عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-02-2013, 08:48 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

أيها المؤمنون:
ومن الفِرَى التي أُلصِقَت بالإسلام دون إرواءٍ أو إحجامٍ،
وكانت مثارَ التوجُّس والخوف منه: اتِّهامُه بالإرهاب والسَّيف،
والعُنف والظلم والحَيْف، وتلك أُكذوبةٌ ظاهرٌ عوارُها، ويُفنِّدُها أُوارُها.
بل إن دعوَتَه السلامُ ودينُه رفقٌ ولم يثلِم تُقـاهُ خِصـامُ
فوعـودُه دارُ السـلامِ وربُّـه منه السلامُ ودينُـه الإسـلامُ
الإسلامُ كان ولا يزال في علوٍّ وانتِشار، وانتِصارٍ وازدِهارٍ؛
لأنه دلَفَ إلى القلوب بالحكمةِ والموعظة الحسَنَة والمعروف،
لا بالغِلظَة والحُتوف، وأيُّ نعمةٍ تُزجَى أو ثمرةٍ إيمانيَّةٍ تُرجَى
ممن أُكرِه على الإيمان بالهُندوانيِّ والسِّنان ؟!
{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }
[النحل: 125].
أما العدلُ: فقد تنزَّل فيه أعظم الإنصاف والانتِصاف
{ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى }
[المائدة: 8].
يقول الإمام الطبري - رحمه الله -:
[ أي: ليكن من أخلاقِكم وصِفاتِكم القيامُ بالعدل،
ولا تحمِلنَّكم عداوةُ قومٍ على ألا تعدِلوا في حُكمكم فيهم من أجل ما بينَكم من العداوة ]
ويقول الفخرُ الرازيُّ - رحمه الله -:
[ اعدِلوا فيهم وإن أساؤُوا إليكم، وأحسِنوا إليهم وإن بالَغوا في إيحاشِكم ]
الحقُّ والعدلُ العظيـمُ ورحمـةٌ مـثَّـلْـنَ أمـــةَ أحـمــدٍ تمـثـيـلاً
فاسأَل عن القِبطيِّ يأخُذُ ثـأرَهُ من عمرو عاصٍ تلقيَنَّ ذُهولاً
واقـرأ أبـا بكـرٍ يُوصِّـي جُنـدَه لترَى غريبًا في العُقول ضئيلاً
إخوة الإسلام :
ومما زادَ الطينَ بِلَّةً، والداءَ عِلَّةً في إذكاء هذه الظاهرة الغريبة: ثورةُ التِّقانة،
وغزوُ الفضاء ووسائلُ التواصُل الحديثة، ولا يخفَى ما للإعلام المُؤدلَج المُتحيِّز،
الذي لا ينتصِفُ للمِصداقيَّة ولا يُميِّز، من امتِطاء صهَوات التهويلِ والتضخيم،
والتشهير والتعميم، واستِغلال بعض الوقائع المُعاصِرة النادَّة،
والتصرُّفات الخاطِئة الشاذَّة التي لا تُمثِّلُ بهاءَ الإسلام ولا جمالَه شروَى نقيرٍ أو قِطميرٍ.
وإن هي إلا تصرُّفاتٌ آحاديَّة، وأفعالٌ فرديَّةٌ لا مسؤولة،
ومُجرَّمةٌ لا مقبولةٌ ولا معقولة، يتصيَّدُها الإعلامُ المأجور، المُغرِضُ المسعور؛
لوصمِ الإسلام والمُسلمين بالقسوة والعُنجُهيَّة أجمعين.
وهنا كلا ولا، وحاشاهما على الوِلا؛ فالإسلامُ هو الملَّةُ التي لا تقومُ الدنيا إلا على ضيائِها،
ولن ترشُدَ إلا بهديِها وسَنائِها، وألِيَّةٌ لا حِنثَ يعرُوها،
أن العالَمَ قد خسِرَ الخُسرانَ المُبينَ بتأخُّر المُسلمين عن منازل السيادة والرِّيادة.
ولما أوصَدَت كثيرٌ من المُجتمعات دون تشريعاته أبوابَها،
وأرصَدَت دون إنسانيَّة تعاليمِه شِهابَها، وها هي شهاداتُ الغرب المُنصِفين،
وأعلامِه البارِزين الذين عنَّاهم رشقُ الإسلام بالتشويه والشَّنَآن،
هاهُم يهتِفون بفِطَرهم السليمة، وعقولِهم القَويمة قائلين:
" لا يُوجد دينٌ أُسيءَ فهمُه، وكثُر الهُجومُ عليه من الجهَلة والمُتعصِّبين
مثلَ ما أُسيءَ فهمُ الإسلام ومثلَ ما هُوجِم "
وقال آخر:
" إن الإسلام يمتدُّ في العالَم كلِّه ومعه تسيرُ الفضائلُ حين سار،
وتدورُ معه المكارِمُ حيث دار ".
وقال ثالث:
" فالحقُّ أن الأمم لم تعرِف فاتِحين راحِمين مُتسامِحين مثلَ العرب والمُسلمين،
ولا دينًا مثلَ دينهم ".
الله أكبر
{ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
[الروم: 30].
فإلى النابِذين للماديَّة الشائِهة، وشهَوات النفس الزائِلة وأهوائِها،
في ديار الغرب وسوائِها. إلى الذين تناوشَتهم سِهامُ الإحباط والقُنوط،
واجتالَتهم رياحُ الضلال والشكوك، من الذين يتجرَّعون الهزيمةَ النفسيَّة،
ممن تنكَّروا لثوابِت أمَّتهم الإسلامية.
إلى الذين سمِعوا على الإسلام قبل وُروده ولم يتنسَّموا عبَقَ رياحينه ووروده:
هلُمُّوا جميعًا إلى معينِ الإسلام الرَّقراق، وتوحيده الخفيِّ الخفَّاق.
هلُمُّوا إلى أفياء العدل والحقِّ والزَّكاء، حيَّهلاً إلى قِمَم الشرف والعَفاف والفضيلة،
وسَنآت الهُدى والرَّحمات الظَّليلة.
فلا خوفَ من الإسلام، ولا خطَرَ من شريعة الملكِ العلاَّم،
هلُمُّوا إليه بكل تفاؤُلٍ وحيادٍ وتحرُّرٍ من النَّزعة التشاؤُميَّة،
والمعايير والمكاييل الازدِواجيَّة، وستُلفُونَه البحرَ الزخَّار بأكرم الآداب وأصدق الأخبار.
ودونَكم شَذراتٌ من جماليَّاته وإشراقاته، وثماره اليانِعات وأخلاقيَّاته،
وإنها المِسكُ المُتضوِّعُ الفيَّاح، والأَلَقُ الباهرُ الليَّاح، في الصَّفو والعَفو والتسامُح،
والتجاوُز والإغضاء عمَّن أساء، وفي بهاء الرِّفق والإحسان،
والتعاوُن والحوارِ والاعتِدال والاتِّزان.

رد مع اقتباس