الموضوع: درس اليوم 3854
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-16-2017, 09:42 AM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,882
افتراضي درس اليوم 3854

من:إدارة بيت عطاء الخير

درس اليوم

لكل شيء عبودية

الْعُبُوْدِيَّة لِلَّه تَعَالَي كَمَثَل أَنْفَاس الْبَشَر: لِكُل أَمْر وَضِدُّه عُبُوْدِيَّة ، لِلْفَرَح

عُبُوْدِيَّة وَلِلْحُزْن عُبُوْدِيَّة ، ولِلْيَقَظَة عُبُوْدِيَّة وَلِلْنَّوْم عُبُوْدِيَّة،وَلِلْغَضب

عُبُوْدِيَّة وَلِلْرِّضَا عُبُوْدِيَّة وَهَكَذَا دَوَالَيْك حَتَّى تَسْتَوْعِب كُلَّ صِفَات الْبَشَر ،

وَلَابُدَّ لِلْعَبْد أَن يُحَرزَ نَصِيِباً مِن كُل الْعُبُوْدِيَّة ،وَالْنَّاس يَتَفَاوِتُون عَلَى حَسب

الْهِمَم ، فَلَا يَتَسَاوَى الْأَنْبِيَاء مَع غَيْرِهِم ، وَلَا يَتَسَاوَى الْأَوْلِيَاء

مَع مِن دُوْنَهِم كُلٌ بِحَسَبِه .

مَثَلا: الْفُضَيْل بْن عِيَاض:

كَان لَه وَلَدٌ يُقَال لَه عَلِي ، وَكَان يُحِبُّه غَايَة الْحُب وَكَان عَلِيٌ هَذَا عَلَى

صِغَر سِنِّه مَن كْبَار الْأَوْلِيَاء وَمِمَّن شُهِد لَهُم بِالْإِخِبَات لِلَّه ، وَكَان عَلِيٌ هَذَا

يَقُوْل لِأَبِيْه الْفُضَيْل( يَا أَبَتي سَل الْلَّه الَّذِي وَهَبْنِي لَك فِي الْدُّنْيَا أَن يَهَبَنِي

لَك فِي الْآَخِرَة )، وَكَان مِن رِقَّة قلب عَلِيٌ هَذَا أَنَّه كَان إِذَا سَمِع آَيَات الْعَذَاب

يُغْشَى عَلَيْه ,فَكَانَت أُمُّه أَعِنِّي( امْرَأَة الْفُضَيْل) تَقُوْل لِلْفُضَيْل إِذَا رَأَيْت عَلَياً

خَلْفَك بِالْصَّف فَلَا تَقْرَأ بِآَيَات الْعَذَاب وَذَات مَرَّة نَظَر الْفُضَيْل فَلَم يَجِد عَلِياً

فَقَرَأ آَيَات فِيْهَا عَذَاب ، جَاء عَلِيٌ مُتَأَخِّراً بَعْدما كَبَّر أَبُوْه ، فَلَمَّا وَقَعْت هَذِه

الْآَيَات فِي سَمْعِه أُغْشّي عَلَيْه.إِذاً الْعُبُوْدِيَّة تَسْتَغْرِق حَيَاتِك كُلَّهَا:كَمَا قُلْت

فِي عَدَد أَنْفَاسِك فَإِذَا كَان الْأَمْر كَذَلِك فَلَا يَجُوْز لِأَحَد أَن يَرْفَع قَدَّمَه

أَو يَضَعَهَا إِلَّا بِإِذْن ، وَهَذَا هُو مَعْنَى الْعَبْد

الْمُرَاد بِالْعبد:عَبْد أَي لَه سَيِّد آَمِر ، وَنَحْن مَعَاشِر الْبَشَر

فِيْمَا يَتَعَلَّق بِمَسْأَلَة الْعُبُوْدِيَّة تَعَلَّقَت أَحْكَامٌ بِهَا .

مَا يَتَعَلَّق بِّعُبُوْدِيَّة الْبَشَر مِن أَحْكَام:مَثَلاً: لَو أَنَّك تِمْتَلِك عَبْداً أَو أَكْثَر

ثُم قَسَوْت عَلَى هَذَا الْعَبْد فَهَرَب مِنْك ، يَقُوْل الْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-

فِي هَذَا الْعَبْد الَّذِي هَرَب مِن سَيِّدِه الْقَاسِي

( لا تُقَبَل لَه صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا أَي طَاعَة حَتَّى يَرْجِع إِلَى سَيِّدِه )

، وَحَاطِب بْن أَبِي بَلْتَعَة- رَضِي الْلَّه عَنْه- كَان لَه عَبْد وَكَان يَقسُّوْ عَلَيْه ،

فَذَهَب مَرَّةً إِلَى الْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَشْتَكِي حَاطِباً ، فَقَال:

( يَا رَسُوْل الْلَّه وَالْلَّه لَيَدْخُلَن حَاطِبٌ الْنَّار - بِسَبَب قَسْوَتِه عَلَيْه

-فَقَال لَه الْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-:" كَذَّبَت إِنَّه شَهِد بَدْرا )




,وَالْنَّبِي- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَقُوْل:



" أَيُّمَا عَبْد تَزَوَّج بِغَيْر إِذْن مَوَالِيْه فَهُو عَاهِر"

، أَي زَانِي ، هَذَا فِيْمَا يَتَعَلَّق بِنَا كَبَشَر عَبْد مَع عَبْد .

فَمَا بَالُك إِذَا كُنَّا نَحْن مَع رَب الْعَالَمِيْن- تَبَارَك وَتَعَالَى-:

فَلَا يَجُوْز لُإِنْسَان أَن يَنْفَك مِّن الْعُبُوْدِيَّة مُطْلَقاً ، إِمَّا أَن يَكُوْن عَبْداً

بِالِاخْتِيَار وَهَذَا أَرْفَع الْدَّرَجَات ، أو أَن يَكُوْن عَبْداً بِالْقَهْر وَالْإِذَلال بِحُكْم

الْسُّنَّة الْعَامَّة

{ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا }

(مريم:93) .

طَالَمَا أَن أَنْوَاع الْعُبُوْدِيَّة كَثِيْرَة، وَأَنَّهَا بِعَدَد أَنْفَاس الْبَشَر ، فَلَا يَزَال الْمَرْء

يَتَقَلَّب فِي عُبُوْدِيَّة بَعْد أُخْرَى وَهُو يَسِيْر إِلَى رَبِّه ، هَذِه الْأَنْوَاع مِن

الْعُبُوْدِيَّة اسْمُهَا مَنَازِل الْسَّائِرِيْن إِلَى الْلَّه ، ينَزِّل فِي مَنْزِلَة ، أُصِيْب

بِمُصِيْبَة فَنَزَل فِي مَنْزِلَة الْحُزْن ، فَلَابُد أَن يَنْظُر مَا الَّذِي يَجِب عَلَيْه

فِي هَذَا ، تَبَدَّلَت مُصِيبَتَهُ بِفَرَح فَلْيَنْظُر مَا الَّذِي يَجِب عَلَيْه فِي هَذَا؟ .

وَمَنَازِل الْسَّائِرِيْن إِلَى الْلَّه كَمَثَل مَحَطّات الْوَقُوْد عَلَى الْطَّرِيْق الْطَّوِيْل:

فَلَو افْتَرَضْنَا أَن هُنَاك طَرِيْق سِتّمِائَة كِيْلُو وَلَيْس فِي هَذَا الْطَرِيْق مَحَطَّة

وَقُوْدٌ وَاحِدَة ، أَيُمْكِن أَن تَسْلُك هَذَا الْطَّرِيْق ؟ لَا تَسْتَطِيْع ، لِمَاذَا ؟ لِأَنَّك

أَوَّلا تَحْتَاج إِلَى مَاء ، تَحْتَاج إِلَى طَعَام ، وَالْسَّيَّارَة تَحْتَاج إِلَى وَقُوْد ،

فَلَا تَسْتَطِيْع أَن تَسْلُك هَذَا الْطَّرِيْق الْطَّوِيْل إِلَا إِذَا كَان فِيْه مَحَطّات وَقُوْد ،

تَمُر عَلَى الْمَحَطَّة تَتَزَوَّد لِنَفْسِك للسيارة ثُم تَمْضِي حَتَّى تَصِل إِلَى غَايَتِك

,فَمَنَازِل الْسَّائِرِيْن إِلَى الْلَّه- عَز وَجَل- كَمَثَل مَحَطّات الْوَقُوْد.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك

على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين

رد مع اقتباس