والنظام أن هناك مجتمع موبوء بالفساد والنزاع والقتال والغش،
ومن الواضح أن المجتمع الإنساني يعتبر نموذجاً لذلك".
وعندما نبحث في اكتشافات العلماء الذين راقبوا مجتمعات النحل
ومجتمعات الطيور وغيرها من الحيوانات، نرى بأنهم دائماً يتحدثون
عن مجتمعات منظمة ولها لغتها الخاصة، وبنفس الوقت توجد فيها
نزاعات وخداع وغير ذلك تماماً مثل المجتمعات الإنسانية.
من خلال هذه الاكتشافات نلاحظ أن العلماء يلاحظون التقارب الكبير بين
الأمم البشرية والأمم من عالم النمل والنحل وغيره من الدواب وحتى
الطيور وبقية المخلوقات على وجه الأرض، وهذا ما تحدث عنه القرآن
قبل 14 قرناً في آية شديدة الوضوح،
{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ
مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }
. انظروا معي إلى دقة التعبير البياني:
{ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ }
فالنمل يشبهنا في كل شيء تقريباً!
فعلماء الغرب، وبعد آلاف التجارب وأكثر من مئة سنة من الدراسات
والأبحاث في عالم النمل، يقولون بالحرف الواحد: إن مجتمع النمل هو
نسخة طبق الأصل عن المجتمع الإنساني، والقرآن يقول:
{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ }
فهل هناك أبلغ من كلمات الله تعالى؟!
وإلى هذه الصور من حياة النمل التي لا تقل أهمية عن حياة البشر،
لننظر ونتأمل ونقرأ ونسبح الله تعالى:
نملتان تتصارعان من أجل شيء ما! إن هذه المخلوقات على الرغم
من صغرها إلا أنها تملك ذكاء فائقاً، وتقوم بعملية القتال
بحرفية عالية، فسبحان الله!
فك النملة قوي جداً وحين تطبقه على فريستها يُسمع له صوت نقرة
تسجله الأجهزة الحساسة، ويقول العلماء إن سرعة انطباق فك النملة
أسرع من أي حيوان من الحيوانات! وقياساً لحجمها يعتبر فك النملة
أقوى بكثير من فك التمساح! فتأمل هذه القوة الخارقة التي تتمتع
نملة تحاول اصطياد صرصور صغير بفكيها فتهاجمه وترعبه وتستخدم
تقنيات شبيهة بتلك التي يستخدمها البشر في اصطيادهم للحيوانات!
معركة حامية الوطيس بين نملتين تُستخدم فيها أدوات حادة جداً هي
"الفك"، ويقول الخبراء في عالم النمل إن لدى النمل استراتيجيات في
القتال ربما يتفوق بها على عالم البشر، أو على الأقل يشبه عالم البشر.
جسر حي من النمل، حيث تقوم النملات بطريقة هندسية تشبه تلك
الطريقة التي نصمم بها الجسور، يقومون بجميع الحسابات الضرورية
ويقيمون جسراً تعبر عليه النملات الأخريات، وهذه التقنية معقدة جداً،
ولا يمكن تفسيرها إلا إذا اعتبرنا أن النمل عالم ذكي جداً ومتطور
حرب كيميائية! صدقوا أو لا تصدقوا، فالنملة الصغيرة السوداء تفرز مادة
كيميائية على شكل رغوة تظهر في الصورة، تضع هذه المادة السامة على
رأس النملة الكبيرة الحمراء، وتقضي عليها بهذه الطريقة. إن النمل
يستخدم هذه التقنية منذ مئات الملايين من السنين، ولكن البشر
لم يستخدموها في الحروب إلا منذ مئة سنة!!
انظروا معي إلى هذا التصميم المحكم لفكي النملة، إنها تستطيع مهاجمة
أي فريسة والقضاء عليها بضربة واحدة فقط! وسؤالي: ألا تستحق هذه
المخلوقات الذكية أن تُذكر في القرآن؟ لقد سخر بعض الملحدين من أن
القرآن يذكر النمل والنحل والعنكبوت، ولكنهم بنفس الوقت يعترفون بأن
هذه الكائنات على درجة عالية من التعقيد، بل إنهم يحاولون الاستفادة
من خبرات النمل في البناء وتنظيم المرور والتأقلم بشكل عام!
تملك النملة عيون تميز بها الكثير من الأشياء من حولها، ولا تزال الكثير
من الأشياء مجهولة في عالم النمل، ويؤكد الباحثون أن النمل يتمتع بقدرة
عالية على الخداغ، و"الحسد" والغش والمراوغة، تماماً مثل الإنسان،
وهذه الاكتشافات لم يكن أحد يعلمها من قبل.
معركة بين نملتين، تستخدم فيها كل نملة فكيها بطريقة فنية، وأثناء هذه
المعركة تمكنت أجهزة تسجيل العلماء رصد أصوات عنيفة تشبه أصوات
التحطم التي نسمعها في المعارك بين البشر، سبحان الله،
حتى في الأصوات التي تصدرها تشبه البشر!!!
نملة تعتدي على صديقتها لتنتزع منها فريستها، يقول العلماء: لا يقتصر
وجود الشر بين البشر، بل هو موجود أيضاً في عالم النمل، ويقولون
أيضاً: إن النمل يستخدم وسائل للخداع والغش والتزييف من أجل الحصول
على طعامه، ومنهم من لا يستخدم هذه الوسائل، بكلمة أخرى:
الخير والشر موجود عند النمل مثلنا تماماً!
وهنا نود أن نكرر قولنا لأولئك المستهزئين بهذا النبي الأعظم
عليه الصلاة والسلام: من أين جاء هذا الرسول بتعبير علمي دقيق جداً
في زمن لم يكن أحد على وجه الأرض يعلم شيئاً عن هذه
المخلوقات الصغيرة؟!فسبحان الله الذي أحكم هذه الآيات وجعلها نوراً
لكل مؤمن، وحجة على كل ملحد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.