عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-04-2013, 04:06 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد النبوي بعنوان : قبل رحيل رمضان

ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد المحسن بن محمد القاسم - حفظه الله –
خطبتي الجمعة بعنوان :
قبل رحيل رمضان
والتي تحدَّث فيها عن رحيل شهر رمضان وما ينبغي للمسلم أن يفعله قبله،
وأن ديدَن المسلم في هذه الفترة القليلة هي طاعة الله تعالى والإقبال على القرآن،
والإخلاص في القول والعمل، والقيام والإكثار من الاستغفار والدعاء،
ونبَّه على وجوب صدقة الفِطر وإخراجها للمساكين طُعمةً لهم، وطُهرةً للصائمين
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له،
ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى .
أيها المسلمون :
يتفضَّل الله على عباده بمواسِم الخيرات ليتزوَّدوا من الطاعات،
ولحكمته - سبحانه - لا تدومُ الأيام المباركات ليتسابقَ المُتسابِقون في لحظاتها .
والمُسلِمون في شهرٍ فاضلٍ ذاقُوا حلاوتَه ؛ ففي نهاره صيامٌ وبذلٌ وعطاءٌ،
وفي ليلِه تهجُّدٌ وقرآنٌ ودعاءٌ. يُغفَر فيه للمُسيئين، ويُوهَبُ فيه للمحرومين،
ويسعَدُ به أشقياء، ويُستجابُ فيه الدعاء.
أيامٌ مباركةٌ أذِنَت بالرَّحيل وأوشكَت على الزَّوال، موسمٌ يُودِّعُه المُسلِمون،
كم من حيٍّ لن يعود عليه رمضان وكُتِب في عِداد أهل القبور،
فأصبحَ مرهونًا بما يعمله اليوم !
قال - سبحانه -:
{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ }
[ المدثر: 38 ]
والعاقلُ من اغتنمَ بقيَّة لحظات شهره فشغلَها بالطاعات وعظيم القُرُبات،
واستبدلَ السيئات بالحسنات، ومن كان في شهرِه مُنيبًا وفي عملِه مُصيبًا
فليُحكِم البناءَ ولا يهدِم ما بناهُ بالخطيئات فيكونُ كالتي نقضَت غزلَها من بعد قوةٍ أنكاثًا.
وإذا أكملَ المُسلمُ العملَ وأتمَّه وجبَ عليه الخشيةُ من عدم قبولِه أو فسادِه بعد قبولِه
قال عليٌّ - رضي الله عنه -:
[ كونوا لقبول العمل أشدَّ اهتمامًا منكم بالعمل ]
قال - سبحانه -:
{ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
[ المائدة: 27 ]
قال سلمة بن دينار - رحمه الله -:
[ الخوفُ على العمل ألا يُتقبَّل أشدُّ من العمل ]
والمرءُ مأمورٌ بعبادة الرحمن في كل وقتٍ وآنٍ،قال - جل وعلا -:
{ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }
[ الحجر: 99 ]
ومن كان يعملُ الصالحات في رمضان فليُداوِم عليها،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( أحبُّ الأعمال إلى الله أدومُها وإن قلَّ )
متفق عليه
قال النووي - رحمه الله -:
[ قليلُ العمل الدائم خيرٌ من كثيرٍ مُنقطِع،
وإنما كان القليلُ الدائمُ خيرًا من الكثير المُنقطِع
لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمُراقبة والنيَّةُ والإخلاص والإقبال على الخالق،
ويُثمِرُ القليلُ الدائمُ بحيث يزيدُ على الكثير المُنقطِع أضعافًا كثيرة ]
ومن كرم الله أن الأعمال الصالحة في رمضان دائِمةٌ طوال العام،
فيُشرَع صيامُ ستٍّ من شوال، ومن صامَها كان كصيام الدهر.
وتلاوةُ القرآن العظيم مأمورٌ بها على الدوام،
وقيامُ الليل مشروعٌ في كل ليلةٍ يغربُ شمسُ نهارها، والصدقةُ بابٌ مفتوحٌ،
والدعاءُ لا غِنى للمرء في حياته.
ومن عملَ طاعةً فعلامةُ قبولِها أن يصِلَها بطاعةٍ أخرى،
وعلامةُ ردِّها أن يُعقِبَ تلك الطاعة بمعصية.
وما أحسنَ الحسنة بعد السيئة تمحوها،
وأحسنُ منها الحسنةُ بعد الحسنة تتلُوها، وما أقبحَ السيئة بعد الحسنة تمحقُها وتعفُوها.
فزكُّوا أنفسَكم بفعل طاعته والإخلاص في عبادته، واختِموا شهرَكم بكثرة الاستِغفار؛
فالأعمالُ بالخواتِيم.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -:
[ العبرةُ بكمال النهايات لا بنقصِ البدايات ]
وتوبوا إلى الله في خِتام شهركم من جميع الذنوب،
فالتوبةُ في الأيام الفاضِلة أرجَى للقبول، واتَّقوا ربَّكم في كل آنٍ ومكان.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ }
[ الأعراف: 156 ]
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمَعون،
وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.

رد مع اقتباس