عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-07-2013, 11:49 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد النبوي مكتوبة بعنوان : رمضان و التيسير في العبادة

ألقى فضيلة الشيخ الدكتور صلاح البدير - حفظه الله - خطبتي الجمعة بعنوان :
رمضان والتيسير في العبادة
والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان وضرورة استقباله بكثرة الطاعات،
والتقرُّب إلى الله بصُنوف العبادات،
وبيَّن في مطلع خُطبته ما حبا الله هذا الدين من شرائِع مُيسَّرة،
في الحجِّ وفي غيره من العبادات.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمد لله، الحمد لله الذي حكَمَ فأحكَم، وحلَّل وحرَّم،
أحمدُه على ما عرَّف وعلَّم، وفقَّه في دينه وفهَّم،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه،
صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابِه صلاةً وسلامًا دائمَين مُمتدَّين إلى يوم الدين.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فيا أيها المسلمون:
اتقوا الله؛ فبالتقوى تحصُل البركة، وبالعلم تندفعُ الفوضَى والهلَكة،
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[ آل عمران: 102 ].
أيها المسلمون:
ليس أحدٌ من أهل الإسلام إلا وهو يحِنُّ إلى رؤية الكعبة المُشرَّفة والطواف بها،
وحجّ التطوُّع وعُمرة التطوُّع وتكرارُهما فضيلة، والطوافُ بالكعبة لغير المُحرِم قُربة،
والعُمرة في رمضان سُنَّة تعدِلُ حجَّةً مع النبي صلى الله عليه وسلم .
وتركُ ذلك كلِّه بقصد التوسيع والتخفيف في وقت شدَّة الزِّحام
المُفضِي إلى الضرر والمشقَّة والحرَج، وتعسُّر الحركة،
وحُصول الأذَى والفوضَى والضَّوضاء المُنافِية للعبادة أولَى في السعي،
وأقربُ إلى البرِّ والخير.
والتوسيعُ للضعفاء والمرضى وكِبار السنِّ وغيرهم ممن يُؤدُّون حجَّة الإسلام
والعُمرة الواجِبة صنيعُ أهل الفقه والعقل، والحِكمةُ والبصيرةُ والفقهُ
في الدين تحمِلُ المرءَ على ترك ما يُفضِي إلى إيذاء نفسِه أو غيره،
وإن كان تحصيلَ سُنَّة. والتركُ إذا كان مقرونًا بقصدٍ حسنٍ عبادةٌ وقُربةٌ.
قال شيخُنا ابن باز - رحمه الله تعالى -:
[ تركُ الاستكثار من الحجِّ لقصد التوسِعة على الحجَّاج وتخفيف الزِّحام عنهم
نرجُو أن يكون أجرُه في الترك أعظمَ من أجره في الحجِّ،
إذا كان تركُه له بسبب هذا القصد الطيب ]
اهـ كلامُه - رحمه الله .
وقد تركَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الإطالةَ في الصلاة
وكان يُريدها، لما سمِع بُكاءَ الصبيِّ دفعًا لمشقَّة أمِّه.
فعن أبي قتادة - رضي الله عنه :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( إني لأَقوم في الصلاة أُريد أن أُطوِّل فيها،
فأسمعُ بكاءَ الصبيِّ فأتجوَّز في صلاتي، كراهيةَ أن أشُقَّ على أمِّه )
أخرجه البخاري.
أيها المسلمون:
ومُراعاة العوارِض والطوارِئ والظروف والأحوال مطلوبٌ شرعًا، ومُستحسَنٌ عقلاً.
وقد نصَّ الفقهاء - رحمهم الله تعالى - على أن الطائِف يترُك استِلامَ الحجر الأسود
وتقبيلَه في حال شدَّة الزِّحام، دفعًا للأذى عن نفسه وعن غيره، ويُشيرُ ويُكبِّر.
فعن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال:
قال لِي النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( كيف صنعتَ في استِلام الحجَر؟
فقلتُ: استلمتُ وتركتُ.
قال: أصبتَ )
أخرجه ابن حبان.
والمعنى: أنه استلمَ في غير زِحام، وتركَ في زِحام.
فصوَّبَه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وعن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:
[ إذا وجدتَّ على الرُّكن زِحامًا، فانصرِف ولا تقِف ]
وسُئِل ابنُ القاسِم:
أكان مالكُ يأمرُ بالزِّحام على الحجر الأسود عن استِلامه؟
قال: نعم، ما لم يكُن مُؤذِيًا، ما لم يكُن مُؤذِيًا
وقال الإمام الشافعيُّ - رحمه الله تعالى -:
[ وأحبُّ أن يستلِم الرجلُ إذا لم يُؤذِ ولم يُؤذَ بالزِّحام، ويدَعُ إذا أُوذِي أو آذَى بالزِّحام ]
وقال السَّرخسيُّ:
[ ثم ابدأ بالحجر الأسود فاستلِمه إن استطعتَ من غير أن تُؤذِي مُسلمًا؛
لأن استِلام الحجر سُنَّة، والتحرُّز عن أذَى المسلم واجبُ،
فلا ينبغي له أن يُؤذِي مسلمًا لإقامة السنَّة ]
وقال البَهوتيُّ:
[ فإن شقَّ استِلامُه وتقبيلُه لم يُزاحِم. وفي الفروع: "ولا يُزاحِم فيُؤذِي أحدًا" ]
والرَّملُ في الأشواط الثلاثة من الأُوَل سنَّة في حقِّ الرجال دون النساء،
وهو: المشيُ خبَبًا يشتدُّ فيه دون الهروَلَة قليلاً.
وقد نصَّ الفقهاء على أن الطائِف إذا لم يطمَع بفُرجةٍ لكثرة الزِّحام،
ولم يجِد مسلَكًا، وخافَ إن رمَلَ أن يُؤذِيَ الناسَ أو يدفعَهم، تركَ الرَّمَلَ؛
لأنه سنَّة، والأذِيَّةُ مُحرَّمة.
ويتركُ الطائِفُ صلاة ركعتَي الطواف خلفَ المقام في شدَّة الزِّحام،
وإن كان ذلك سنَّة، إذا ترتَّبَ على أدائِها أذًى للطائفين،
ويركعهما حيثُ شاء بعيدًا عن الزِّحام. ومن أصرَّ على صلاتِهما خلفَ المقام
وأعاقَ حركةَ الطائِفين وآذاهم، فقد ظلمَ واعتدَى وأثِم.
والقاعدة:
أن ما أُبيحَ للمرء شرعًا لمنفعة نفسه يتقيَّدُ بشرط السلامة؛
أي: بألا يترتَّب على فعله ضررٌ يُصيبُ غيرَه،
والضررُ في الشرع ممنوعٌ ومرفوعٌ ومدفوعٌ.
وكل ما يُؤذِي المسلمين يجبُ الكفُّ عنه وتركُه.
أيها المسلمون:
والمصلحةُ العامة والضرورة الشرعية تُؤيِّد القرارَ الحكيم
الذي اتَّخذَته حكومة الحرمين الشريفين - أيَّده الله تعالى - بتخفيض أعداد الحُجَّاج
والمُعتمِرين بنسبةٍ مُحدَّدة، ولفترةٍ مُؤقَّتة، حتى انتِهاء مشروع توسِعة المطاف؛
رعايةً لمصالِحهم، وحِرصًا على سلامتهم.
والامتِثالُ لهذا القرار واجبٌ شرعًا،
والاستِجابةُ له دليلُ العقل والحكمة والأمانة والمسؤولية.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛
فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورًا.

رد مع اقتباس