عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-17-2013, 11:38 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : الإيمان و اليقين و الثبات على الدين



ألقى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب - حفظه الله - خطبتى الجمعة بعنوان :
الإيمان واليقين والثبات على الدين
والتي تحدَّث فيها عن الإيمان واليقين،
وبيَّن أنهما أعظم أسباب النصر والتمكين والثبات على دين الله تعالى،
ووجَّه برسائل مهمة لجميع العلماء والدعاة بضرورة التصدِّي للملاحِدة
وأصحاب الدعوات والأفكار الهدَّامة بمُحاربة البدع والضلالات،
ونشر الإيمان بين الناس، وبيان فضلِه لهم.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمد لله رب العالمين، اللهم باسمِك نبتدِي وبهديِك نهتدِي،
وبك يا مُعين نسترشِدُ ونستعين، نسألُك أن تكحَلَ بنور الحق بصائرَنا،
وأن تجعلَ إلى رِضاك مصائِرَنا، نحمدُك على أن سدَّدتَ على جادَّة الدين خُطواتنا،
وثبَّتَّ على صِراط الحق أقدامَنا، ونُصلِّي ونُسلِّم على نبيِّك الذي دعا إليك على بصيرةٍ،
وتولَّاك فكنتَ وليَّه ونصيرَه، وعلى آله المُتَّبعين لسُنَّته، وأصحابه المُبيِّنين لشريعته.
اللهم يا وليَّ المؤمنين تولَّنا، وخُذ بنواصِينا إلى الحق،
واجعل لنا في كل غاشيةٍ من الفتنة رِداءً من السَّكينة،
وفي كل داهِمةٍ من البلاءِ دِرعًا من الصَّبر، وفي كل داجِيةٍ من الشكِّ علمًا من اليقين،
وفي كل نازِلةٍ من الفَزَع واقِيَةً من الثَّبات، وفي كل ناجِمةٍ من الضَّلال نورًا من الهداية،
ومع كل طائفٍ من الهوَى رادِعًا من التقوى،
وفي كل عارِضٍ من الشُّبهة لائِحًا من البُرهان،
وفي كل مجهَلةٍ من الباطلِ معالِمَ من الحق واليقين.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تفرَّد بالخلق والحُكم،
ما شاءَ كانَ وما لم يشَأ لم يكُن، لا تتحرَّك ذرَّةٌ إلا بإذنه، والخلقُ مقهورون تحت قبضَته،
ما من قلبٍ إلا وهو بين أُصبعين من أصابِعه إن شاءَ أقامَه وإن شاءَ أزاغَه،
فهو الذي آتى نفوسَ المؤمنين تقواهَا، وهو الذي هداها وزكَّها،
وألهَمَ نفوسَ الزائِغين فُجورَها وأشقاهَا.
يهدِي من يشاءُ بفضلِه ورحمتِه، ويُضِلُّ من يشاءُ بعدلِه وحِكمته،
هذا فضلُه وعطاؤُه، وما فضلُ الكريمِ بممنون،
وهذا عدلُه وقضاؤُه لا يُسألُ عما يفعلُ وهم يُسألُون.
وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، بلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانَة، ونصحَ الأمة،
وتركَنا على البيضاء ليلُها كنهارِها، لا يزيغُ عنها إلا هالِك،
صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبِه والتابعين،
ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
اتقوا الله تعالى وراقِبُوه، وأطيعُوا أمرَه ولا تعصُوه،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }
[ التوبة: 119 ]
أيها المسلمون:
حين أرادَ الله بالبشرية الخيرَ بعثَ فيها النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم -،
وأنزلَ عليه القرآن؛ فهدَى به من الضلالة، وبصَّر به من العَمَى،
وأخرجَ الناسَ من الظلمات إلى النور، فقامَت حضارةٌ، وسادَت أُمم، ونهَضَت شُعوب،
وما تمَّ ذلك - بعد توفيق الله - إلا بوَقودٍ تُشحَذُ به الطاقات،
ودافعٍ تتغذَّى به الهِمَمُ وتقوَى الإرادات؛ إنه وَقودُ الإيمان، ودافعُ العقيدة.
إيمانٌ صنَع جيلاً لم تعرفِ الدنيا مثلَه، وحضارةٌ لم يهنَأ العالَمُ بمثلِها، عملٌ وجِدٌّ وبِناء،
وخُلُقٌ ورُقِيٌّ ومرحَمَة، وجهادٌ وفتحٌ للقلوب والبصائر، وعدلٌ وسِع الدنيا،
ومع ذلك كلِّه عزمٌ يدُكُّ الجبال، وثباتٌ يُوازِي الرَّواسِي، ونصرٌ وعِزَّةٌ وكرامةٌ.
إنه الإيمانُ الذي يصنعُ المُعجِزات.
العقائِدُ والتصوُّرات، والإيمانُ واليقين أسلحةٌ لا قِبَلَ لجيُوش الأرض بها،
وعَتادٌ لا طاقةَ للمُحارِبين بمُواجَهَته، وقد جاءَ في مُحكَم التنزيل:
{ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ }
[الأنفال: 65]
ومعلومٌ أن غلبَتَهم بشيءٍ وقَرَ في القلبِ لا تُقاوِمُه العُدَدُ ولا العَدَدُ.
أيها المسلمون:
الإيمانُ الصادقُ خيرُ ما أضمرَ الإنسانُ، وأفضلُ ما أظهَر، والإيمانُ ليس مُجرَّد كلمةٍ تُقال،
ولكنَّه مع ذلك إحساسٌ بجلالِ الله، وخُشوعٌ لعظَمته، وانقِيادٌ لأمره،
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا }
[الأنفال: 2].
الإيمانُ مشاعِرُ نبيلة، وصفاتٌ كريمةٌ، وعقلٌ مُستقيمٌ، وضميرٌ حيٌّ،
وشِفاءٌ من كل عِلَل النفوس وأدوائِها، الإيمانُ تصديقٌ وعملٌ،
{ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ }
[الحجرات: 7].
الإيمانُ يقينٌ يسكُنُ الأعماقَ، ومعرفةُ الله لها ذوقٌ حُلوٌ يطبعُ النفوسَ
على النُّبْلِ والتسامِي، ويُصفِّي النفوسَ من كَدَرها، إنه شوقٌ إلى الله،
ومُسارعةٌ إلى مرضاتِه.
الإيمانُ ينفَحُ القلبَ نورًا، ويملأُ الصدورَ سُرورًا، وأيُّ إيمانٍ فوق الطُّمأنينة بالله
والرُّكون إليه، وامتلاءِ القلب به وحده دون سِواه؟
أصحُّ القلوبِ وأسلمُها، وأقومُها وأرقُّها، وأصفَاها وأقواها وأليَنُها
من اتَّخَذ اللهَ وحدَه إلهًا ومعبُودًا، وأخلصَ القلبَ له دون سِواه،

رد مع اقتباس