عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-14-2013, 02:07 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

إخوة الإيمان:
هذا شهرُ العِتقِ من النيران والجُود، هذا إبَّان الترقِّي والصُّعود.
فيا خسارةَ أهل الرُّقُود والصُّدود. هذا زمان الإياب،
{ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ }
[ص: 42]
رحمةً من الكريم الوهَّاب. فأسرِعوا بامتَاب، ولا تكونوا ممن أبَى وخرجَ رمضانُ
ولم ينالُوا فيه الغُفرانَ والمُنَى.
يـا أمـتـي اسـتـقـبِـلـوا شـهـرًا بـرُوح تُـقَـى وتــوبــة الــصِّـــدقِ فـالـتــأخــيــرُ إغــــواءُ
ربَّـــــاهُ عـــفـــوًا وتــوفــيــقًــا ومــغـــفـــرةً وجُـــد بـنــصــرٍ فـــإن الــنــصــرَ عــلــيــاءُ
أيها المؤمنون،
أيها المسلمون الصائمون القائمون:
ولم يقِف الشارِع الحكيم عند مظاهر الصوم
وصُورِه من الإمساك عن تناوُل المُباحات والطيِّبات فحسب؛
بل إن ما عمِدَ إلى الرُّوح وما أكنَّت من رُعوناتٍ كيف يُرقِّيها،
وصمَد إلى النفس وما اعتلقَت من أشَرٍ وبطَرٍ ليُنقِّيها،
وشخَصَ إلى الجوارِح وما اجترحَت من آثامٍ ليُزكِّيَها،
وإلى المدارِك والحواسِّ وما احتقَبَت من أوزارٍ فيُجلِّيَها.
في الحديث الصحيح: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال :
( إذا كان يومُ صوم أحدِكم فلا يرفُث ولا يصخَب،
وإن سابَّه أحدٌ أو قاتَلَه فليقُل: إني صائم )
وفي نهيٍ شديدٍ يقول - صلى الله عليه وسلم :
فيما أخرجه البخاري وغيره -:
( من لم يدَع قولَ الزُّور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامَه وشرابَه )
فالصيامُ - يا إخوة الإيمان - تُرسٌ للمُسلم من الخطايا والأوزار،
ولأْمةٌ دون التلطُّخ بالأدران والأكدار، وجُنَّةٌ واقيةٌ من لَهيبِ النار.
يقول - صلى الله عليه وسلم -:
فيما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه -:
( من صامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدَّم من ذنبِه )
ولكن، هل تحقَّقُ ذلك بصومِ زُرافاتٍ وفِئامٍ من الناس عن المُباحات والطعام،
كلا؛ إنما بصوم الجوارِح عن المُوبِقات والفوادِح، وعِفَّة اللسان عن اللَّغو والهَذَيان،
وحِفظِ الكَلام عن الكِلام، وغضِّ البصر عن الحرامِ، وكبح الأقدام عن قبيح الإقدام،
وبَسط نَدى الكفِّ، والتورُّع عن الأذى والكفّ، والضراعة إلى الله بقلوبٍ وجِلَةٍ نقيَّةٍ،
وطوِيَّاتٍ على صادق التوبة والإخلاص والتوحيد والسنَّة مطوِيَّة.
وهل كِفاءُ ذلك كلِّه إلا المنازِلُ العُلَى في جنَّات النعيم؟!
فيا طُوبَى للصائمين القائمين.
يــا صـائـمًــا تــركَ الـطـعــامَ تـعـفُّـفًــا أضـحَــى رفـيــقَ الــجُــوع والـــلأْوَاءِ
أبـشِـر بـعـيـدِك فـي الـقـيـامـة رحـمـةً مــحــفـــوفـــةً بـــالـــبـــرِّ والأنـــــــداءِ
في الحديث القُدسي:
( كلُّ عملِ ابنِ آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزِي به )
الله أكبر، يا لَه من خيرٍ عميمٍ، ونعيمٍ مُقيم، من ربٍّ رحيمٍ، ومولًى حليمٍ كريمٍ.
ولكنَّ الأسَى ليستعِرُ في الأحلاءِ من أقوامٍ لم يُراقِبُوا الديَّان، فشرَخوا حُرمةَ رمضان،
وساُوا النفسَ والجوارِح في حسَك المُنكرات والعِصيان عَبًّا من القنوات الخَليعة،
وفضائيات الرَّذيلة الفظيعة، التي لا تضْري شِرَّةُ قرصَنتها للفضيلة
والقِيَم النبيلة إلا في رمضان دُرَّة الزمان. فالله المُستعان.
لقد ارتكَسُوا في المآثِم والمهالِك، وأحالُوا الليالِي الغُرَّ حوالِك.
وأقوامٌ لا يجعَلون التصوُّنَ والفضيلةَ مِلاكَهم، قد عجَّلُوا هلاكَهم.
فأنَّى وكيف ومتى يستفيق هؤلاء من رقدَتهم؟ وينهَضون من خدَرِهم وكبوَتهم؟
وهذا شهرُ النَّفَحات والهِدايات والبُطولات بين أيدينا يقودُنا إلى السُّؤدَد والعَلياء.
وإلى المُؤتمَنين على وسائل الإعلام:
اتقوا الله في شهر القُرآن، راقِبوا اللهَ في أمة الصيام والقيام.
وإلى الأخوات المُسلمات:
إن الصيامَ يُؤدِّبُ على الخير والفضيلة والحَياء،
ويسلُكُ بالمرأة مسالِك العفافِ والحِشمة.
فاتَّقِين اللهَ - أيتها المسلمات وتحلَّينَ بالحِجاب والعَفافِ والحِشمة،
واحذَرنَ التبرُّجَ والسُّفورَ والاختلاطَ المُحرَّم.
والله المسؤولُ بمنِّه وكرمِه أن يُبارِك لنا في شهر رمضان،
وأن يمُنَّ علينا جميعًا فيه بالعِتق من النيران، وأن يتقبَّل من الجميع صالِحَ الأعمال،
إنه جوادٌ كريمٌ.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }
[ البقرة: 185 ].
باركَ الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعَني وإياكم ببما فيهما من الآيات والحِكمة،
أقول قولي هذا،
وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولكافة المُسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ؛
فاستغفِروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

رد مع اقتباس