عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-23-2013, 09:49 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

سبح سبحانه وتعالى نفسه الكريمة،
وأخبر أنه يسبح له جميع مخلوقاته العلوية والسفلية،
وأنه العزيز وهو منيع الجناب، فلا ترام عظمته وكبرياؤه،
وأنه الحكيم في جميع ما خلق وجميع ما قدر وشرع،
فمن ذلك تقديره وتدبيره وتيسيره لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وعباده المؤمنين في ظفرهم بأعدائهم اليهود الذين شاقوا الله ورسوله،
وجانبوا رسوله وشرعه، وما كان من السبب المفضي لقتالهم كما تقدم،
حتى حاصرهم المؤيد بالرعب والرهب مسيرة شهر‏.‏
ومع هذا فأسرهم بالمحاصرة بجنوده ونفسه الشريفة ست ليال،
فذهب بهم الرعب كل مذهب، حتى صانعوا وصالحوا على حقن دمائهم،
وأن يأخذوا من أموالهم ما استقلت به ركابهم،
على أنهم لا يصحبون شيئاً من السلاح إهانة لهم واحتقارا،
فجعلوا يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار‏.‏
ثم ذكر تعالى أنه لو لم يصبهم الجلاء ‏:‏
وهو التسيير والنفي من جوار الرسول من المدينة
لأصابهم ما هو أشد منه من العذاب الدنيوي وهو القتل،
مع ما ادخر لهم في الآخرة من العذاب الأليم المقدر لهم‏.‏
ثم ذكر تعالى : حكمة ما وقع من تحريق نخلهم، وترك ما بقي لهم،
وإن ذلك كله سائغ فقال ‏:‏ ما قطعتم من لينة - وهو جيد الثمر –
أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله،
إن الجميع قد أذن فيه شرعاً وقدراً فلا حرج عليكم فيه،
ولنعم ما رأيتم من ذلك،
وليس هو بفساد كما قاله شرار العباد إنما هو إظهار للقوة،
وإخزاء للكفرة الفجرة‏.‏
وقد روى البخاري ومسلم جميعاً، عن قتيبة، عن الليث،
عن نافع ، عن ابن عمر ‏:‏
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير،
وقطع وهي بالبويرة )
فأنزل الله‏ :‏
{ ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله
وليجزي الفاسقين‏ }‏
[ الحشر : 5 ]
وعند البخاري، من طريق جويرية بن أسماء، عن نافع، عن ابن عمر :
( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير
وقطع وهي البويرة )
ولها يقول حسان بن ثابت‏ :‏
وهان على سراة بني لؤي حريـق بالبويـرة
‏( ‏ج/ص‏ :‏ 4/ 89‏ )‏
فأجابه أبو سفيان بن الحارث يقول‏ :‏
أدام الله ذلـك مــن صنـيـع وحرق في نواحيها السعير
ستعلـم أينـا منـهـا بسـتـر وتعـلـم أي أرضيـنـا نضـيـر
قال ابن إسحاق‏ :‏ وقال كعب بن مالك يذكر إجلاء بني النضير،
وقتل كعب بن الأشرف ، فالله أعلم‏
لقـد خزيـت بغدرتهـا الحـبـور كذاك الدهـر ذو صـرف يـدور
وذلــك أنـهـم كـفـروا بـــرب عظـيـم أمـــره أمـــر كـبـيـر
وقد أوتـوا معـاً فهمـا وعلمـاً وجـاءهـم مـــن الله الـنـذيـر
نـذيــر صـــادق أدى كـتـابــاً وآيـــــات مـبـيــنــة تــنــيــر
فقالوا مـا أتيـت بأمـر صـدق وأنــت بمنـكـر مـنــا جـديــر
فقـال بلـى لقـد أديـت حقـاً يصدقنـي بـه الفهـم الخبيـر
فمن يتبعـه يهـد لكـل رشـد ومـن يكفـر بـه يخـزَ الكفـور
فلمـا أشربـوا غــدرا وكـفـراً وجد بهم عـن الحـق النفـور
أرى الله النبي بـرأي صـدق وكــان الله يحـكـم لا يـجــور
فـأيــده وسـلـطـه علـيـهـم وكـان نصيـره نـعـم النصـيـر
فغـودر منهـم كعـب صريـعـاً فذلت بعـد مصرعـه النضيـر
على الكفين ثـم وقـد علتـه بأيـديـنـا مـشـهــرة ذكــــور
بـأمـر محـمـد إذ دس لـيــلاً إلى كعـب أخـا كعـب يسيـر
فـمـاكـره فـأنـزلــه بـمـكــر ومحمـود أخـو ثقـة جـسـور
فتلك بنو النضيـر بـدار سـوء أبارهـم بمـا اجترمـوا المبيـر
غداة أتاهم في الزحف رهواً رسول الله وهـو بهـم بصيـر
وغـسـان الحـمـاة مــؤازروه على الأعداء وهو لهـم وزيـر
فقال السلم ويحكم فصـدوا وخالـف أمـرهـم كــذب وزور
فذاقـوا غــب أمـرهـم وبــالاً لـكـل ثـلاثــة مـنـهـم بـعـيـر
وأجـلـوا عامـديـن لقيـنـقـاع وغــودر منـهـم نـخــل ودور
‏(‏ ج/ص‏ :‏ 4/ 90‏ )‏
وقد ذكر ابن إسحاق جوابها لسمال اليهودي فتركناها قصداً‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان مما قيل في بني النضير قول ابن لقيم العبسي،
ويقال‏ :‏ قالها قيس بن بحر بن طريف الأشجعي‏ :‏
أهلـي فــداء لامــرئ غـيـر هـالـك أحــل اليـهـود بالحـسـي الـمـزنـم
يقيلـون فـي خمـر العضـاه وبدلـوا أهيضـب عــودا بـالـودي المكـمـم
فـإن يــك ظـنـي صـادقـا ًبمحـمـد تـروا خيـلـه بـيـن الـضـلا ويـرمـرم
يـؤم بهـا عـمـرو بــن بهـثـة إنـهـم عـدو ومـا حــي صـديـق كمـجـرم
عليهن أبطال مساعير في الوغى يهـزون أطـراف الوشـيـج المـقـوم
وكــل رقـيـق الشفـرتـيـن مـهـنـد توورثـن مـن أزمـان عـاد وجـرهـم
فمـن مبلـغ عنـي قريشـا رسالـة فهل بعدهم في المجد من متكرم
بــأن أخـاهــم فاعـلـمـن مـحـمـداً تليـد النـدى بيـن الحجـون وزمــزم
فدينوا لـه بالحـق تجسـم أموركـم وتسمو من الدنيا إلى كـل معظـم
نـبــي تـلافـتـه مـــن الله رحـمــة ولا تسـألـوه أمــر غـيــب مـرجــم
فقـد كـان فـي بـدر لعمـري عبـرة لكـم يـا قريـش والقلـيـب الملـمـم
غـداة أتـى فـي الخزرجيـة عامـدا إليـكـم مطيـعـاً للعظـيـم المـكـرم
معانـاً بـروح القـدس ينكـى عـدوه رسـولاً مـن الرحمـن حقـا بمعلـم
رسـولاً مـن الرحمـن يتـلـو كتـابـه فلـمـا أنــار الـحــق لـــم يتلـعـثـم
أرى أمـره يـزداد فـي كـل موطـن عـلــواً لأمـــر جـعــل الله مـحـكـم

رد مع اقتباس