عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-29-2013, 07:36 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

قال ابن رجبٍ - رحمه الله -:
[ الأعمالُ كلُّها تُضاعَفُ بعشر أمثالِها إلى سبعمائةِ ضعفٍ إلا الصيام؛
فإنه لا ينحصِرُ تضعيفُه في هذا العدَد؛ بل يُضاعِفُه الله أضعافًا كثيرةً بغير حصرِ عدَد ]
وكما أن الصائِمَ أجورُه بلا حصرٍ، فذنوبُه بالصوم تُغفَرُ وتحطُّ،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( من صامَ رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه )
متفق عليه.
فيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهر، من قامَها إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه.
وتحفُّ الصيامَ أعمالٌ عظيمةٌ في رمضان؛ فالقرآنُ الكريمُ نزلَ في رمضان،
وكان جبريلُ يُدارِسُ نبيَّنا القرآنَ في ليالِي رمضان،
ومن تلاه نالَه من البركة والضياء والهداية بقدر قُربِه منه،
ومن قرأَه تضاعَفَت له الأجورُ بقدر إخلاصِه فيه.
والصائِمُ مُنكسِرٌ بين يدَي ربِّه،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( ثلاثةٌ لا تُردُّ دعوتُهم: الصائِمُ حتى يُفطِر، والإمامُ العادلُ،
ودعوةُ المظلوم يرفعُها الله فوق الغَمام ويفتَحُ لها أبوابَ السماء،
ويقولُ الربُّ: وعزَّتي؛ لأنصُرنَّكِ ولو بعد حين )
رواه الترمذي.
وأنزلَ الله قولَه:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }
[ البقرة: 186 ]
أنزلَها بين آيات الصيام إيماءً بالإكثار من الدعاء في رمضان.
والخيرُ يأتي بالخير؛ فالقرآنُ والصيامُ دليلانِ لكل طاعةٍ وخيرٍ.
والإنفاقُ في رمضان يتسابَقُ إليه ذوو النفوس الشَّامِخة،
والمُتصدِّقُ موعودٌ بالمغفرة والغِنَى، قال - سبحانه -:
{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا }
[ البقرة: 268 ].
والمُتصدِّقُ تتيسَّرُ له أعمالُه، قال - عز وجل -:
{ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى }
[ الليل: 5- 7 ].
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظمَ الناس صدقةً،
ولا يستكثِرُ شيئًا أعطاه، ولا يرُدُّ سائلاً، وكان العطاءُ والصدقةُ أحبَّ شيءٍ إليه،
وكان سُرورُه - عليه الصلاة والسلام - بما يُعطيه أعظمَ من سُرور الآخِذ بما يأخُذه.
والزكاةُ من أركان هذا الدين، لا يقومُ الإسلامُ إلا بها، تُطهِّرُ المالَ وتُنمِّيه وتُزكِّيه؛
فطِب بها نفسًا، وابذُل بها كفًّا، وواسِ بها محرومًا أو يتيمًا، وأخلِص بها قلبًا،
واحذَر التسويفَ في إخراجِها، فلا تعلمُ ما يعرِضُ لك.
وكما أن أبوابَ المغفرة مفتوحةٌ في أيام رمضان،
فهي مُشرَعةٌ أيضًا في ليالِيه؛ فصلاةُ التراويح من أسباب المغفرة في رمضان،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( من قامَ رمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه )
متفق عليه.
ومن صلَّى مع إمامه حتى ينصرِفَ كُتِبَ له قيامُ ليلة،
( وعُمرةٌ في رمضان تعدِلُ حجَّة )
متفق عليه.
وفي لفظٍ:
( تعدِلُ حجَّةً معي )
والطاعاتُ إذا توالَت قدِمَت بشائرُ النصر إلى المؤمنين،
وغزوةُ بدر استفتَحَت تلك الانتِصارات في رمضان،
وغزوةُ الخندَق كانت العُدَّة لها من السنة الخامِسة في رمضان،
وفتحُ مكة ودخولُ الناس في دين الله أفواجًا وكسرُ الأصنام كان في رمضان،
وهدمُ مسجِد الضِّرار في رمضان.
والعاقلُ لا يهدِمُ أو يُنقِصُ عباداته المُتنوِّعة في رمضان وغيره،
ومن كمال الصوم الواجِب حِفظُه من نواقِصِه من الكذِب والغِيبَة والنظر إلى المُحرَّم،
أو الانشِغال بالمُلهِيات وإضاعَة الأوقات،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( الصيامُ جُنَّةٌ؛ فإذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يرفُث ولا يصخَب،
فإن سابَّه أحدٌ أو شاتَمَه فليقُل: إني صائِمٌ )
رواه البخاري.
ومن فاتَه الغُفرانُ في رمضان فهو المحروم،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( رغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ عليه رمضان ثم انسلَخَ قبل أن يُغفَر له )
رواه الترمذي.
أيها المسلمون:
فالُسلمُ يتشوَّفُ إلى العبادة ويفرحُ بأدائِها،
وإذا دخلَ فيها أدَّاها بإخلاصٍ لله واتِّباعٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم ،
إن فعلَ ذلك قبِلَها الله منه وضاعَفَ أجورَه لها.
ومن الخُلُق مع الله: المُسارعةُ بأوامره بكلِّ استِبشارٍ وسُرور.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }
[ الذاريات: 56 ].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمَعون،
وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المُسلمين.

رد مع اقتباس