عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-09-2012, 09:54 AM
vip_vip vip_vip غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: May 2010
الدولة: egypt
المشاركات: 5,722
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى vip_vip
افتراضي خُطَبّتى الجمعة من المسجد الحرام

خُطَبّ الحرمين الشريفين
خُطَبّتى الجمعة من المسجد الحرام
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله -
خطبة الجمعة بعنوان:
"النظام والفوضى في حياة المسلم"،

والتي تحدَّث فيها عن النظام والالتزام والانضباط في حياة المُسلم في كل شُؤونه؛
في عباداته، وعاداته، وفي أخلاقه، ومُعاملاته، في السِّلمِ والحربِ،
ووجَّه العديدَ من النصائح والوصايا بهذا الصَّدَد.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الحمد لله، الحمد لله أبدعَ ما أوجدَ، وأتقنَ ما صنَعَ، وكلُّ شيءٍ لجبروته ذلَّ ولعظمته خضَعَ،
سبحانه وبحمده في رحمته الرجاء، وفي عفوِه الطمعُ،
وأُثنِي عليه وأشكُره؛ فكم من خيرٍ أفاضَ ومكروهٍ دفَع،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعالى في مجده وتقدَّس وفي خلقِه تفرَّد وأبدَع،
وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله أفضلُ مُقتدًى به وأكملُ مُتَّبَع،
صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه أهل الفضلِ والتّقَى والورَع،
والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ولنهجِ الحق لزِم واتَّبَع، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله - رحمكم الله -؛
فالحياة يعقُبُها الممات، والأترابُ يُسلِمون للتراب، سبقَ القومُ بكثرة الصلاة والصوم،
هجَروا لَذيذَ المنام، وغايتُهم دارُ السلام، فالجِدَّ الجِدَّ - رحمكم الله - من أجل أن تغنَموا،
والبِدارَ البِدَارَ من قبل أن تندَموا، واطرُقوا في الدُّجَى بابَ الرجاء،
الموتُ بابٌ مورود، والأجلُ غيرُ مردود،

{ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)
وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (104)
يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}

[هود: 103- 105].

أيها المسلمون:

ربُّنا الله - عزَّ شأنُه - خلقَ فسوَّى، وقدَّر فهدَى، خلقَ كلَّ شيءٍ فقدَّره تقديرًا،

{وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8)
وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}

[الرحمن: 7- 9]،

هذا خلقُ الله، هذا تقديرُه وتدبيرُه في انتِظامٍ واتِّزانٍ،

{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)
وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20)
وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}

[الحجر: 19- 21].

وفي مُقابِل ذلك: فإن الله - جل جلاله - خلقَ الإنسانَ وسوَّاه، وعدَلَه وخلقَه في أحسن تقويم،
ومن وراء ذلك دينُ الله وشرعُه الحافظُ للمكرُمات، والعاصِمُ من الدنايا،
والدالُّ على كل مسلَكٍ مُتَّزِن، وتعاليمُ هذا الدين ووصاياه تمتزِجُ بطوايا النفوس،
وتُهذِّبُ طبائعَ البشر، حتى تضبِطَ اتجاهاتها، وتُوجِّه مساراتها،
وتحفَظ توازُنها، وتُحكِم مسيرتَها.
تأمَّلوا - رحمكم الله - هذه الآيات في ترتيب الكونِ:

{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61)
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}

[الفرقان: 61، 62]،

ثم تأمَّلوا ما أعقبَها من جُملةٍ من أوصافِ عباد الرحمن في اتِّزانِهم،
وانضِباطِهم، وآدابِهم؛

حيث قال - عزَّ شأنُه -:

{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}

[الفرقان: 63]،

ثم قال - سبحانه -:

{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}

[الفرقان: 67]،

كما قال - سبحانه -:

{وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا}

[الفرقان: 72].

معاشر المسلمين:

انضِباطُ المسار، وتوازُن المسيرة، وتهذيبُ السلُوك،
وعلوُّ الذوقِ من أُصول الحياة السعيدة، وأُسُس التعامُل في دين الإسلام،
وأكملُ المؤمنين إيمانُا أحسنُهم خُلُقًا، الاعتِدالُ والتوازُن والانضِباطُ والالتزامُ
كلُّ ذلك تعكِسُه وتدلُّ عليه هيئةٌ راسِخةٌ في النفسِ البشرية السويَّة
تجعلُ ما يصدُرُ عنها من أفعالٍ وتصرُّفاتٍ موافقةً للحق، مُجانِبةً لما يُستقبَح،
مُراعِيةً للمشاعِر. التزامٌ في إعطاء الحقوق، وتوازُنٌ ومُوازنةٌ بين الحقوق والمسؤوليات.

أيها الإخوة في الله:

النظامُ، والانضِباطُ، وحُسنُ الترتيبِ، وسلامةُ التقدير،
وجمالُ الذوقِ كلُّ ذلك يحفَظُ الفردَ كما يحفَظُ الجماعةَ،
ويُعينُ على تحمُّل المسؤولية وعلى أعبائِها، ويُثبِّتُ العلاقات الاجتماعية ويُنظِّمُها.

التعامُل المُنظَّمُ والتقديرُ الصحيحُ يهَبُ الحياةَ مذاقًا حُلوًا،
ويقِي - بإذن الله - من أعباءٍ ثِقالٍ تُرهِقُ الفِكرَ والصحةَ والمالَ،
مسالِكُ راقية، ومساراتٌ مُتوازِنة، يقودُها وعيٌ عميقٌ، وعزمٌ صادقٌ،
وإصرارٌ لا يعرِفُ الكسلَ، ليس بالقوة تتحقَّقُ الآمال،
ولكن بالعزيمةِ والإصرارِ وحُسن الأدبِ.

عباد الله:

المُسلمُ المُستقيمُ الجادُّ في حياته، المُنظِّمُ لشؤونه يجعلُ لكلِّ جزءٍ من وقتِه هدفًا،
ولكلِّ عملٍ من أعماله غايةً، لا وقتَ له يضيع، ولا شيءَ من حياته في فراغٍ،
المُوازنةُ عنده ظاهرةٌ بين الأهمِّ والمُهِمِّ وما دون ذلك.

وإن للمُسلِمِ في فرائضِ الإسلامِ وأحكامِه وآدابِه ما يُنبِّهُه
إلى ضرورةِ الانضِباطِ ولُزومِ الآدابِ في حياته كلِّها.

تأمَّلوا - رحمكم الله - هذا الانضِباط والترتيبَ وتهذيبَ الذوق
في المُسلم وهو يقومُ إلى صلاته، مُتطهِّرًا في بدنه وثوبه وبُقعته،
يستاكُ، ويأخُذ زينتَه، ويمشي إلى بيتِ الله، وعليه السكينةُ والوقار،
يجتنِبُ الروائحَ الكريهةَ من أجل نفسِه وإخوانه والملائكة المُقرَّبين،
ثم آداب الخروج والدخول من منزله ومسجده، وخفضُ الصوت،
وغضُّ البصر، والقراءة، والذِّكرُ، والدعاء، والمُناجاة، والإنصاتُ،

{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}

[الإسراء: 110].

قائمًا لله قانتًا، ساكِنًا، غيرَ عابثٍ لا في حركةٍ، ولا في شُرودِ فِكرٍ،
مُتابِعًا لإمامه، مُنتظِمًا في صفِّه، في ذوقٍ رفيعٍ، وأدبٍ عالٍ.
عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -
يمسَحُ مناكِبَنا في الصلاة ويقول:

(استَوُوا، ولا تختَلِفوا فتختلِفَ قلوبُكم، ليلِنِي منكم أُولو الأحلامِ والنُّهَى،
ثم الذين يلُونَهم، ثم الذين يلُونَهم)؛

رواه مسلم.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -
قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -:

(إنما جُعِل الإمامُ ليُؤتَمَّ به؛ فلا تختلِفُوا عليه، فإذا ركَعَ فاركَعوا،
وإذا قال: سمِعَ الله لمن حمِده، فقولوا: ربَّنا لك الحمدُ،
وإذا سجدَ فاسجُدوا، وإذا صلَّى جالِسًا فصلُّوا جُلوسًا أجمعون،
وأقِيموا الصفَّ فإن إقامةَ الصفِّ من حُسن الصلاة)؛

متفق عليه.

إنهم المُؤمنون في صلاتِهم خاشِعون، وعليها يُحافِظون، وعن اللغوِ مُعرِضون،

{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}

[العنكبوت: 45].

أما الزكاة؛ فهي زكاءٌ وطُهرٌ،

{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

[التوبة: 103]،

لا يُتبِعون صدقَاتهم ولا نفقَاتهم مَنًّا ولا أذًى،

{يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً}

[البقرة: 274].

وفي الصيام صفاءٌ ونقاءٌ وصبرٌ، يدَعُ قولَ الزُّورِ والعملَ به والجهلَ.
والحجُّ سكينةٌ وبُعدٌ عن التنطُّع والتكلُّف والغُلُوّ، فالحجُّ ليس بالإيضاع،

(أيها الناس! اربَعوا على أنفسِكم؛ فإنكم لا تدعُون أصمَّ ولا غائِبًا،
السَّكينةَ السَّكِينةَ، أمثالَ هؤلاء فارْمُوا، إياكُم والغُلُوَّ)

وفي حالِ الحربِ والقتالِ؛ فهناك آدابُ رفيعة، وتنظيماتٌ دقيقة،

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}

[الصف: 4].

أما أداءُ الصلاةِ في حالِ الحربِ فأمرُها عجيبٌ في لُزومِ الجماعة،
والانضِباطِ في الإمامةِ والائتِمام،

{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ
وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى
لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}

[النساء: 102].

أما عذابُ الحربِ وعُلوّ الذوقِ مع ضربِ الرِّقاب وشدِّ الوثاق فأعجبُ وأعجبُ،

{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}

[محمد: 4]،

مع تجنُّب الإيذاء لمن ليس يدٌ في القتال؛ من المرأة، والطفلِ،
والشيخِ الكبيرِ، وأصحابِ العباداتِ والصوامِع، حتى قال عُمر - رضي الله عنه -:

"توقَّوا قتلَهم إذا التقَى الزَّحْفان، وعند شنِّ الغارات".

ناهِيكم بحُسن مُعاملةِ الأسرى واحترامِ المبعوثين والرُّسُل،

{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}

[التوبة: 6].

معاشر الإخوة:

هذه بعضُ مظاهر الآداب في الأحكام، يُضمُّ إلى ذلك:
ما هو معلومٌ من آدابِ الإسلام وتنظيماته وترتيباته العالية في الأكلِ،
والشربِ، واللِّباسِ، والسلامِ من القاعد والماشي والراكِب،
وآداب الجُلوس والحديث، وتوقيرِ الكبير، ورحمةِ الصغير،
والتيامُن في التنعُّل والترجُّل وفي الشأنِ كلِّه،
وآدابِ الدخولِ والخروجِ للمنزل والمسجدِ والسوقِ وبيتِ الخلاءِ وقضاءِ الحاجة،
وتخيُّر الأوقاتِ المُناسِبة في الزيارات، وآداب الاستِئذان،
وإحسان الظنِّ بين الإخوان في التعامُل،

{وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ}

[النور: 28].

أما آدابُ السفرِ والصُّحبَة؛ فاستذكِروا توجيهَ نبيِّكم
محمدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - في قولِه:

(إذا خرجَ ثلاثةٌ في سفَرٍ فليُؤمِّروا أحدَهم)؛

رواه أبو داود، وإسنادُه حسنٌ.

وعن أبي ثعلبَةَ الخُشَنيِّ - رضي الله عنه - قال: قال عمروٌ:

"كان الناسُ إذا نزلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -
منزلًا تفرَّقُوا في الشِّعابِ والأودِية،

قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

(إن تفرُّقَكم في هذه الشِّعابِ والأودِية إنما ذلكم من الشيطان)

فلم ينزِلوا بعد ذلك منزلًا إلا انضمَّ بعضُهم إلى بعضٍ،
حتى لو بُسِطَ عليهم ثوبٌ لعمَّهم"؛

رواه أبو داود، وإسنادُه حسنٌ.

إن من علامات سعادة المرءِ - حفِظكم الله -:

أن يُوهَبَ ذوقًا رفيعًا، ومسلَكًا مُهذَّبًا؛ حينئذٍ يستمتِعُ بالحياةِ، ويأنَسُ بالجليسِ،
وتُقدِّرُه المشاعِر، صاحبُ الذوقِ السليمِ والأُسلوبِ المُهذَّب قادرٌ على استِجلابِ القلوبِ،
وجذبِ النفوس، وإدخالِ السُّرور.
المُهذَّبُون يتخيَّرون الكلماتِ اللطيفة، ويختارون الأوقاتِ المُناسِبة والتصرُّفات المُلائِمة،
أصحابُ الذوقِ الرَّفيع يتحاشَون النِّزاعَ، وحِدَّة الغضبِ،
وينفِرون من الأقوال النَّابِية والأفعالِ الشائِنَة، ويجتنِبُون الجفاءَ والكَزازةَ والغِلظَة.

وإذا أردت - غفرَ لك الله - أن تختبِرَ أذواقَ الناسِ وانضِباطَهم
والتِزامَهم فارقُبهم في مواطِنِ الزِّحام، وقيادة المَركَبات،
ومدَى الالتِزام بقواعدِ السَّير، وآداب الاجتماع، وانتِظامِ الوقوفِ في الصُّفوف،
وحديثِ الهواتِف، وحُسن استِعمال أنواع التِّقَنِيَّات والآلات ابتِداءً وإجابة،
وآداب إرسالِ الرسائل واستِقبالِها صوتًا وكتابةً ومُشاهدةً.

وبعدُ، حفظَكم الله:

فإن المرءَ سوف يندَم ثم يندَم على الفوضَى، والخرَق، والعجَلة، والطَّيش،
ولن يندَمَ مع الأناة، والنظام، وضبطِ التصرُّف،
ومن هجَرَ بلا سببٍ فسوفَ يرضَى بلا سببٍ، ولا يهَبُ السيئات إلا الحسنات،
ولا يترقَّى المُسلمُ مراقِيَ المكارِم إلا بمحاسِنِ الأخلاق، وقد قالوا:

"إن المرءَ لا تظهرُ أخلاقُه مع الأكابِر، وإنما يظهرُ فضلُه في تعامُله مع من دونَه،
فهناك يتبيَّن النُّبلُ، وجميلُ الخُلُق، ورفيع الذوق".

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)
وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا
إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)
وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}

[لقمان: 17- 19].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهديِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -،
وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ،
فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


التعديل الأخير تم بواسطة vip_vip ; 06-09-2012 الساعة 09:57 AM
رد مع اقتباس