عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-24-2013, 08:54 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي خطبتي الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : أهمية الوحدة بين المسلمين

ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبتي الجمعة بعنوان :
أهمية الوحدة بين المسلمين
والتي تحدَّث فيها عن الفُرقة التي دبَّت في صفوف المسلمين،
وأن اجتماع الكلمة ووحدة الصف هي أوجب واجبٍ في هذه الآونة العصيبة،
داعيًا العالم الإسلامي والإنساني إلى تدارُك ما يحُلُّ بالمسلمين في سوريا وغيرها
من بلاد المسلمين، والوقوف إلى جانبهم صفًّا واحدًا للعبور إلى برِّ الأمان.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونستغفره ونتوبُ إليه،
اللهم لك الحمدُ حمدًا يُوافِي جلالَك ثناءً وإعظامًا.
فـحـمـدًا ثـم حـمـدًا ثـم حـمــدًا لـربِّ الـعـالـمـيـن بـلا تَـوانِــي
وشُـكـرًا ثـم شُـكـرًا ثـم شُـكـرًا لـــه فــــي كــــل أوقــــاتٍ وآنِ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نرومُ بها إستِبصارًا في الحقِّ واعتِصامًا،
وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه من بُعِث للعالمين رحمةً وسلامًا،
فتعطَّر الكونُ برسالته حُبًّا ووِئامًا،
اللهم فصلِّ وبارِك عليه، وعلى آله الأُلَى كانوا في اتباع الحقِّ أُباةً أعلامًا،
وصحبِه الميامين الذين دامُوا دون الضلال كُماةً وآطامًا،
والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ يرجُو من الرحمن مكانًا عليًّا في الجِنان ومُقامًا،
وسلِّم تسليمًا كثيرًا طابَ ابتداءً وخِتامًا إلى يوم الدين.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فاتقوا الله - عباد الله
فقد جلَّت خصائصُ التقوى ومزاياها، فكانت مثابةً لغُفران زلاَّت النفس وخطاياها،
وصلاحها في دينها ودُنياها، وعزِّ الأمة الذي زاحمَ فرقدَ السماء وثُريَّاها،
{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا }
[ الطلاق: 5 ]
عـلـيـك بـتـقـوى الله فـي الـسـرِّ والـعـلَـن وقـلـبَـك طـهِّــره مــن الـرِّجــس والــدَّرَنْ
فــمـــا الــــدارُ إلا جــنَّـــةٌ لــمـــن اتَّــقَـــى ونــارٌ لــمــن لـــم يــتَّــقِ اللهَ فـاسـمــعَــنْ
أيها المسلمون :
ليس يخفَى على أُولي النُّهى والألباب، وما شهِدَت به الحضاراتُ عريقةُ الأسباب:
أن شريعتنا الإسلامية الغرَّاء غيَّرَت بنور عدلِها ورحمتها قاتِمَ معالمِها،
فطمَسَت جورَها ومظالمِها، وانتزَعت دون شحنائِها وبغضائِها مُرهفَ صوارشمِها،
وغرسَت في البريَّة رحماتها ومكارمَها.
ومن ثَمَّ أبحَرت بالإنسانية المُعنَّى في أنداء حياة التعايُش والتسامُح الأجمل،
والمُستقبَل الآمِل الوارِف الأمثَل،
إلى أن رسَت في هذا الأوان في مرافِئ الأمواج المُتلاطِمة،
ذات الفتن المُدمِّرة والقاصِمة؛ فتنٌ احتدَمت فيها الطوائفُ والفُهوم،
وجنحَت عن المحجَّة البيضاء الحُلوم، فاعتسَفَت –
واأسفاه - طرائقَ الباطل الصُّراح، ونهلَت من مشارِب البطش القَراح.
وهؤلاء الفِئام زعموا بذلك البناءَ والإصلاحَ، كلا ثم كلا؛ فقد أراقُوا الدماء،
ونثَروا الأشلاء، ودمَّروا شاهِقَ البناء، وشوَّهوا قِيَم الدين الفَيْحاء.
إخوة الإيمان :
وتلك الكوارِثُ الأليمة التي أسَّست لشرخها العميق في خاصِرة الإسلام
هي نتيجةٌ حتميَّةٌ للذين اختزَلوا حقائقَ الإسلام العِظام، ومعانِيه السامِية الفِخام،
وقِيَمه التي بلغَت من العدل والحكمة والرُّشد التَّمام. اختزَلوها في أسماء مُستعارة،
ومُصطلحات مُستحدَثة غرَّارة، وألقابٍ وشِعارات وافِدةٍ ختَّارة،
تمترَسَت خلف التطرُّف الفكريّ والشُّذوذ العلميّ، الذي تنصَّل من الاعتدال والوسطيَّة،
واتخذُوهما وراءَهم ظهريًّا.
فنجمَ عن ذلك الإرهابُ المُسلَّحُ والإقصاء، والرَّزايا الشَّعواء،
والتنطُّع في تلقِّي الحق الرَّحيب العديد، وحجرُه على فكرٍ وحيدٍ ليس عنه مَحيد.
وإن هي إلا أفكارٌ إرهابيَّةٌ دخيلة، تلقَّفَت كِنانتَها المسمومة نِبالُ التفريق
وأسَلات التمزيق، وبدَّدَت وحدةَ الأمة بالسَّمهريَّات والعضاب،
وفرَت أديمَها بألسِنة الإفساد والكيد الغِضاب،
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ }
[ البقرة: 11، 12 ]
فــمـــاذا جـنَــيــنَــا مــــن حــمــاقــات ثُــلَّـــةٍ تـزيَّــت بــزيّ الـديــن فــي الـديــن تـنــحَــرُ
أفـاعـيـلُ طـيـشٍ تـحـتَـسِـي الأرضُ سُـمَّـهـا ودربُ الــهُــدى مــنــهــا كــئــيــبٌ مُــعــثَّــرُ
أمة الإسلام :
وإن الغُيُر من أهل الإيمان ليَعجَبون من هؤلاء وأشباههم من كل دعِيٍّ مُؤدلَج
في غياهب التأويل الباطل قد أدلَج؛ حيث يُحرِّفون كلامَ الله - عز وجل –
وفقَ نعَراتٍ عصبيَّة، وأهواء حِزبيَّة، ومصالِح ذات أجندَةٍ وتبَعِيَّة،
فيعمَدون إلى تخصيص عامِّه ومُجمَله، أو حملِه على غير محمَلِه.
وهذا التطفيفُ في نصوص الشَّرع الحنيف يتوشَّحُ في تأويلاته وتحرُّكاته بعباءَة الدين،
في جُرأةٍ على تفسير النصوص وفقَ مُراد أصحاب الإرهاب الفِكريّ
في إباحة سَفك الدماء، وقتل الأبرياء، وترويع الآمِنين، وهتْك الحُرُمات،
وتدمير المُمتلكات، وتخريب المُكتسَبَات،
وعدم المُبالاة بإزهاق الأنفُس المؤمنة والمعصُومة،
{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ
وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا }
[ النساء: 93 ].
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري - رحمه الله -:
( من قتلَ مُعاهَدًا لم يرَحْ رائحةَ الجنة )
ولكنّ دينَ الله من ذلك براء؛ لأنه افتِئاتٌ عليه واجتِراء، وانتِحالٌ وافتِراء.
أما تبطَّنَت تلك الدعاوَى الجوفاء الجعظريَّة والعُنفَ والإرهاب،
والعُنجُهيَّة والظلمَ والإفساد، وسعَت بأغلَظ الأكباد بين البلاد والعباد،
فأتَوا أمرًا كُبَّارًا، وشيئًا إدًّا، بعد أن أظهَروا بزعمِهم صفاءً ووُدًّا،
غيرَ مُتَّقين الله في أقوالهم وشِعاراتهم، ولا تبِعات أفعالهم ومآلاتهم.
فلا يكترِثون بالفِتن كثُرت أو قلَّت، ولا بالنوازِل حقُرَت أو جلَّت،
ولا بالخُطوب توالَت أو تولَّت، ولا بالجُفون انهمَلَت بالدموع أو تخلَّت.
رأيـنـا مـن الأحـداث مـا يـبـعـثُ الأسَـى فــمــن هــولِــهــا أكــبــادُنــا تـتــفــطَّــرُ
ضـــلالٌ وإرجـــافٌ وطــيــشٌ وفــتــنــةٌ وزيــغٌ وفـهــمٌ كـالِــحُ الـوجــه أظــهــرُ
إخوة الإيمان:
وهؤلاء الشَّراذِم الذين انتحَلوا الإصلاح فكذَبوا، واستخفُّوا عقولَ السُّذَّج فضلُّوا وأضلُّوا،
ويدَّعون أنهم للدين الحَنيف يخضَعون ويفِدُّون، ولحقِّ أحكامِه يُؤدُّون،
لا تزالُ أفعالهُم الباطلةُ الرديئة، وأقوالُهم المُنمَّقةُ الوبيئة تفضحُ مكنونَ ضمائِرهم،
وتكشِف مضمون سرائِرهم؛ لأنهم اتخَذوا الدين لرَخيصِ مآربِهم مطيَّةً وذريعةً،
ومسلَكًا لأهوائِهم الطامِعة الشَّنيعة، والتضليل والخَديعة،

رد مع اقتباس