قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13)
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
وعن سُفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قال:
( قلتُ: يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا بعدك.
قال: قُل: آمنتُ بالله، ثم استقِم )
وربُّنا - عز وجل - هو الذي يُعبَد في كل زمانٍ ومكانٍ،
وهو الذي يجبُ أن يُطاعَ فلا يُعصَى، قال الله تعالى :
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}
[ اعبُد ربَّك دائمًا حتى يأتيَك الموتُ ]
قال الحسنُ البصريُّ - رحمه الله -:
[ ليس للمؤمن وقتٌ ينتهي إليه حتى يأتِيَه الموتُ ]
ومن فهِمَ من الآية أن التكاليفَ تسقُط عن العبد بعد وصولِه إلى اليقين
وهو عدمُ الشكِّ - فهو من الزنادِقة المُلحِدين الذين يهدِمون بالبِدع الدينَ،
وإذا كان رمضان قد انقضَى فرضُ صيامِه، وشُرِع في شهره أنواعُ الطاعات؛
فقد شرعَ الله فيما بعد رمضان فعلَ الخيرات، وأوجبَ الفرائض،
ونهى عن المُحرَّمات في كل وقتٍ ومكانٍ وزمانٍ،
فقد شُرِع صيامُ ستة أيامٍ من شوال.
عن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
( من صامَ رمضان ثم أتبَعَه بستٍّ من شوال كان كصيام الدَّهر )
وشُرِع صيامُ ثلاثة أيامٍ من كل شهر، وذلك كصيام الدَّهر كما صحَّ في الحديث،
وشُرِع صيامُ الاثنين والخميس، وصيام عرفة، وعاشوراء،
وصيامُ عشر ذي الحجَّة، وشُرِع الذِّكرُ مع تلاوة القرآن،
وأفضلُ التطوُّع الصلاةُ في جوفِ الليل، وشُرِعَت الصدقةُ وأنواعُ النفقات.
وشهرُ شوال بدايةُ أشهر الحجِّ لمن أراد أن يتمتَّع بالعُمرة إلى الحجِّ،
أو أراد الاستعدادَ للحجِّ.
فالأعمالُ الصالحات كما هي في رمضان هي مشروعةٌ فيما بعد رمضان،
والسابِقون هم المُستكثِرون منها.
ومن مكر الشيطان: أن يُصابَ بعضُ الناس بالكسل عن صلاة الفريضة،
فيُصلِّي في رمضان ويترك الصلاة بعده، أو يُصلِّي بعض الصلاة ويترك بعضها،
وذلك كفرٌ أكبر؛ لقول الله تعالى:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}
ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
(بين الرجلِ والشركِ تركُ الصلاة)
ولقوله - عليه الصلاة والسلام -:
(العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركَها فقد كفَر )
ولإجماع الصحابة على كُفر تاركِها.
ومن نامَ عن الصلاة وصلاَّها بعد الاستيقاظ على وجه العادة،
أو أخَّرها إلى آخر وقتِها، أو تركَ صلاةَ الجماعة؛ ماتَ على غيرِ سُنَّة.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،
ونفعَنا بهدي سيِّد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا،
وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.