عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-24-2013, 08:55 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ }
[ الشعراء: 227 ].
فـمــاذا يـكــونُ الـعُــذرُ يــا مـــن تـفـلَّــتُــوا مـن الـمـنـهَـج الأسـمَـى فـتـاهُـوا وغـرَّروا
وكـــانـــوا شـــقـــاءً لــلــبــرَايــا ونــقــمـــةً وفـي لُـجَـج الإرهـاب فـي الـكـون أبـحَـروا
معاشر أهل الإسلام، أتباع سيد الأنام ، عباد الله في كل مكان :
وإزاءَ الإرهاب الماكِر الذي اصطَلَى به عددٌ كبيرٌ من أصقاع المعمورة،
وحِيالَ ما تُزكِيه قُوى الحقدِ والتطرُّف والإجرام أعداءُ الرَّحمة والإنسانية،
والمبادئ السِّلمية الرضِيَّة، سواءٌ من الأفراد أم من المُجتمعات في عددٍ من الأوطان.
ومن أشنَعها وأقضِّها للمضاجِع بأخَرة:
تلك المجزرَةُ البشَعة التي ارتكَبَها الطُّغاةُ الظلمَة في سوريا،
ضدّ إخواننا في الغُوطة الشرقيَّة، من بلاد الشام العزيزة،
والتي استُخدِمَت فيها الأسلحةُ الكيماويَّة، والغازات السامَّة المُحرَّمة شرعيًّا ودوليًّا،
وما أتبعَ ذلك من قصفٍ بالصواريخ والطائرات،
مما تسبَّب في حُصول كارثةٍ إنسانيَّةٍ خطيرة، وفاجِعة بشريَّة أليمة،
راحَ ضحيَّتَها أكثرُ من ألفٍ وأربعمائة قتيلٍ، وأكثرُ من ستَّة آلاف مُصاب،
مما لم يشهَد التاريخُ المُعاصِرُ له مثيلاً.
إنه الإرهابُ في أبشَع صُوره، وأنكَى أسالِيبه. فرُحماك ربَّنا رُحماك،
رُحماك ربَّنا بإخواننا رُحماك، واللهم سلِّم سلِّم.
لم يرحَموا الشيوخَ الرُكّع، والأطفالَ الرُّضَّع، والنساءَ الثُّكالَى،
والأيامَى واليتامَى، والأبرياء الحُزْن.
إننا لنُناشِدُ الضميرَ الإسلاميَّ والإنسانيَّ في التحرُّك الجادِّ السريع
لرَدع هذا النظام الظالِم واتخاذ المواقف الحازِمة تِجاهَه،
وكفّ بطشِه وإرهابِه ضدّ إخواننا الأبرياء هناك.
وقد بادَرَت المملكةُ العربيةُ السعوديةُ مشكورةً مأجورةً حكومةً وشعبًا
في التنديد بهذه المجزَرة، انطلاقًا من عقيدتها الرَّاسِخة،
وثوابِتها الأصيلة، ومواقِفِها التأريخية،
ودعوة الهيئات والمُنظَّمات العالمية لتحمُّل مسؤولياتها في ذلك.
ومن هنا - عباد الله
وجبَ تضافُرُ الجهود، والوفاءُ بصادق المواثِيق والعُهود
لاجتِثاث جحافِل القلاقِل والطُّغيان والزَّعازِع،
وحسمُ أدواء رُعاة الظلم والإرهاب وعِلَلهم، وسدّ مواقِع خلَلهم،
ودحر كل سوءٍ لاحِقٍ من قِبَلهم؛
ليستأنِفَ العالمُ الإسلاميُّ خصوصًا والإنسانيُّ عمومًا حياتَه رخيَّ البال، مُطمئنَّ الحال،
في أمنٍ مبسوط، وحِمًى محوط، وتعايُشٍ بالوِئام والتراحُم منُوط،
وتآلُفٍ في الحق والعدالة مبسُوط.
وأن يهُبَّ أهلُ الإسلام للذبِّ عن حِياض شِرعة الملِك العلاَّم، وحقيقة الاهتِداء والالتِزام،
وذلك بمواضِي الحق ومُحكمَاته وقواطِعه، وجماليَّات الإسلام وروائِعه،
انطلاقًا من إصلاح الذاتِ والأسرة، وتوارُدًا واتفاقًا على كلمةٍ سواء؛
كلمةٍ تُنالُ بها الأمجادُ والمعالي، وتُفرعُ لها الذُّرَى والأعالي.
مع الدعوة في ذات الأوان للمُجتمع الدولي إلى عدم التخاذُل في تبنِّي هذه القضية،
وألا يُقدِّم حساباته السياسيَّة على مبادئِه الأخلاقيَّة والقِيَمية،
وأهمية التعاوُن والتنسيق الإسلامي والإنساني لمُواجهة الفِتن
التي ظهرَت في بعض البلاد والمُجتمعات.
أيها المؤمنون:
وإن العالَم أجمع ليشكُرُ ويُبارِك جهودَ وُلاة أمرنا - حفظهم الله وأيَّدهم بنصره –
سهرَهم ودأبَهم في القضاء على ظاهرة العُنف والإرهاب، ووأد الفِتن ودُعاتها،
ومن ذلك: سعيُهم الجليل ودعمُهم السخِيّ الجزيل للمركز الدولي لمُكافحة الإرهاب،
والذي يهدِفُ لاستِئصال شأفَة العُنف والظلم والطُّغيان،
نُشدانًا لأمن العالم وسلامه، وتراحُمه والتِئامِه.
وما ذلك إلا انطلاقًا من المسؤولية الدينية الجَسيمة تلقاءَ قضايا أمتنا الإسلامية،
والمُجتمعات الإنسانية، دون مَيزٍ بين لونٍ أو عِرقٍ،
ومُواجهة التحديَات والفتن والمآسِي التي تُعانِي منها الأمة،
ودفع الدَّخيل الفِكريّ عن الأمة، وعِلاج أسبابِه المُؤدِّية إلى تشويهِ قِيَم الإسلام ومبادئِه،
وأصوله السامِية الدالَّة على التسامُح والتعايُش في ظلِّ الحق والعدل والسلام،
مع التصدِّي بكل حزمٍ لدُعاة الفتنة والضلال والانحرافِ الفِكريِّ،
الذين يسعَون إلى تشويه سُمعة الإسلام،
والعمل على استِلهام حضارة الإسلام المُشرقة التي كانت أهمّ روافِد التحضُّر البشريّ،
والإبداع الإنسانيّ.
والإهابة بقادة الأمة وعلمائِها ومُفكّريها، بالاتفاق على مبادِئ مُشتركة،
لوضع خارِطة طريقٍ لإنقاذ الأمة من الفتن وعلاجِ مُشكلاتها،
ووقفِ نَزيفِ دماء أبنائِها، باستِئصال أسباب الصِّراع في بعض أرجائِها؛
كالحِزبيَّة المقيتة، والطائفيَّة البَغيضة، وما خلَّفَت من فتنٍ واضطِراب، ونزاعٍ واحتراب.
{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
[الأنعام: 153].
حفِظ الله أمَّتنا الإسلامية في كل مكان من كيد الأعداء المُتربِّصين عزيزةً صامِدة،
مجيدةً رائِدة، في الحق قائِدةً سائِدة، إن ربي سميعٌ مُجيب.
هذا الرجاءُ وذاك الأمل، ومن المولَى نستلهِمُ صادقَ القول وخالِصَ العمل.
أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المُسلمين
من كل خطيئةٍ وإثمٍ؛ فاستغفِروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.

رد مع اقتباس