ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول:
( اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك
المنان يا بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم
إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد سأل الله باسمه الأعظم
الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب )
{ لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ }
{ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ }
(المنان) فعال من قولك: مننت على فلان، إذا اصطنعت عنده
فالله عز وجل منان على عباده بإحسانه وإنعامه ورزقه إياهم.
وفلان يمن على فلان: إذا كان يعطيه ويحسن إليه .
وأما (المنان) فهو كثير العطاء .
و(المنان) من أسماء الله تعالى .
ومنها: (المنان) وهو عظيم المواهب، فإنه أعطى الحياة والعقل والنطق،
وصور فأحسن الصور، وأنعم فأجزل، وأسنى النعم، وأكثر العطايا والمنح،
{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا }
وقال أبو بكر -هو الأنباري-:
وفي أسماء الله تعالى الحنان المنان، أي الذي ينعم غير فاخر بالإنعام.
وقال في موضع آخر في شرح المنان:
معناه: المعطي ابتداء ولله المنة على عباده، ولا منة لأحد منهم عليه،
تعالى الله علواً كبيراً .
في أسماء الله تعالى (المنان): (هو المنعم المعطي، من المن: العطاء،
لا من المنة. وكثيراً ما يرد المن في كلامهم بمعنى الإحسان إلى من
لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه.فالمنان من أبنية المبالغة، كالسفاك والوهاب) .
منها المنان جل جلاله وتقدست أسماؤه.
يقال منه: من يمن منا فهو المنان، والاسم: المنة واشتقاقه في
موضوع اللسان من المن وهو العطاء دون طلب عوض.
{ فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ }
المنة، التي هي التفاخر بالعطية على المعطى، وتعديد ما عليه.
والمعنيان في حق الله تعالى صحيحان.
ويتصف أيضاً بهما الإنسان، لكن يتصف بالمعنى الواحد على طريق
المدح، وبالمعنى الثاني على طريق الذم.
فالأول: الذي هو ممدوح، نحو أن يكون عطاؤه أو منه لوجه الله تعالى،
ومن هذا القسم قوله عليه السلام:
( وإن من أمن الناس علي في ماله أبو بكر ) .
( ما أحد أمن علي من ابن أبي قحافة ) .
والقسم الثاني: وهو أن يمن الإنسان بالعطية، أي: يذكرها ويكررها،
{ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم:
المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ) .
الذي لا يعطي شيئاً إلا منه، كذا جاء مفسراً في كتاب مسلم .
الذي يمن على الله بعمله، وهذا كله في حق المخلوق حرام مذموم.
وهو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:
( لا يدخل الجنة منان ) ..
ولما كان البارئ سبحانه يدر العطاء على عباده مناً عليهم بذلك وتفضلاً،
كانت له المنة في ذلك.فيرجع المنان إذا كان مأخوذاً من المن الذي هو
العطاء إلى أوصاف فعله.ويرجع المنان إذا أخذته من المنة التي هي تعداد
النعمة وذكرها والافتخار بفعلها في معرض الامتنان، إلى صفة كلامه تعالى