الموضوع: درس اليوم 4786
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-29-2020, 02:12 PM
حور العين حور العين متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 57,856
افتراضي درس اليوم 4786

من:إدارة بيت عطاء الخير

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

درس اليوم
معنى اسم الحافظ والحفيظ (03)

ولَقَدْ أَحْسَنَ القَائِلُ:
فِي كُلِّ بَلْوَى تُصِيبُ العَبْدَ عَافِيَةٌ
إِلَّا البَلَاءَ الذِي يُودِي إِلَى النَّارِ
ذَاكَ البَلَاءُ الذِي مَا فِيهِ عَافِيَةٌ
مِنَ البَلَاءِ وَلَا سِتْرٌ مِنَ العَارِ

وَيَجِبُ عَلَيهِ حِفْظُ حُدُودِهِ، وَحِفْظُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِهِ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ
مَعْرِفَةُ الإِيْمَانِ وَالإِسْلاَمِ وَسَائِرِ مَا يَتَعَيَّنُ عِلَيْهِ عِلْمُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ مَا
اسْتَحْفَظَهُ اللهُ إِيَّاهُ بِحُسْنِ الرِّعَايَةِ لَهُ وَالقِيَامِ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ: مَنْ حَفِظَ للهِ
جَوَارِحَهُ حَفِظَ اللهُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، وَمَنْ حَفِظَ للهِ حَقَّهُ حَفِظَ اللهُ حَظَّهُ، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"يَا بُنَيِّ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ"،

وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ، وَذَكَرَ القُشَيْرِيُّ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاقَ رحمه الله
يَقُولُ: وَرِثَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ عَنْ مَوْرُوثٍ لَهُ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَقَالَ إِلَهِي
إِنِّي مُحْتَاجٌ إِلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ، ولكنِّي لستُ أُحْسِنُ حِفظَها؛ فأدفعَها إليك لتُردَّها
عليَّ وقت حاجتي، وتصدَّق بتلك الدراهمِ وَلَزِمَ الفَقْرَ، قَالَ: فَمَا احْتَاجَ ذَلِكَ
الرَّجُلُ قَطُّ طُولَ حَيَاتِهِ إِلَى شَيءٍ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا فَتَحَ اللهُ لَهُ فِي الوَقْتِ،
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ وَقَعَ بَصَرُهُ يَوْمًا عَلَى مَحْظُورٍ فَقَالَ: إِلَهِي
إِنَّمَا أَرُدُّ بَصَرِي هَذَا لأَجْلِكَ، فَإِذَا صَارَ سَبَبًا لِمُخَالَفَةِ أَمْرِكَ فَاسْلُبْنِيهِ، قَالَ:
فَعَمِيَ الرَّجُلُ، قَالَ: وَكَانَ يَقُومُ بِاللَّيْلِ وَيُصَلِّي، فَغَابَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي مَنْ كَانَ
يُعِينُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ فَقَالَ: إِلَهِي إِنَّمَا قُلْتُ خُذْ بَصَرِي لأَِجْلِكَ، فَاللَّيْلَةَ أحْتَاجُ إِلَيْهِ
لأَِجْلِكَ فَرُدَّهُ عَلَيَّ، قَالَ: فَرَدَّ اللهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ وَصَارَ يُبْصِرُ بَعْدَ العَمَى، وَيُحْكَى
أَنَّ اللِّصَّ دَخَلَ دَارَ رَابِعَةَ العَدَوِيَّةِ وَكَانَ النَّوْمُ أَخَذَهَا، فَأَخَذَ اللِّصُّ المُلَاءَةَ
فَخَفِىَ عَلَيْهِ بَابُ الحُجْرَةِ، فَوَضعَ المُلَاءَةَ فَأَبْصَرَ البَابَ، فَرَفَعَ المُلَاءَةَ ثَانِيًا
فَخَفِيَ عَلِيْهِ البَابُ، وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ، فَهَتَفَ هَاتِفٌ: ضَعْ المُلَاءَةَ
فَإِنَّا نَحْفَظُهَا لَهَا وَلَا نَدَعُهَا وَإِنْ كَانَتْ نَائِمَةً، فَهَذَا تَحْقِيقُ الحِفْظِ.

وَرَدَّ بِهِ التَّنْزِيلُ فَقَالَ: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }
[الحجر: 9]،

{ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا } [يوسف: 64].

قَالَ الحُلَيْمِيُّ: وَمَعْنَاهُ الصَّائِنُ عَبْدَهُ عَنْ أَسْبَابِ الهَلَكَةِ فِي أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرِةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:

"إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْزَعْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ، ثُمَّ
لِيَتَوَسَّدْ يَمِينَهُ، وَيَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ،
اللَّهُمَّ إِنْ أَمْسَكْتَهَا فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ
بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِين".

وَهَذَا الاسْمُ يَدُلُّ عَلَى مَنْ لَهُ حِفْظٌ وَهُوَ فِعْلُ الفَاعِلِ، وَيَتَضَمَّنُ العِلْمَ وَالحَيَاةَ
وَسَائِرَ شُرُوطِهَا، وَيَخْتَصُّ بِرِعَايَةِ المُمْكَنَاتِ فِي النَّفْي وَالإِثْبَاتِ، وَحِفْظِ جَمِيعِ
المَوْجُودَاتِ مِنْ أَنْ يُوجِدَ فِيهَا مَا لَا يُرِيدُهُ وَمَا لَا يَرْضَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل:

{ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ }
[البروج: 21، 22]:

أَيْ مَمْنُوعٍ مِنَ الغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ وَالتَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ،

وَقَالَ تَعَالَى: { وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ *
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } [الطارق: 1 - 4]،

فَهَذَا الاِسْمُ يَكُونُ مِنْ أَوْصَافِ الذَّاتِ، وَمِنْ أَوْصَافِ الفِعْلِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ
صِفَاتِ الذَّاتِ فَيَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى العَلِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُ بِعِلْمِهِ جَمِيعَ المَعْلُومَاتِ، فَلَا
يَغِيبُ عَنْهُ شَيءٌ مِنْهَا، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْفَظُ القُرْآنَ، أَيْ: هُوَ حَاضِرٌ فِي قَلْبِهِ.
وَفِي مُقَابَلَةِ هَذَا الحِفْظِ النِّسْيَانُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى:

{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا }
[مريم: 64]،

وَقَوْلُهُ: { قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى } [طه: 52]،

وَإِنْ كَانَ مِنْ صِفَاتِ الفِعْلِ فَيرْجِعُ إِلَى حِفْظِهِ لِلْوُجُودِ.

وَضِدُّ هَذَا الحِفْظِ الإِهْمَالُ، وَعَلَى هَذَا خَرَجَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا
} [يوسف: 64]، فَحِفْظُ اللهِ تَعَالَى لِلْجَمِيعِ يَكُونُ بِأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَبِمَلَائِكَتِهِ:
قَالَ اللهُ العَظِيمُ: { قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ } [الأنبياء: 42]،
وَقَالَ: { وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً } [الأنعام: 61]، أَيْ: مَلَائِكَةً
تَمْنَعُهُم وَتَصُدُّهُم



أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين


رد مع اقتباس