عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 09-01-2013, 01:32 AM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

ولما عُرِض عليها وعلى الجبال حملُ الأمانة التي هي التكاليفُ الشرعية
ولهنَّ ثوابٌ إن فعلن ذلك، وإن لم يقُمن بها فعليهنَّ العقاب،
أبَيْن حملَها خوفًا ألا يقُمنَ بما حُمِّلنَهنَّ لا عِصيانًا لربِّهنَّ.
وجماداتٌ تحبُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -،
وكانت تُسلِّم عليه في حياته، قال - عليه الصلاة والسلام -:
( إني لأعرفُ حجرًا بمكّة كان يُسلِّم عليَّ قبل أن أُبعَث، إني لأعرفُه الآن )
رواه مسلم.
وجِذعُ نخلةٍ فارقَه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحنَّ له الجِذعُ وبكى؛
قال جابرٌ - رضي الله عنه -:
( كان المسجدُ مسقوفًا على جُذوعٍ من نخلٍ،
فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطبَ يقومُ إلى جِذعٍ منها،
فلما صُنِع له المنبر وكان عليه - أي: وتركَ الجِذع -.
قال: سمِعنا لذلك الجِذع صوتًا كصوتِ العِشار –
أي: النُّوق الحوامِل - حتى جاء النبي - صلى الله عليه وسلم –
فوضعَ يدَه عليها فسكنَت )
رواه البخاري.
وكان الحسنُ البصريُّ - رحمه الله - إذا حدَّث بهذا الحديث يقول:
[ يا معشر المسلمين ! الخشبةُ تحِنُّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
شوقًا إلى لقائِه، فأنتم أحقّ أن تشتاقوا إليه ]
واتِّباعُ هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير غلوٍّ ولا تفريطٍ من صدقِ محبَّته.
وصخرةٌ تحرَّكت حين صعِد عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأكابرُ صحابته،
قال أبو هريرة - رضي الله عنه -:
( كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على حِراء - جبل بمكّة –
هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وطلحةُ والزُّبير، فتحرَّكت الصخرةُ،
فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
اهدأ فما عليك إلا نبيٌّ أو صدِّيقٌ أو شهيدٌ )
رواه مسلم.
بل اهتزَّ جبلٌ بأكمله لما صعِدَه النبي - صلى الله عليه وسلم - مع خلفاء راشِدين،
قال أنسٌ - رضي الله عنه -:
( صعِد النبي - صلى الله عليه وسلم - أُحُدًا ومعه أبو بكرٍ وعُمر وعُثمان،
فرجَفَ بهم، فضربَه برِجلِه، قال:
اثبُت أُحُد، فما عليك إلا نبيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شهِيدان )
رواه البخاري.
قال ابن المُنيِّر - رحمه الله -:
[ وهذه هزَّةُ الطرَب، ولهذا نصَّ على مقام النبُوَّة والصدِّيقيَّة والشهادة
التي تُوجِبُ سُرورَ ما اتَّصَلت به ]
ومن أطاعَ الله ورسولَه وهو مؤمنٌ فإن جبلَ أُحُد يُحبُّه،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( أُحُدٌ جبلٌ يُحبُّنا ونُحبُّه )
رواه البخاري.
قال النووي - رحمه الله -:
( أُحُدٌ يُحبُّنا حقيقةً، جعلَ الله تعالى فيه تمييزًا يحبّ به )
وكان عند آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم –
حيوانٌ وحشيٌّ إذا دخل النبي - صلى الله عليه وسلم –
بيتَه لم يتحرَّك الحيوان لئلا يُؤذِي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قالت عائشة - رضي الله عنها -:
( كان لآل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحشٌ،
فإذا خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعبَ واشتدَّ وأقبلَ وأدبرَ،
فإذا أحسَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دخلَ ربضَ –
أي: جلسَ - فلم يترمرَم - أي: لم يتحرَّك –
ما دامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في البيت كراهيةَ أن يُؤذِيَه )
رواه أحمد.
وجميعُ المخلوقات سِوى العاصِي من الثَّقَلين يعلمُ أن محمدًا رسول الله،
قال جابرٌ - رضي الله عنه -: أقبَلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفَرٍ،
حتى إذا دفعنا إلى حائطٍ من حيطان بني النجار،
إذا فيه جملٌ لا يدخلُ الحائطَ أحدٌ إلا شدَّ عليه - أي: هاجَ عليه .
فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فجاء حتى أتى الحائط،
فدعا البعيرَ فجاء واضِعًا مِشفراه - وهي كالشَّفَة من الإنسان -،
وضعَ مِشفراه إلى الأرض حتى بركَ بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -،
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( هاتُوا خِطامَه فخطمَه ودفعَه إلى صاحبِه،
ثم التفتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس وقال:
إنه ليس شيءٌ بين السماء والأرض إلا يعلمُ أني رسولُ الله إلا عاصِي الجنّ والإنس )
رواه أحمد.
ومن كان من علماء الإسلام فإن من في السماوات والأرض والحِيتان تدعُو له بالمغفرة،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( وإن العالِم ليستغفِرُ له من في السماوات ومن في الأرض، والحِيتان في جوف الماء )
رواه أبو داود.
وشجرُ الغرقَد يُوالِي المُؤمنين وينصُرُهم،
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( تُقاتِلون اليهودَ حتى يختبِئَ أحدُهم وراءَ الحجر، فيقول:
يا عبدَ الله! هذا يهوديٌّ ورائِي فاقتُله )
متفق عليه.
ومنا ما يُلبِّي بتلبِيَة المُسلم، قال - عليه الصلاة والسلام -:
( ما من مُسلمٍ يُلبِّي - أي: في الحجّ أو العُمرة - إلا لبَّى من عن يمينِه أو عن شِماله
من حجرٍ أو شجرٍ أو مَدَرٍ - أي: طين –
حتى تنقطِع الأرضُ من ها هنا وها هنا )
رواه الترمذي.
وتبكِي السماءُ والأرضُ حُزنًا على فراقِ المؤمن، قال - سبحانه - عن قوم فرعون:
{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ }
[الدخان: 29].
قال ابن عباس - رضي الله عنه -:
[ إذا فقدَ المؤمنُ مُصلاَّه من الأرض التي كان يُصلِّي فيها
ويذكُر الله فيها بكَت عليه السماءُ والأرض ]
وأما العُصاةُ فإن المخلوقات تتأذَّى منهم، وإذا ماتوا استراحَت منهم؛
مُرَّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بجنازةٍ فقال:
( مُستريحٌ ومُستراحٌ منه
قالوا يا رسول الله ! ما المُستريحُ والمُستراحُ منه؟
قال: العبدُ المؤمنُ يستريحُ من نصَب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله،
والعبادُ الفاجرُ يستريحُ منه البلاد والعباد والشجرُ والدوابُّ )
متفق عليه.

رد مع اقتباس