عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-25-2013, 08:11 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي عواقب ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر (2-3)

الأخ / محمدالخواص

عواقب ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
( 2- 3 )
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
مقدمة:
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيرا، والصلاة والسلام على من أرسله الله
بالحق بشيراً ونذيرا، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا.. نبينا محمد وآله وصحبه
والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..وسلم تسليماً كثيرا..
أما بعد:
ذكرنا في المبحثين الأول والثاني
(فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والآثار المترتبة على ذلك)
وفي هذا المبحث سنتطرق إلى عواقب ترك هذه الفريضة،
فكما عرفنا سابقاً الآثار والفوائد التي تجنيها الأمة عند قيامها بفريضة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه بتركها لهذه الشعيرة العظيمة
تظهر الكثير من العواقب الوخيمة، والأضرار الجسيمة في حياة الأمة
سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أم المجتمعات، هذه العواقب منها
ما يكون في الدنيا ومنها ما يكون في الآخرة
وسوف نذكر في هذا المطلب بعضاً من هذه العواقب في النقاط التالية:
سادساً: نزول العقوبات العامة
كما علمنا سابقاً أن القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يدفع العقوبات والمصائب عن العباد، ويكون سبباً في نجاتهم،
فعلى العكس من ذلك يكون التخلي عن الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر سبباً في جلب المصائب والعقوبات، وقد يكون سبباًفي هلاكهم
ولو شاء الله أن يحاسب الناس على أفعالهم في الدنيا لما نجا أحد من عذاب الله
كما قال سبحانه:
}وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ
وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرا{
[فاطر: 45]
فالله سبحانه يعفو عن الكثير من ذنوب عباده بمنه وحلمه وكرمه.
وهذه السنن جارية في العباد أفراداً ومجتمعات، فلا تنزل مصيبة بعبد
إلا بسبب ذنب اقترفه أو معصية وقع فيها
فعن أبي موسى
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( لا يصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر )
قال: وقرأ:
}وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ{
[الشورى: 30](14).
هذا إذا كانت العقوبة متعلقة بالعبد بسبب بعده عن الله أو وقوعه
في بعض الذنوب والمعاصي، فكيف إذا ظهرت الذنوب والمعاصي أمام الملأ
ومارسها بعض الناس جهاراً نهاراً، كما نراه اليوم ونسمعه في بعض المجتمعات
التي أصبحت فيها المنكرات تنتشر بطرق رسمية، وتهيأ لها الأجواء المناسبة
ويحاط أهلها بالعناية والرعاية، ليكون لهم الحرية الكاملة في إفساد الناس
تحت غطاء الحرية الشخصية، أو التعبير عن الرأي، أو غير ذلك
من الشعارات المغلوطة ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد حذر الله سبحانه
عباده المؤمنين من القعود عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
أو التراخي عن الدعوة وإرشاد الناس إلى الخير فيكون ذلك سبباً
في وقوع الفتنة التي لا تختص بمن يمارسها من العاصين دون الطائعين
بل تتعدى هؤلاء الواقعين في المنكر لتعمّ الصالح والطالح
كما قال سبحانه:
}وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {
[الأنفال: 25].
قال ابن عباس رضي الله عنه:
"أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب"(16).
قال الإمام الشنقيطي:
"والتحقيق في معناها أن المراد بتلك الفتنة التي تعم الظالم وغيره
هي أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه عمهم الله بالعذاب، صالحهم
وطالحهم وبه فسرها جماعة من أهل العلم والأحاديث الصحيحة شاهدة لذلك"(17).
وقد يقال:
كيف يعم العذاب الصالح والطالح والله تعالى يقول:
}وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {
[الأنعام: 164]
فكيف يؤاخذون بجريرة غيرهم؟؟.
والجواب:
أن ظهور هذه المعاصي والمجاهرة بها كان بسبب سكوت الصالحين
عن إنكارها مع كونهم قادرين على تغييرها والحيلولة دون وقوعها،
فيعتبر ذلك السكوت -الذي لا مبرر له- من علامات الرضا والإقرار بالمنكر.
فمثلهم كمثل المجموعة الذين أرادوا خرق السفينة في نصيبهم وليس
في نصيب الآخرين، ويبدو قصدهم حسناً، وهو عدم إيذاء جيرانهم،
ولكن الهلاك لم يقتصر على من باشر الخرق، وإنما هو عام لكل ركاب السفينة
وهكذا فاعلو المنكر قد يظن من لم يفعل المنكر مثلهم، أنه سينجو
من العقاب الذي ينزله الله بهم، ولو سكت عن منكرهم فلم ينكره،
ولكن العقاب النازل بسبب فعلهم لا يخصهم،
وإنما يعم معهم غيرهم، لعدم قيام المجتمع بتغيير ذلك المنكر.(18)
قال الشهيد سيد قطب رحمه الله:
"والجماعة التي تسمح لفريق منها بالظلم في صورة من صوره -وأظلم
الظلم نبذ شريعة الله ومنهجه للحياة- ولا تقف في وجه الظالمين،
ولا تأخذ الطريق على المفسدين، جماعة تستحق أن تؤخذ بجريرة
الظالمين المفسدين.. فالإسلام منهج تكافلي إيجابي لا يسمح أن يقعد
القاعدون عن الظلم والفساد والمنكر يشيع
(فضلا على أن يروا دين الله لا يتبع؛ بل أن يروا ألوهية الله تنكر
وتقوم ألوهية العبيد مقامها!) وهم ساكتون، ثم هم بعد ذلك يرجون
أن يخرجهم الله من الفتنة لأنهم هم في ذاتهم صالحون طيبون!"(19).
وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث التي تبين
أن العذاب يعم المجتمع برمته إذا ظهرت المعاصي بين فئة منهم
مع سكوت الآخرين القادرين على تغييرها، وتخليهم عن الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وإن كان الآخرون صالحين،
فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز منهم وأمنع لا يغيرون
إلا عمهم الله بعقاب)(20)
وفي رواية:
( هم أكثر وأعز ممن يعمل بها )(21).
وعنه أيضاً -رضي الله عنه- قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون على
أن يغيروا عليه فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعذاب من قبل أن يموتوا )(22)

رد مع اقتباس