{ الموضوع الثامن الفقرة2 1 }
نكرر معكم يومياً حلقات ( أحكام الصيام ) من مواضيع دين و حكمة
ماذا تعرف عن زكاة الفطر ؟؟
تسمى زكاة الفطر لأنها تؤخذ و تخرج قبل صلاة عيد الفطر
و تسمى زكاة الفِطرة أى الخلقة لأنها تؤخذ على كل مخلوق من البشر
صغيرا أو كبيرا ذكرا أو انثى
و تسمى زكاة الرؤوس لأنها تؤخذ على كل رأس من البشر
هى فرض عند جمهور الفقهاء بنص الكتاب و السنة
{ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }
قال أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه
كان النبى صلى الله عليه و سلم يقول
( قد أفلح من تزكى و ذكر أسم ربه فصلى
ثم يقسم الفطره قبل أن يغدو الى المصلى يوم الفطر )
و قد روى عبدالله بن عمر رضى الله عنهما
أن النبى صلى الله عليه و سلم قال
( فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر
أم عبد رجل أو أمرأة صغيرا أو كبيراصاعا من تمر او صاعا من شعير)
أخرجه مالك و النسائى و مسلم
هذه الزكاة تطهير للصائم مما وقع منه من اللغو و الرفث
أى القبح فى الأقوال و الأفعال
و لتكون عونا للفقراء على كفايتهم يوم العيد
فقد روى عكرمة عن أبن عباس رضى الله عنهم قال
فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم
زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو و الرفث و طعمة للمساكين
من أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة
و من أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات
تجب زكاة الفطر على المسلم الحر الذى توفر لديه ما يخرجه زكاة عنه
و عن من يلى أمرهم زائدا عن قوته و قوت أولاده
و لا يشترط اليسار و ملك النصاب عند الجمهور بخلاف أبى حنيفة
فعن عبد الله بن ثعلبة بن أبى صغير عن أبيه
أن النبى صلى الله عليه و سلم قال
( أدوا صاعا من قمح أو بر عن كل أثنين
صغير أو كبير ذكرا أو أنثى حرا أو مملوكا غنى أو فقير
و أما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما يعطى )
هذا الحديث يفيد وجوب الزكاة على الفقير كما هى واجبة على الغنى
و يفيد أنها تزكية للغنى أى تطهير لماله و نفسه
و أنها سبب فى جلب الرزق إلى الفقير إذ يعوضه الله عما أخرج أضعاف ما أخرج
و لا يخفى فى هذا التشريع الحكيم
من أشعار الفقير بكيانه بين الناس إذ يصبح من المزكين
و بذلك ترتفع روحه المعنوية و يزداد ثقة فى نفسه
و ينفض عنه غبار البخل بقدر ما أتاح الله له من الصدقة
و الذى يقوم بأخراج الزكاة عن الصغير و المرأة و السفيه و المجنون
أنما هو وليه الذى يعوله و يتولى شأنه
تجب بطلوع فجر يوم عيد الفطر عند الحنفيين
لأنها قربة تتعلق بيوم الفطر فلا تتقدم عليه بالأضحية
فأنها لا تتقدم على عيد الأضحى بل تذبح أو تنحر بعد صلاة العيد
و المستحب فى صدقة الفطر أخراجها قبل الصلاة
و تجب عند غير الحنفية بغروب شمس أخر يوم من رمضان
و الفطر من رمضان لا يكون إلا بغروب شمس أخر يوم من رمضان
و لأننا بانتهاء رمضان ندخل فى أول أيام العيد بناءا على أن الليل سابق للنهار
و أن ثمرة الخلاف بين الفريقين
أنه في من مات بعد غروب شمس أخر يوم من رمضان قبل فجر يوم العيد
أنه من مات قبل فجر يوم العيد لا تخرج عنه زكاة
و عند غيرهم تخرج عنه الزكاة
و قول الجمهور أحوط و الأخذ به أولى
يستحب أخراجها قبل صلاة العيد و يكره تأخيرها بعد الصلاة إلى أخر اليوم الأول
و يحرم تأخيرها عن اليوم الأول لفوات المقصود منها
فان المقصود منها هو سد حاجة الفقير فى هذا اليوم
و هى لا تسقط عنه على كل حال
بل تظل متعلقة بذمته طول عمره
و قد جوز المالكية و الحنابلة فى المشهور عنهم أخراجها قبل العيد بيوم أو يومين
قال أبن عمر رضى الله عنهما
أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة
و كان أبن عمر يؤديها قبل ذلك باليوم و اليومين
كان أبن عمر يعطيها الذين يقبلونها
و كانوا يعطونه بيوم أو يومين
و هذا مما لا يخفى على النبى صلى الله عليه و سلم
بل لا بد من كونه بأذن سابق
فان الأسقاط قبل الوجوب مما لا يعقل
فلم يكونوا يقدمون عليه إلا بسمع من صاحب الشرع و هو الرسول صلى الله عليه و سلم
يجوز تقديمها على شهر رمضان و لو بسنين
يجوز أخراجها فى أول رمضان لا قبله
لأنها صدقة فطر و لا فطر قبل الشروع فى الصوم
و الأصح ما قاله المالكية و الحنابلة
من جواز أخراجها قبل العيد بيوم أو يومين
و حتى تؤدى الغرض المقصود منها و هو سد حاجة الفقراء فى أيام العيد
يجب على كل مكلف أن يخرج عن نفسه و عمن يعوله و يلى أمره
كل واحد صاعا من أغلب قوت البلد كالقمح و الشعير و الذرة
فان كان معظم قوت البلد قمحا أخرج صاعا منه
و كذلك إذا كان معظم قوتهم شعيرا
بل يجوز أن يخرج صاعا من تمر أو زبيب أو أرز و نحو ذلك
و الصاع قدحان بالكيل المصرى
و المد حفنة بالكفين من كفى الرجل المتوسط
هذا هو راى الجمهور من الفقهاء
عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال
كنا أذا كان فينا النبى صلى الله عليه و سلم
نخرج زكاة الفطر عن كل صغير و كبير حر أو مملوك صاعا من الطعام
من أقِطأو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب
فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر
أنى أرى أن مدين من ثمراء الشام تعدل صاعا من تمر
فأما أنا فلا أزال أخرجه أبدا ما عشت
أقِط بمعنى هو اللبن المتجمد الذى لم ينزع منه الدهن
ثمراء الشام بمعنى قمحها و المدان يساوى نصف صاع
أخراج قيمة الصاع من القمح أو الشعير أو التمر و نحوه نقودا إذا كانت النقود أنفع للفقير
و لم يجوز أخراج القيمه الأئمة الثلاثه
و الأولى ماذهب اليه أبو حنيفة و أصحابه
لأن الغرض من الزكاة هو رعاية مصلحة الفقير و سد حاجاته
فاذا كانت مصلحته فى النقود كان أخراج النقود أولى
يؤديها المكلف عن نفسه و عمن يعوله
و يتولى شأنه فى نفس البلد الذى يقيم فيه
فأن فقراء البلد الذى يقيم فيه أحق من غيرهم
و أولى من سواهم بصدقة من يقيم معهم
فأن لم يكن فى البلد من هو فى حاجه إليها جاز نقلها إلى بلد أخر
يكون فيها من هو مستحق لها من المسلمين
فان كان فى بلده فقراء و لك له فى بلد أخر أقارب أو طلاب علم أحوج إلى المعونة
من أهل بلدهالذى يقيم فيه جاز نقلها اليهم من غير كراهة عن
فأن لم يكن له قريب محتاج كره نقلها من بلد إلى بلد
و إنما جاز نقلها للأقارب صلة لهم و محافظة على مودتهم
عن طاوس أن معاذ بن جبل رضى الله عنه
إيتونى بعرض ثياب خميص أو لبيس فى الصدقة
مكان الشعير و الذره أهون عليكم و خير لأصحاب النبى صلى الله عليه و سلم بالمدينة
و هذا الحديث يدل على أن معاذ بن جبل
كان ينقل الزكاة أو بعضها من اليمن إلى المدينة
و قد ثبت أن الرسول صلى الله عليه و سلم
كان يأخذ الصدقات من الأعراب و يفرقها على أهل المدينة
قالوا لا يجوز نقلها من البلد إلى بلد أخر تبعد عنها مسافة القصر أى 89 كيلو
إلا أذا كان هناك من هو أحوج
فحينئذ يجوز نقل بعضها أو أكثرها إليها
فان لم يكن هناك من هو أحوج حرم نقلها
و لو نقلت صحت و لا تجب أعادتها
حديث عمرو بن شعيب الذى ذكره أبو عبيد فى كتاب الأموال
أن معاذ بن جبل بعث إلى عمر بن الخطاب بثلث مال الصدقة
لم أبعثك جابيا و لا أخذ جزية و لكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس و ترد على فقرائهم
ما بعثت إليك بشئ و أنا أجد أحدا يأخذه منى
و قد راجعه بمثل ذلك مرتين
بهذا نكون قد أنتهينا بفضل الله و معونته
من موضوع زكاة الفطر بأشكالها و أنواعها
و أعتذر لطول الحلقة عن زكاة الفطر
حيث أدركت أنه فى حالة تقسيمها سوف يؤدى إلى تشتيت القارئ
أرجو قبول عذرى و أرجوكم الدعاء
إن شاء الله تعالى فى الحلقة القادمة
حـكـمـة الـيـوم فرغ قلبك من الأغيار تملؤه بالمعارف و الأسرار
المؤمن يشغله الثناء على الله عن أن يكون لنفسه شاكرا
و تشغله حقوق الله عن أن يكون لحظوظه ذاكرا
جعلك الله فى العالم الأوسط بين ملكه و ملكوته
ليعلمك جلالة قدرك بين مخلوقاته
و أنك جوهرة أنطوت عليها أصداف مكوناته
أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكون
فأذا شهدته كانت الأكوان معك
و إلى اللقاء فى الحلقة القادمة إن كان فى العمر بقية إن شاء الله
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخيكم الفقير إلى عفو ربه و مغفرته