عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 02-10-2013, 09:10 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي



فهل بعد هذا البيان والتنبيه ياعباد الله أدينا حق الله؟!.

يظهر أن شكر المنعم واجب ثقيل ٬ وأننا على قدر ما نحتاج ونأخذ ٬

على قدر ما نستخف وننسى.

بل إن كثيراً من الناس يتناول أنعم الله وكأنه يسترد حقاً مسلوباً منه ٬ أو ملكاً خاصاً به ٬

ومن ثم فهو لا يرى لأحد فضلا عليه. وبهذا التفكير المعوج لا يثمرصنيع ولا يجىء شكر.



أيها الأحبة الكرام :



ومن أجل مزيد تعقيب وإيضاح لهذا المعنى،

فهذه وقفة سريعة عند سلوك سلبي منتشر في أوساط الناس،

وتصرف لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات،

بل إنه العلة الكامنة وراء إحجام كثير من النفوس عن فعل المعروف وإسداء الجميل،

ذلكم ياعباد الله هو الجحود ونكران الجميل.



معاشر المؤمنين :



إن الجحود ونكران الفضل أمر فطري وطبيعة إنسانية٬

إنه ينبت على وجه الأرض كالأعشاب الفطرية التى تخرج دون أن يزرعها أحد،

أما الشكر فهو كالزهرة التى لا ينبتها إلا الرى وحسن التعهد،

إنه لأمر طبيعى أن ينسى الناس واجب الشكر ٬

فإذا نحن انتظرنا منهم أداء هذا الواجب فنحن نجر على أنفسنا متاعب هى فى غنى عنها.

بيد أن إقفار النفوس من نضارة الشكر ٬ وانتشار الجفاف بها منكر قبيح ٬

ينبغى أن يبتعد الناس عنه ٬ وأن يتعلموا الحفاوة بما يُسدى إليهم من معروف ٬

وتقدير ما فيه من بر ومرحمة وإحسان.



فديننا الحنيف يوجه المُعطى إلى ذكر النعمة التى سيقت له ٬

وإلى الثناء على مرسلها وإلى مكافأته عليها بأية وسيلة.

فإن لم يجد الجزاء المادى المعادل لما نال، فليشكر بلسان الحال والمقال ٬

وليدع الله أن يثيب من عنده الثواب الذى يشبعُ عواطف الشكر فى أفئدتنا ٬

ويحققُ ما قصرت عنه أيدينا.



قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :



( من اصطنع إليكم معروفاً فجازوه ٬ فإن عجزتم عن مجازاته فادعوا له ٬

حتى تعلموا أنكم قد شكرتم ٬ فإن الله شاكر يحب الشاكرين .(



وقال صلى الله عليه وسلم :



( من أُعطى عطاء فوجد فليجز به ٬ فإن لم يجد فليثن.

فإن من أثنى فقد شكر ٬ و من كتم فقد كفر ).



وقال عليه الصلاة والسلام:



)إن أشكر الناس لله تبارك و تعالى ٬ أشكرهم للناس.(



و فى رواية:



) لا يشكر الله من لم يشكر الناس. (



و قال صلوات الله و سلامه عليه :



( من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ٬ و من لم يشكر الناس لم يشكر الله ٬

و التحدُّث بنعمة الله شكر ٬ و تركها كفر ٬ و الجماعة رحمة. و الفرقة عذاب. (



معاشر الفضلاء :



لا يشك عاقل لبيب، بأن التقاطع بين الأرحام يرجع غالباً إلى كنود النعم وجحود الإحسان ٬

ولا يشد أواصر الجماعات كحفظ المعروف وإكرام أهله ٬

ولا يفصم عرى الائتلاف ويعرض لعذاب الفرقة إلا غمط الحقوق وإهمال ذويها

والتنكر لما أسدوه من جميل.



إلا أن الإسلام مع توكيده لواجب الشكر، وتحقيره لشأن الجاحدين،

يطلب من أولى الخير أن يجعلوا عملهم خالصاً لوجه الله وأن يبعدوا عن مقاصدهم كل دَخَل ٬

فإن فساد النية يفسد العمل ويحبط الأجر ٬

والمعروف الذى يُقبل ويُحترم هو الذى يبذله صاحبه بدوافع الخير المحض،

لا يطلب عليه ثناءَ بشَر ولا شكرَه ٬ إنما يطيع به أمر الله ويطلب رضوانه ومغفرته.



أيها الإخوة في الله :



الإسلام بما يفرضه على العمل من إخلاص يريد أن يحرر القلوب من قيود الأغراض

وأن يعلقها بالكمال المطلق ٬ فهى تفعل الخير عن بواعث نقية ٬

و عن حب مكين له ورغبة قوية فى تحقيقه،

دون نظر إلى مدايح الناس أو تطلع إلى منزلة بينهم.

وهذا السمو الأخلاقي هو دعامة الإحسان ٬ وهو المثل الأعلى لكل خلق كريم.



رُوى أن رجلا تطاول على عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ٬



فقال له عبدالله بن عباس رضى الله تعالى عنهما :



[ أتشتمنى و فى ثلاث:

إنى لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل فأحبه ، و لعلى لا أقاضى إليه أبداً !!.

و أسمع بالغيث يصيب البلد من بلاد المسلمين فأفرح به و ليس لى به سائبة و لا راعية!!.

و آتى على الآية من كتاب الله فأؤد لو أن المسلمين كلهم يعلمون منها مثل ما أعلم ] .



الله أكبر ياعباد الله ،



هذا رجل يحب شيوع الحق والخير والعلم ٬

ويفرح من أعماق قلبه لو استمتع الناس بما فيها من بركات ٬

ولو لم يمسه من ذلك حظ كبير أو صغير.

إن هذا التعلق بالكمال المطلق، والإحسان المبرأ أهم ما يطلبه الإسلام منك ٬

حين تسدى إلى أحد معروفا،ً فهو يحثك على أن تقدم الجميل عشقاً لصنائع المعروف،

وابتغاء ما لدى الله من مثوبة. ولا تعول على حمد أحد أو تقديره ٬

بل كن كما وصف الله الأبرار من عباده



حين قال الحق سبحانه و تعالى :



{ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً *

إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً }



الإنسان 8 & 9



و ليس المقصود أنهم يقولون ذلك بألسنتهم ٬ فذاك مستبعد لأنه قد يؤذى أصحاب الحاجات ٬

وإنما ذلك ترجمة لما فى قلوبهم من نيات صافية ٬ ومشاعر نظيفة.



إخوة الإيمان :



هل ابتغاءُ وجه الله أمر عسير على الناس؟.

المؤسف أن أغلب البشر تهيجهم للعمل بواعث مشوبة ويطلبون به غايات شتى ٬

وقليل جداً أولئك الذين يتحركون بدافع نقى ٬

ويرتفعون بمقاصدهم عن مآرب هذه الأرض.



إن عشاق الثناء وطلاب الظهور ليس لهم من أعمالهم إلا التعب والنصب،

وإن الله لايقبل من الأعمال إلا ماكان خالصاً لوجهه الكريم،



ففى الحديث القدسى إن الله تبارك وتعالى يقول :



(( أنا خير شريك ٬ فمن أشرك معى شريكا فهو لشريكى ))

رد مع اقتباس