عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-07-2013, 10:30 AM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي

معاشر المسلمين:



وكل انحرافٍ بالوظيفة العامَّة أو الخاصَّة عن مسارِها الذي وُضِعَت له


ووُجِدت لخدمته فهو فسادٌ وجريمةٌ وخِيانةٌ.


بالفساد تضطربُ الأولويات في برامج الدولة، وفي برامج الدول ومشاريعِها،


وتُبدَّدُ موارِدُها، وتُستنزَفُ مصادِرُها.



بالفساد تتدنَّى مُستوى الخدمات العامَّة، وتتعثَّرُ مشارِيع، ويسُوءُ التنفيذ،


وتضعُفُ الإنتاجيَّة، تُهدَرُ مصالحُ الناس، ويضعُفُ الاهتِمامُ بالعمل وقيمة الوقت،


ويضطربُ تطبيقُ الأنظمة وعدالةُ المعايير.



الفساد يُؤدِّي إلى التغاضِي عن المخاطِر التي تلحَقُ الناسَ في مآكِلهم


وفي مشاربِهم وفي مرافِقِهم الصحيَّة والتعليمية، وفي طُرقهم،


وفي أنظِمة الأمان والحصول على الخدمات العامَّة.



الفسادُ يُزعزِعُ القِيَم الأخلاقيَّة القائمةَ على الصدق والأمانة والعدل


وتكافُؤ الفرص وعدالة التوزيع، وينشُر السلبيَّة، وعدمَ الشعور بالمسؤولية،


والنوايا السيئة، وينشُر الشعورَ بالظلم، مما يُؤدِّي إلى حالاتٍ


من الاحتِقانِ والحِقدِ والتوتُّر والإحباط واليأسِ من الإصلاح.



الفسادُ يجعلُ المصالحَ الشخصيَّة تتحكَّمُ في القرارات،


ويضعُفُ الولاءُ الصادقُ للحق وللأمة وللدولة، ويُعزِّزُ العصبيَّةَ المذمومة


مذهبيَّةً أو قبَليَّةً أو حِزبيَّةً، فهو يُهدِّدُ الترابُط الأخلاقيَّ،


وقِيَم المُجتمع الحميدة المُستقرَّة.



الفسادُ يُولِّدُ مُشكلاتٍ خطيرةً على استِقرار المُجتمعات وأمنِها وقِيَمها الأخلاقيَّة،


وسيادة الأنظمة.


الفسادُ يتواصَلُ مع أشكال الجريمة المُنظَّمة والجرائم الاقتصادية


بما فيها ما يُعرَفُ بـ


"غسيل الأموال".



الفسادُ يُعيقُ تطبيقَ الخُطط الصحيحة، والسياسات الإيجابيَّة،


كما يُعرقِلُ جهودَ التغيير نحو الأفضل؛ بل إنه يُقوِّضُ الدولَ والمُؤسَّسات،


ويُبعثِرُ الثَّروات، وينخَرُ في الإدارات، ويتناسَبُ طردًا مع الانحِرافات والمُنكَرات


والأمراض المُجتمعيَّة والأخلاقيَّة.



معاشر الأحبَّة:



وللفساد مظاهرُ كثيرة، وصورٌ عديدة، ومسالكُ مُتنوِّعة؛ من الاختِلاس،


والرِّشوة، وسوء استِخدام السُّلطة والصلاحيات، وإفشاء أسرار العمل،


أو كِتمانِ معلوماتٍ حقُّها أن تكون معلومةً مُعلَنةً؛


سواءً في شأنٍ ماليٍّ أو وظيفيٍّ، والتزوير، والعبثُ بالوثائق والمُستندات


والقرارات، وعدم احتِرام العمل وأوقات الدَّوام حُضورًا أو انصِرافًا،


وضعف الإنجاز، والتشاغُل أثناء العمل بقراءاتٍ خارجيَّة،


أو استِقبال من لا علاقةَ لهم بالعمل، والبحث عن منافِلَ وأعذارٍ،


والتهرُّب من تنفيذِ الأنظِمة والتعليمات والتوجيهات، وعدمِ المُبالاة،


والعُزوف عن المُشاركة الفاعِلة، والإسرافِ في استِخدامِ المالِ العام –


ولو كان يسيرًا - في الأثاث والأدواتِ المكتبيَّة، والمُبالَغة في إقامةِ المُناسَبات،


وسُوء توظيف الأموال، وإقامة مشارِيع وهميَّة، والعبَث بالمُناقَصات


والمُواصَفات، في صُورٍ وأشكالٍ لا تقعُ تحت حصرٍ.



أيها المسلمون:



إذا كان الأمرُ كذلك؛ فلا بُدَّ من مُحاربة الفساد ومُكافحته، والتِزام الصلاح


والإصلاح والنزاهة والشفافية، وذلك هو المِفتاحُ القائدُ - بإذن الله –


لأسباب الخير والفلاح، والتوفيق والصلاح، والأمن والطمأنينة،


وانتشار العدالة.



ومُحاربةُ الفساد ليست وظيفةً لجهةٍ مُعيَّنةٍ أو فِئةٍ خاصَّةٍ؛ بل هي مسؤوليَّةُ


الجميع ديانةً وأمانةً وخُلُقًا ومسؤوليَّة.


النزاهةُ والعدالةُ في الإصلاح تحفَظُ هيبةَ الدول وكرامتَها وتُؤكِّدُ التلاحُم بينَها


وبين مُواطِنيها، وتغرِسُ الثِّقةَ في الأجهزة والأنظمة.


النزاهةُ تُعطِي قيادات الدول دفعًا أكبر في مُحاربة الفساد في جميع صُوره


وأشكاله إداريًّا وماليًّا وأخلاقيًّا.



مقاييسُ النزاهة هي:


الديانة، والصدق، والعدالة، والوضوح والشفافية.


في أجواء النَّزاهة تكونُ المُنافَسات النَّزيهة،


والتنافُس الشريف على تقديم الأفضل والأجود والأنسَب.



أيها المسؤولون:



ومما يُعينُ على ذلك: تحديدُ مسؤوليَّات المُوظَّف، وإصدارُ الأدلَّة الإرشاديَّة،


والتوعيَّة المُنظَّمة، وتبصيرُ الناس بحقوقِهم،


وتشجيعُهم على المُساعَدة في كشفِ المُفسِدين.



ومما يُعينُ على ذلك كذلك: إصلاحُ أجهزة الرَّقابة، وتقويتُها،


ودعمُها في كفاءاتها، وتبسيطُ أساليب العمل الإداريِّ، وتقويةُ الرَّقابة المُحاسبيَّة


الإداريَّة والنظاميَّة والماليَّة، وسنُّ الأنظمة الصارِمة في مُواجَهة الفساد،


وتطبيقُها بحزمٍ وعدالةٍ وحياديَّةٍ، والبُعدُ عن المُجاملات المُضعِفة،


والعناية ببرامِج الإصلاح الإداريِّ ومنحُها الأولوية، وتوسيعُ دائرة


تكافُؤ الفُرص والمُساواة على أساسِ معايير الجدارة والاستِحقاق



{إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}


[القصص: 26].



وغرسُ قِيَم الجدِّ في العمل، وحِفظُ الوقت، والتواصِي بالحقِّ، والتِزامُ الأخلاق؛


من الصِّدقِ، والأمانة، والإخلاص، وحُسن الظنِّ، بعد الإيمان بالله وصدقِ


التعلُّق به والاعتِماد عليه، والاهتِمام بالمصلحة العامَّة، والشعور الحق


بالمسؤوليَّة، وزرعُ الثِّقَة من الجميع، مع بثِّ أجواء حرية الرأي


والمناقَشة والمُكاشَفة.



وبعدُ - حفِظكم الله -؛ فالخللُ ليس في الأنظمة والقوانين والنُّصوص،


ولكنَّه في الإدارات والمُجتمعات والنفوس.



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:



{ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا


وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ }


[القصص:77].



نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -،


وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ،


فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

رد مع اقتباس