَ الطُّغاةِ والمُفسدين، وألِّف بين قلوب المسلمين، ووحِّد صفوفَهم، وأصلِح قادتَهم، واجمع كلمتَهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم انصر دينكَ وكتابكَ وسنةَ نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وعبادكَ المؤمنين المُجاهِدين الصادقين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامَنا ووليَّ أمرنا، وهيِّئ له البِطانةَ الصالحةَ، ووفِّقه لما تُحبُّ وترضى يا سميعَ الدعاء.
اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانه إلى ما فيه خير الإسلام والمسلمين، وإلى ما فيه صلاحُ العباد والبلاد، يا من إليه المرجِعُ يوم التناد.
اللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم أصلِح لنا ديننا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي فيها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خير، والموتَ راحةً لنا من كل شر.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميعِ سخطك.
اللهم اشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وبلِّغنا فيما يُرضيكَ آمالَنا، واختِم بالصالحات أعمالَنا.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
[الأعراف: 23]،
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[البقرة: 201].
وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
والحمد لله رب العالمين.




نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رد مع اقتباس