عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-23-2013, 09:45 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي الخوف من المجهول / تنمية بشرية

الأبنة / هـيـفـاء الـيـاس

الخوف من المجهول
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
يدخلنا الخوف من المجهول في أوهام ننقاد إليها
وفي النهاية نكتشف أننا على النقيض تماماً من الصواب.
يقول أبو حامد الغزالي في التعريف
والتمييز بين الخوف الموضوعي (الطبيعي)
والمرضي (العصابي):
" الخوف تألم القلب واحتراقه بسبب توقع مكروه في المستقبل".
وقسمه رحمه الله إلى قسمين:
( الخوف العادي ):
وهو خوف من الله تعالى، وله مقامان؛ أحدهما: الخوف من عذابه،
والثاني: الخوف منه .. فالمقام الأول: خوف عموم الخلق،
والمقام الثاني: خشية العلماء.والحاصل أنه خوف من الأشياء
الموضوعية التي يكمن الخطر فيها، وهو صفة حميدة لتحقيق
العمل الصالح وحفظ الحياة.
( الخوف المفرط ):
وهو خوف زائد مذموم. يخرج الإنسان إلى اليأس والقنوط، ويمنعه
من العمل، ويسبب له المرض، والضعف، والوله والدهشة، وزوال
العقل، وأحياناً يؤدي به إلى الموت، وهو مذموم؛ لأنه معوق،
وسبب للقنوط والجزع، والشعور بالعجز والاستسلام للهم.
إذا فالخوف عموما فطرة في النفس، ولا يخلو منه إنسان في أي وقت
من الأوقات، بل هو قوة طبيعية لازمة للمحافظة على بقاء النوع
الإنساني. وبالتالي فهو موروث من جانب، ولا أمل في اقتلاعه من
جانب آخر، وإنما يراعي فيه حسن التوجيه، ولهذا كان للبيت والمجتمع
والخبرات الفردية المكتسبة أثرها في التخفيف من عبء هذه الفطرة
أو زيادتها، مما يجعلنا نجزم بأن الخوف ( عملية نسبية ) يتفاوت الناس
فيها تبعا للعوامل البيئية والجسمية والنفسية التي يمر بها الإنسان.
والخوف من المجهول هو خوف غير مبرر
وهو يعمل على فقدان الثقة بالنفس، وهو المسئول عن إبقائنا في الظل
وهو الذي يوقفنا في أماكننا لأزمنة طويلة وعلى عدة مستويات
يوسوس لنا أننا لن نستطيع تحقيق أحلامنا، يخبرنا أن نبقى صامتين
ويكبح جماح رغباتنا في التعبير عن أنفسنا بحرية ودون خجل.
إننا نحتاج للابتهاج بالحياة إلى شيئين هامين:
أولهما ( تنظيم الحياة في أنفسنا وفي مَنْ حولنا )؛ فالبيت إذا نُظِّم –
أعني نُظِّمت ميزانيتُه، ونظمت حياةُ صغاره وكباره، ونظمت العلاقة
بين الزوجين، وبينهما وبين الأولاد - كان أهله أقربَ إلى الابتهاج
بالحياة. والموظف إذا نظمت مصلحته، أعني حسنت علاقته بينه وبين
رؤسائه ومرؤوسيه كان أهدأَ بالاً، وأسعدَ حالاً .. وكذلك كل ما يتعلق
بالإنسان من شؤون إذا نظمت كانت مبعث سعادة وابتهاج.
والأمر الثاني ( الشجاعة )؛ فكثيراً ما يكون سبب الحزن فقدان الشجاعة،
يخاف الإنسان من الموت، ويخاف من الفقر، ويخاف أن تنزل به كارثة،
ويخاف من المستقبل، ويخاف أن يفشل في عمله؛ فهذا الخوف كله ينغص
عليه حياته، ويجعله منقبضاً غير مبتهج.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إن الخوف من المجهول هو لب المتاعب، ومن الحكمة والعقل ألا يجمع
الإنسان على نفسه بين الألم بتوقع الشر، والألم بحصول الشر؛ فليسعد
ما دامت أسباب الحزن بعيدة عنه، فإذا حدثت - لا قدر الله - فليقابلها
بشجاعة واعتدال وصبر، ومن يخشى مصائب الحياة فليتق إذن أسبابها
ما استطاع ويفوض أمره إلى الله تعالى بعد ذلك، وليطرح عنه أثقال
الخوف، وليتمسك بعقيدة القضاء والقدر فإنها أساس كل خير،
قال تعالى:
{ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَادَّ لِفَضْلِهِ
يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }
[يونس:107]
فإذا ما ملأ المؤمن قلبه بالتوكل على الله لم يبق للجزع في قلبه موضعًا
ولا للاضطراب في نفسه مكانًا، بل تراه ثابت الجنان، واثق الخطى،
يعمل للدنيا كأنه سيعيش أبدا، ويعمل للآخرة كأنه سيموت غدا.
وما الحياة إلا مرحلة عابرة لا تستحق أن ينغص الإنسان نفسه فيها بكثرة
الألم، ولا شك أن الهم والاستسلام للحزن، والخوف من توقع المكروه،
والإفراط في تقدير الآلام .. مما يضعف الحياة، ويضعف الإنتاج، ويزيد
الآلام والبؤس والشقاء؛ فحارب الكآبة في نفسك وابتسم للحياة، وابتهج
بها في غير إسراف تزد حياتك قوة، وتشعر بالسعادة،
وتُشعر بها من حولك.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
من روائع الحكمة
- من النعم أن يكون في حياتك رصيد من التجارب
التي في غالب الأحيان لا تتوافر إلا باقتحام المجهول.
- الخوف من أي محاولة جديدة طريق حتمي للفشل.
- لن تستطيع أن تمنع طيور الهم أن تحلق فوق رأسك،
لكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشش في رأسك.
- فكر دائما فيما يسعدك، وابتعد دائما عما يقلقك.
- أن تكون فرداً في جماعة الأسود خير لك من أن تكون قائداً للنعام.
- لا تجعل قطرات المطر في الصباح الباكر
توقعك في تفكير طويل: هل ستذهب للعمل أم لا.
- الخوف من المجهول لا يبدو برجفة في الأطراف وجفافاً في الحلق
ولكنه يمارس دوره السلبي علينا لفترات طويلة
من حياتنا بهدوء وصمت لا نعلم به.
- الإيمان يذهب الهموم، ويزيل الغموم،
وهو قرة عين الموحدين، وسلوة العابدين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
د. خالد سعد النجار

رد مع اقتباس