عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-20-2013, 07:34 PM
adnan adnan غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 13,481
افتراضي نفحة يوم الجمعة

يوسف عماره بن عيسى
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
2 - المحبة والحنان:
مَن ودَّ منكم أن يسأل عن الحب والحنان فلا يجلس مع عاشق أو ولهان
ليعلِّمه، بل تبادلوا معهم جميع أطراف الحديث إلا حديث الودِّ والحب؛
لأنَّ العاشق كالأعمى لا يرى في الناس إلا الشفقة،
فيَغفل عن الواقع الحقيقي حتى يستفيق نادمًا ومتحسرًا على أمره،
أمَّا الولهان فهو أعمى العينين والقلب والعقل،
فهو يَهذي أكثر مما يرشد، ولكنِّي أتمنى أن يشقى أحدكم
إلى يتيم الأب والأم ليَكتشِف أسرار هاتِه المعجزة،
سيَطفقُ ذلك اليتيم قائلاً لكم:
"إنَّ محبة الآباء لأولادهم سرمدية لا تزول في النفس أبدًا،
وحنانهما دائم العطاء والبذل دون مقابل ولو بِذرَّة رد جميل،
أرى معجزة المحبة تكمن فينا نحن؛
لأنَّ من ثوى في رحم أمه تسعة أشهر جامدًا ساكنًا لا يسمع صوتًا
إلا صوت خفقان قلبها، فلا عجب أنه لن يهدأ أو يطمئنَّ الآن
إلا عندما يَحتضِن أمَّه ليستحيل إلى جنين هادئ كالسابق،
ومن حملهُ أبوه بيديه الضخمتين بينما جسد الرضيع كمُضغة نحيلة
فحتمًا حين ينمو هذا الرضيع إلى شاب ويُصافِح يد والده،
سيشعر بأن الرجولة قد خالطت الحنان عند تلامس الأيادي،
أتدري يا هذا أنَّ قلب الأم والأب وقلب ابنِهما قلب واحد في ثلاثة أجساد،
فإذا غاب جسدان ودُفنا تحت تُراب الأرض فسيظل ذلك القلب يضخ
حبًّا وحنانًا في جسد ابنهما،
وتترسخ تلك المعجزة في إدراكهِ وخلَده مهما بلغت شدة عصف الأيام.
3 - العقل:
حين يُصيب أجفان الناس التعب بالليل فتنام وتهدأ النفوس من زجرها
لتغرق في سُبات طويل أعلنه ذلك الشخير الصاخِب،
وتلبس مدينتك الوِشاح الأسود الكالح فلا يبقى نور إلا النور الخافِت
للقمر، هنا قم من مضجعك وتسلَّل من البيت بهدوء إلى الشارع
لترى أناسًا ندعوهم بالمجانين.
عندما تُبصِر مخبولاً يهذي مُنفردًا في الطريق،
ويُهروِل في مِشْيتهِ، ويتهامس مع نفسه يُحدِّثها تارةً،
وتارةً أخرى يصرخ مبحوحًا، منكّسًا رأسه كأنَّه يُفتِّش عن شوارد عقله
الضائعة، لا تخف منهُ بل اقترب حذاءه وحملِق في عينيهِ بتمعُّن
لترى ما ينقصهُ فعلاً وما تكسبه أنت فعلاً،
إنَّها معجزة العقل الذي يُرشدك عند المتاهات ويَرشُّك بالحكمة
والحصافة في المجتمعات، فإن غاب عنك هذا،
أصبحت وكأنَّك عدمٌ أو وثن من الصخر الصلد الذي لا ينفع ولا يهلك.
فاحمد الله على نعمه .

رد مع اقتباس