عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 10-12-2013, 09:39 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

أيها المسلمون :


ومنذُ بدأ الحجُّ في الإسلام وموسِمُه الجامعُ يُنتهَزُ للتوجيهات الكُبرى للأمة المُسلمة؛

فهو مُلتقَى المُسلمين ومثابَتُهم العُظمَى، ففي حجَّة الوداع كان الخِطابُ العظيمُ

الذي ألقاه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في أكرَم جمعٍ،

هو خِطابٌ لم تعِ المسامِعُ أرقَى من مبادِئِه، ولا أشرفَ من مقاصِدِه،

وهو السجلُّ الصادقُ لحقوق الإنسان وحرِّيَّات الأُمم.


والحجَّةُ التي تمَّت في السنَة التاسِعة من الهِجرة أُلِن فيها

بُطلان المُعاهَدات التي عُقِدَت مع المُشركين،

وهي مُعاهداتٌ كان الوفاءُ فيها من جانِبِ المُسلِمين وحدَهم،

أما المُشرِكون فطالَما عبَثُوا بهذه العُهُود، وخرَجُوا عليها ما دامُوا يقدِرُون.

وهذا مشهَدٌ يتكرَّرُ كل زمان.


حُجَّاج بيت الله الحرام :


تعلَّموا أحكامَ مناسِكِكم، وتحرَّوا صحَّةَ أعمالكم قبل إتيانِها، تفرَّغوا لما جِئتُم له،

واشتغِلوا بالعبادة والطاعات؛ فإن ما عند الله لا يُنالُ بالتفريط.


أكثِروا من الدُّعاءِ والتضرُّع، والهَجوا بذِكر الله في كل أحوالِكم،

فنبيُّكم - صلى الله عليه وسلم - يقول:


( إنما جُعِل الطوافُ بالبَيت وبين الصفا والمروة ورميُ الجِمار لإقامة ذِكر الله )

رواه أبو داود والترمذي.


والله - عز وجل - يقول:


{ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ

وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198)

ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)

فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا }

[ البقرة: 198- 200 ].


بارَك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعَنا بما فيهما من الآيات والحكمة،

أقولُ قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له الملكُ الحقُّ المُبين،

وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الصادقُ الأمين،

صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه، وعلى آله وأصحابِه أجمعين.


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


عباد الله :


حُجَّاج بيت الله الحرام! بعد غدٍ هو اليومُ الثامنُ من ذِي الحِجَّة،

وفي ضُحاه يُحرِمُ من يُريدُ الحجَّ، ويذهبُ إلى مِنَى فيُصلِّي بها الظهرَ في وقتِها قصرًا،

والعصرَ في وقتِها قصرًا، والمغربَ في وقتِها، والعِشاءَ في وقتِها قصرًا،

ويَبيتُ بمِنَى تلك الليلة.


فإذا صلَّى بها الفجرَ وطلَعَت شمسُ اليوم التاسِعِ توجَّه إلى عرَفَات،

وصلَّى بها الظهرَ جمعًا وقصرًا، ثم يقِفُ على صَعيد عرفَات مُكثِرًا من ذِكر الله تعالى،

مُتذلِّلاً بين يدَيه يسألُه خيرَيْ الدنيا والآخرة،

ويُلِحُّ في الدعاء والرَّجاء في ذلك الموقف العظيم؛ فإن الحجَّ عرفة،

كما قال ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -.


وقال أيضًا:


( خيرُ الدعاءِ دعاءُ يوم عرفة، وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلِي:

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمدُ وهو على كل شيءٍ قدير )

رواه الترمذي.


عباد الله :


ومن لم يكُن حاجًّا فيُستحبُّ له صِيامُ يوم عرفة مُحتسِبًا

أن يُكفِّرَ الله عنه السنةَ الماضِيةَ والباقِية، كما قال ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم –

في الحديث رواه مسلم.


وعن عائشة - رضي الله عنها

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:


( ما من يومٍ أكثرُ من أن يُعتِق اللهُ فيه عبدًا من النار من يوم عرفة،

وإنه ليدنُو ثم يُباهِي بهم الملائِكة، فيقول: ما أرادَ هؤلاء؟ )

رواه مسلم.


فإذا غرَبَت الشمسُ انصرَفَ الحاجُّ إلى مُزدلِفَة بسَكينةٍ ووَقار،

وصلَّى بها المغربَ والعِشاءَ جمعًا، ويقصُرُ العِشاءَ،

ويَبيتُ بمُزدلِفَة تلك الليلة ويُصلِّي بها الفجر،

ويُكثِرُ من ذِكر الله تعالى ومن الدعاء حتى يُسفِرَ جِدًّا،

ثم ينصرِفُ إلى مِنَى قُبَيل طلُوع الشمس، ويجوزُ للضَّعَفَة من النساء والصِّبيان ونحوِهم

الانصِرافُ من مُزدلِفَة بعد نِصف الليل، ويتحقَّقُ ذلك بغُروبِ القمر.


فإذا وصلَ الحاجُّ إلى مِنَى رمَى جمرةَ العقَبَة بسبْع حصَيَاتٍ مُتعاقِبَات،

يُكبِّرُ مع كل حصَاة، ثم ينحَرُ الهديَ إن كان عليه هديٌ،

ثم يحلِقُ رأسَه أو يُقصِّرُه - والحلقُ أفضلُ -، ثم يتوجَّه إلى البيت الحرام

إن تيسَّر له يوم العيد، وإلا بعده فيطوفُ طوافَ الإفاضة، ثم يسعَى بين الصَّفَا والمروة،

فإن كان قارِنًا أو مُفرِدًا وقد سعَى قبل الحجِّ بعد طوافِ القُدُوم فيكفِيه سعيُه ذلك.

ومن قدَّم شيئًا أو أخَّر شيئًا من أعمال يوم النَّحر فلا حرجَ عليه.


ثم يعودُ إلى مِنَى، ويبيتُ بها ليالِي أيام التَّشريقِ،

ويرمِي الجِمارَ الثَّلاثَ في كل يومٍ بعد زوالِ الشمس،

ثم إن شاءَ تعجَّلَ في يومين، وإن شاءَ تأخَّر لليوم الثالث عشر، والتأخُّر أفضل.

ثم لا يبقَى عليه إلا طوافُ الوَداع عندما يُريدُ السَّفَر من مكة.


ولقد كان للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مواطِنُ يُكثِرُ فيها من الدعاء

حرِيٌّ بالمُسلم الحِرصُ عليها، منها: يوم عرفة وبالأخصِّ آخر النهار،

وبعد صلاة الفَجر بمُزدلِفَة حتى يُسفِر جدًّا، وبعد رمْيِ الجَمرة الأولى،

وبعد رمْيِ الجَمرة الثانية من أيام التشريق، وكذا الدعاءُ فوقَ الصَّفَا والمروة.


فاجتهِدوا في تمام حجِّكم، واتَّقُوا الله فيما تأتُون وتذَرُون،

وأخلِصُوا لله في عملِكم وقصدِكم، واتَّبِعوا الهُدى والسنَّة،

واجتنِبُوا ما يخرِمُ حجَّكم أو يُنقِصُه، وعليكم بالرِّفق والسَّكينَة والطُّمأنينة،

والشَّفَقَة والرحمة بإخوانِكم المُسلمين، سيَّما في مواطِن الازدِحام، وأثناء الطوافِ،

ورمِي الجِمار، وعند أبواب المسجِد الحرام. واستشعِروا عِظَم العبادة وجَلالَة الموقف.


واعلَموا أن الدولةَ برِجالاتها وأجهزَتها ومُؤسَّساتها تبذُلُ جهودًا هائلةً لخِدمتِكم

وتيسيرِ حجِّكم، والنظامُ وُضِع لمصلَحتكم، والجهودُ كلُّها لأجلِكم.


فالتزِموا التوجيهات، واتَّبِعوا التعليمات، واستشعِروا ما أنتم فيه،

وكُونُوا على خيرِ حالٍ في السُّلُوك والأخلاق، والزَموا السَّكينةَ والوقار،

واجتهِدوا وسدِّدوا وقارِبوا، وأبشِروا وأمِّلُوا، فإنكم تقدُمون على ربٍّ كريمٍ.


جعلَ الله حجَّكم مبرورًا، وسعيَكم مشكورًا، وذنبَكم مغفورًا.


هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البريَّة، وأزكى البشريَّة:

محمد بن عبد الله الهاشميِّ القُرشيِّ.


اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد،

وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُرِّ الميامين،

وارضَ اللهم عن الأئمة المهديين، والخلفاء الراشدين:

أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابَة نبيِّك أجمعين،

ومن سارَ على نهجِهم واتَّبَع سُنَّتَهم يا رب العالمين.


اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين،

واجعَل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلاد المسلمين.


اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتَنا وُولاة أمورِنا، وأيِّد بالحقِّ إمامَنا ووليَّ أمرنا

اللهم وفِّقه لهُداك، واجعَل عملَه في رِضاك، وهيِّئ له البِطانةَ الصالِحة،

اللهم جازِه بالخيرات والحسَنات على خِدمةِ الحرمين الشريفين،

والعناية بالحُجَّاج والمُعتمِرين، اللهم وفِّقه ونائبَيْه وإخوانَهم وأعوانَهم.


اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان،

اللهم اجمَعهم على الحقِّ والهُدى،

اللهم احقِن دماءَهم، وآمِن ورعَاتهم، وسُدَّ خلَّتَهم، وأطعِم جائِعَهم.


اللهم انصُر المُستضعفين من المسلمين في كل مكان،

واجمَعهم على الحقِّ يا رب العالمين.


اللهم انصر دينك وكتابك وسنةَ نبيِّك وعبادك المؤمنين.


اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يُعجِزونك.


{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

[ البقرة: 201 ].


اللهم اغفر ذنوبَنا، واستُر عيوبَنا، ويسِّر أمورنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالَنا.


ربنا اغفر لنا ولوالدِينا ووالدِيهم وذُرِّيَّاتهم، إنك سميعُ الدعاء.


اللهم احفَظ الحُجَّاج والمُعتمِرين، ويسِّر لهم أداءَ مناسِكهم آمِنين،

وتقبَّل منَّا ومنهم أجمعين.


اللهم وفِّق وأعِن رجالَ الأمن، والعامِلين على خِدمة الحُجَّاج،

وجازِهم بالخيرات والحسَنات يا رب العالمين.


ربَّنا تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.


سبحان ربِّك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس