عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-08-2013, 12:56 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي خُطبتي الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : معالم للمسلم في أوقات الفتن

ألقى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد آل طالب -حفظه الله - خطبتي الجمعة بعنوان:
معالم للمسلم في أوقات الفتن
والتي تحدَّث فيها عن الفتن وما ينبغي على المسلم من اجتنابها،
وبيّن بالأدلة من الكتاب والسنة عِظَم شأن الفتن وخطورة الوقوع فيها،
وإنه عند التباس الأمور يجب على المسلم اللجوء للكتاب والسنة وأهل العلم والخبرة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمد لله، وله بعد الحمد التحايا الزاكيات،
وهو المُستعان فمن غيرُه يُرتجَى عند الكروب ودهْم المُلِمَّات،
وعليه التُّكلان فحسبُنا الله وهو حسبُ الكائنات،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه،
وعلى آله وذرِّيَّته أكرم ذُرِّيَّة، وعلى صحابتِه ذوي النفوس الوضِيَّة،
ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فاتقوا الله تعالى حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقَى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
[ آل عمران: 102 ].
من اتَّقى الله وقاه، وكفاه وأسعدَه وآواه.
وتقوى الله خيرُ الزاد ذُخرًا وعند الله للأتقَى مزيد
عباد الله :
روى عبد الرحمن بن عبد ربِّ الكعبة قال:
دخلتُ المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالسٌ في ظلِّ الكعبة
والناسُ مُجتمعون عليه. فأتيتُهم فجلستُ إليه فقال:
كُنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفَر، فنزَلْنا منزلاً،
فمنا من يُصلِح خِباءَه، ومنا من ينتضِل، ومنا من هو في جشَره؛
إذ نادى مُنادِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصلاة جامعة.
فاجتمعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:
( إنه لم يكن نبيٌّ قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدُلَّ أمَّتَه على خير ما يعلمُه لهم،
ويُنذِرَهم شرَّ ما يعلمُه لهم، وإن أمَّتَكم هذه جُعِل عافيتُها في أوَّلها،
وسيُصيبُ آخرَها بلاءٌ وأمورٌ تُنكِرونَها، وتجِيءُ فتنةٌ فيُرقِّقُ بعضُها بعضًا،
وتجِيءُ الفتنةُ فيقول المؤمنُ: هذه مُهلِكَتي. ثم تنكشِف.
وتجِيءُ الفتنةُ فيقول المؤمن: هذه هذه،
فمن أحبَّ أن يُزحزحَ عن النار ويُدخَل الجنة فلتأتِه منِيَّتُه
وهو يؤمنُ بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يُحبُّ أن يُؤتَى إليه ..
الحديث )
رواه مسلم.
أيها المؤمنون :
حين يثُورُ نقعُ غُبار الفتن، وتدلهمُّ ظُلُماتُ المِحَن،
وتمُرُّ الأمةُ في بعض فتراتِها بما يضِلُّ فيه كثيرٌ من الناس ويزِلُّ،
والفتنةُ تُقبِلُ عمياءُ مُظلِمة، يشتبِهُ فيها الحقُّ على كثيرٍ من الخلق،
فهناك لا بُدَّ للمسلم من معالِمَ يسترشِدُ بها، ومناراتٍ يستدلُّ بها، ونجومٍ تهدِيه السبيل.
ذلك أن أعزَّ ما على المؤمن سلامةُ دينِه،
قال - صلى الله عليه وسلم -:
( يُوشِكُ أن يكون خيرَ مالِ المُسلم غنَمٌ يتبَعُ بها شعَفَ الجبال ومواقِع القَطْر،
يفِرُّ بدينه من الفتن)
رواه البخاري.
والفِرارُ من الفتن يكونُ باللُّجوء إلى الله تعالى، كما قال - سبحانه -:
{ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}
[الذاريات: 50 ]
وهو -سبحانه - القائل:
{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}
[ الزمر: 36 ].
قال ابن القيم - رحمه الله -:
[ الكفايةُ على قدر العبودية، فكلما ازدادت طاعتُك لله ازدادَت كفايةُ الله لك ]
ومن هنا وجَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى العبادة وقت الفتن، فقال:
( العبادةُ في الهَرْج كهِجرةٍ إليَّ)
رواه مسلم.
فهنيئًا لمؤمنٍ يركَنُ إلى الصلاة والعبادة بينما الناسُ يتهارَجون،
ويُهرَعون إلى تلقُّف الأخبار وتتبُّع الشائِعات.
هنيئًا لمن يطمئنُّ بالله حين تقلقُ النفوسُ وتضطربُ القلوبُ.
استيقظَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةً فزِعًا يقول:
( سبحان الله ! ماذا أنزل الله من الخزائن؟ وما أنزل من الفتن؟
من يُوقِظُ صواحبَ الحُجرات ؟ - يُريد أزواجَه لكي يُصلِّين -،
رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٍ في الآخرة)
رواه البخاري.
ففي الحديث دليلٌ على أن قيام الليل من أعظم ما يُعينُ على النجاة من الفتن.
وقبل آيات الابتلاء قال الله - عز وجل -:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}
[البقرة:153].
العبادةُ ذاتُ أسرار، ومن أسرارها: أنها زادُ الطريق، ومدَدُ الروح، ونورُ القلب،
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزَبَه أمرٌ فزِعَ إلى الصلاة.
وحثَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على الطاعات؛ لتكون حِرزًا من الفتن قبل وقوعها،
ونجاةً منها حين تقع، فقال - صلى الله عليه وسلم -:
( بادِروا بالأعمال فِتنًا كقطع الليل المُظلِم، يُصبِحُ الرجلُ مؤمنًا ويُمسِي كافرًا،
أو يُمسِي مؤمنًا ويُصبِحُ كافرًا، يبيعُ دينَه بعرضٍ من الدنيا)
رواه مسلم.
ومن كان له زادٌ من تقوى وعملٍ صالحٍ كان حريًّا بالنجاة،
وسُنَّةُ الله ألا يُخيِّبَ عبدًا أقبلَ إليه.
وكان يُقال: ادفعوا الفتنَ بالتقوى. ومِصداقُ ذلك:قول الله - عز وجل -:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}
[ الأنفال: 29 ].
أيها المسلمون :
ومن اللُّجوء إلى الله: دعاؤُه والتضرُّع إليه، قال -سبحانه -:
{ وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}
[المؤمنون: 76 ]
وقال -سبحانه -:
{ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}
[ الأنعام: 43 ].
ومن الدعاء: التعوُّذ من الفتن، كما في حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( تعوَّذوا من الفتن ما ظهر منها وما بطَن)
رواه مسلم.
عباد الله :
ومن المعالِم التي يهتدِي بها المُسلم ويركَنُ إليها:
الأخذُ بالمُحكَمات وسُنن الله الثابتات، ومنها: التثبُّت وحُرمةُ الدماء،
ولُزومُ الكتاب والسنة، والنظرُ في العواقب والمآلات،
ومعرفة المصالح والمفاسد ومراتبها على ضوء الشرع لا على الأهواء
والمصالح الدنيوية، قال الله - عز وجل -:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
[النساء: 59 ].
ومنه يُعلَم أن الحق هو ما وافقَ أمرَ الله وأمرَ رسوله، وأن الفتنة بخلافِهما.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( إنها ستكونُ فتنة
قالوا: وما نصنعُ يا رسول الله؟
قال: ترجِعون إلى أمرِكم الأول)
أخرجه الطبراني
وفي حديث العِرباض بن سارية - رضي الله عنه
أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال:
( أُوصِيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عبدًا حبشيًّا؛
فإنه من يعِش منكم بعدي فسيرَى اختلافًا كثيرًا،
فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء المهديين الراشدين،
تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجِذ،
وإياكم ومُحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة )
حديثٌ صحيحٌ، أخرجه أصحاب السنن.

رد مع اقتباس