عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-14-2013, 02:06 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي خطبتى الجمعة من المسجد الحرام بعنوان : أشواق إلى رمضان

ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان :
أشواق إلى رمضان
والتي تحدَّث فيها عن شهر رمضان ووجوب استقباله بالطاعات وأنواع العبادات،
وعد نسيان إخواننا المسلمين في كل مكان من الصدقات والبرِّ بهم .
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحمد لله مُوالِي البركات والنِّعَم، ومُغدِق الرحمات على أمة الصيام خيرِ الأُمم.
فلله حـمــدٌ لا انـقِـضــاء لـعَـهــدِه عـلــى عــدِّ مــا أســدَى وقــد قــصُــر الـشــكــرُ
ونـسـألُــه الـغُــفــرانَ عـــن كـــل فـــارِطٍ وعـمـن غـفَـا أو حـطَّ مـن حـظِّـه الـوِزرُ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تفضَّل على الصائمين بمزيد الثواب وعمّ،
فكم في شهر الصيام من البركات وكَم،
وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه
أزكَى من صام لله وقامَ حتى تفطَّر منه القدَم،
وأجودُ بالخير من الرِّيح المُرسَلة في الكرَم،
صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه الذين جلَّوا بالحقِّ الدئادِئَ والظُّلَم،
والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ ما سعَى المُشمِّرون للقِمَم،
وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
فأُوصيكم - عباد الله - ونفسي بتقوى الله - عز وجل
فتقواه جوهرُ الصيام وفَحواه، ولُبُّه ومغزاه
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
[ البقرة: 183 ]
أيها المسلمون:
في نجوَى عن الحياة النَّمطيَّة الرَّتيبة، ونَأْيٍ عن مألوف الزمان وتطابُقه،
أناخَت أمتُنا الإسلامية مطاياها بين يدَي شهرٍ عظيمٍ، وضيفٍ مُبجَّلٍ كريمٍ.
وإنا لنزُفُّ لأمَّتنا الإسلامية التهنِئة الصادقةَ مُضمَّخةً بالعَبَق الفوَّاح،
مع الدعاء الخالص المِلحَاح أن يُعيدَه الله عليها بالعزِّ والنصر والاستِقرار،
والوحدة والرَّخاء والازدِهار.
هـنـيـئًــا يــا بـنــي الإســلام طُـــرًّا فـقـد وصـلَ الـمُـبــاركُ بـالـعـطــاءِ
فـحـيُّـوا شـهـرَكـم بـجـمـيـل صـومٍ فـكــم فـرِحَــت قــلــوبٌ بـالـلــقــاءِ
إخوة الإسلام، أمة الصيام والقيام :
ها هو الضيفُ الحبيب، والشهرُ الزكيُّ الرَّطيب، قد غمرَ الكونَ بضيائِه،
وعمرَ القلوبَ المُعنَّاة بحبِّه ببهائَه وسَنائِه. شهرٌ جرَت بالطاعات أنهارُه،
وتفتَّقَت عن أكمام الخير والبرِّ أزهارُه،
واسَّمَّع المسلمون في لَهيف شوقٍ لمقاصِده وأسراره،
وأصاخُوا في خشوعٍ إلى مرامِيه المُستكِنَّة وأخباره.
تفيضُ أيامُه بالقُربات والسرور، وتُنيرُ ليالِيه بالآيات المتلُوَّات والنور.
موسمٌ باركَه الرحمن، وخلَّده القرآن
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }
[ البقرة: 185 ].
أهـلاً وسـهـلاً بـشـهـر الـصـوم والـذِّكـرِ ومـرحـبًـا بـوحـيــد الـدهــرِ فــي الأجــرِ
شـهـرِ الـتـراويـح يــا بـشــر بـطَـلـعـتِــه فـالـكـونُ مـن فـرحٍ قــد فــاحَ بـالـنَّـشــرِ
الله أكبر، يا لله؛ شهرُ رمضان نفحةٌ ربانية، ومنحةٌ إلهية،
تُفعِمُ حياةَ المسلمين بالذِّكر والقُربات، وفيه تلهَجُ الألسنُ بعاطر التلاوات،
وتبهَجُ الأنفسُ بأنداء الصيام وأنوار القيام.
إنه موسم الخير والعطاء، ومناسبة الطُّهر والصفاء، وفرصةُ البذل والنَّماء،
وغرسُ المحبَّة والمودَّة والإخاء، وطريقُ البرِّ والسعادة والهناء.
أطلَّ سيدُ الشهور ليُوقِظَ رواقِد الخير في القلوب،
ويُعطِّل روافِد الحوبِ ومساقِي الذنوب،
وفَدَ ليُرهِفَ أحاسيسَ البرِّ في الشعور ومعانيَ الإحسان وبَسط الحُبور.
فالأُذُن سامعةٌ، والعينُ دامعةٌ، والرُّوحُ خاشعةٌ، والقلبُ أوَّاهُ.
نُـفـوسُ أهـل الـتُّـقَـى فـي حـبِّـكــم غـرِقَــت وهـزَّنـا الـشـوقُ شـوقُ الـمُـصـلِـحِ الـعَـلَـنِ
نُــحــبُّ فــيـــك قــيــامًــا طــــابَ مــشــرَبُــه نُـحـبُّ فـيــك جـمــالَ الـذِّكــرِ فــي الـغَـسَــنِ
في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال :
( إذا جاء رمضان فُتِّحَت أبوابُ الجنة، وغُلِّقَت أبوابُ النيران، وصُفِّدَت الشياطين )
في ليالِيه الزُّهر ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، الملائكةُ بالقانتين حافَّة،
والرحماتُ فيها تَتْرَى كافّة، في رمضان لا ترمُقُ إلا الصوَّام والقوَّام في تبتُّلٍ وابتِهال،
ودموعُهم من رَقدة الضَّراعة فيه مال، يرجُون الكبيرَ المُتعال غفْرَ الزلاَّت،
ومحوَ الحَوبات، وكشفَ الكُربات، وإقالةَ العثَرات، والفوزَ بالجنَّات.
ويا لهناءِ هؤلاء، يا لهنائِهم كلما أبحَروا في لُجَج الشهر المُبارَك
كلما انغمَروا في أثبَاج المِنَن الإلهية، والألطاف الربَّانيَّة.
فيا ليت شِعري؛ ما أعظمَه من شهرٍ اغدَودَقَت فيه أصولُ المِنَن،
واخضَوضَرَت فيه قلوبُ النازِعين إلى أزكَى سَنَن.
نعم، نعم - يا رعاكم الله -، أتاكم شهرُ المَرابِح بظِلاله ونوالِه، وجمالِه وجلالِه.
فهو أجلُّ من أن تُعدَّ نفَحاتُه، وتُحصَى خيراتُه، وتُستقصَى ثمراتُه.

رد مع اقتباس