المستشار نبيل جلهوم | ||
المهندس عبدالدائم الكحيل | الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى | بطاقات عطاء الخير |
دروس اليوم | أحاديث اليوم | بطاقات لفلي سمايل |
|
تسجيل دخول اداري فقط |
انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
شرح و تفسير أسماء الله الحسنى38
شرح و تفسير أسماء الله الحسنى ================================================== ==== الحلقة الثامنة و الثلاثـــون منتهى سعادتى عندما اجد من يعترض او يرسل نقد بناء بتصحيح مفهوم او معنى يكون فى مصلحة الاخوه الحمد لله المتعالى عن الأنداد المتقدس عن الأضداد المنزه عن الأولاد المطلع على سر القلب و ضمير الفؤاد الذى من على العلماء بمعرفته و نور قلوبهم ببدائع حكمته و جعلهم ورثة أنبيائه و صفوته فهم أداء الخليفة و العارفون بعلم الحقيقه امتدحهم فى كتابه تفضلا منه و كرما فقال جل من قائل سبحانه ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) أى أن العلماء هم أكثر الناس خشيةً لله هو الذى يرشد عبده و يهديه و إذا مرض فهو يشفيه و إذا ضعف فهو يقويه و هو الذى يطعمه و يسقيه و يحفظه من الهلاك و يحميه و يحرسه بالطعام و الشراب عما يرديه فسبحانه من عالم فى تدبيره و مبتدع فى خلقه و تصويره عدل بين خلقه بالصحة و الاسقام و إذا شاء وهب العافيه و كشف الضُر و الألام و أنزل الداء و الدواء و قدر الحمام أحمده على مننه الجسام و أشكره على نعمة الإسلام و أشهد ان لا إلَهَ الا الله وحده لا شريك له الكريم الديان و أشهد ان سيدنا محمد عبده و رسوله المختار من ولد عدنان المرسل بواضح البيان المبعوث بأعظم شأن و أفصح لسان صلى الله عليه و على آله صلاة مصونة عن الإنصرام دائمة بدوام الليالى و الأيام سؤال الحلقة و المعرفة نستكمل العبوديه فى الاسلام للأمام احمد بن تيميه ... يرحمه الله تعالى و نستعرض بعض من كتاب تاج العروس الحاوى لتهذيب النفوس و ذلك فى نهاية الحلقة أدناه ******************** الحلقه رقم 38 من أسماء الله الحسنى أسم الله الأعظم المحصى = المبدئ = المعيد أولاً اخى المسلم لقد خلق الله الخلق بقدرته و أحصاهم عددا بعلمه ، و أعطى كل شئ خلقه بحكمته و تولى أمر السموات و الارض و من فيهن بكمال عنايته و كتب كل ما كان و ما يكون و ما هو كائن فى كتاب مبين فلا يغيب عنه مثقال ذرة فى كونه الواسع الفسيح و قد سمى نفسه المحصى ليعلم عباده انه سبحانه لا يضيع عمل عامل من ذكر او انثى و أنه جل فى علاه يحصى إليهم ما عملوه من خير ، و يحصى عليهم ما عملوه من شر فيكون الجزاء عنده من جنس العمل والإحصاء هو الإحاطه بجميع المعلومات و تفاصيلها على السواء مع حفظ ما يزيد فيها و ينقص و حفظ احوالها فى الوجود و العدم و سائر تغيراتها و المحصى يختص بأنه لا تشغله الكثره عن العلم مثل ضوء النور و إستمداد المديح و تساقط الأوراق فيعلم عند ذلك عدد اجزاء فى كل ورقة و كيف لا يعلم و هو الذى خلق قال تعالى الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير الملك 14 صدق الله العظيم و الإحاطه بالشئ هى شمول علمه بحقيقته و صفاته و خصائصه و مميزاته و أسراره و أثاره و أن احصاء الشئ هو عده و حصره فى رقم معين ، و قدر معلوم و هو ماخوذ من العد بالحصى و هو الاحاطه بحساب الاشياء و ماشأنه التعداد و على هذا يكون معنى المحصى من أسماء الله الحسنى كما قال أهل العلم العليم بدقائق الأمور وأسرار المقدور هو بالظاهر بصير و بالباطن خبير و يقول جل شأنه و كل شئ احصيناه كتابا النبأ 29 أى كل شئ ضبطناه ضبطا مكتوبا فى اللوح المحفوظ أو فى أُم الكتاب فلا يضيع منه مثقال ذرة قال تعالى إنا نحن نحيي الموتى و نكتب ما قدموا و أثارهم و كل شئ أحصيناه فى أمام مبين يس12 صدق الله العظيم أى نحن نكتب لهم ما فعلوه من عمل يحسب لهم أو يحسب عليهم و نكتب كذلك ما سنوه لغيرهم من سنة حسنة او سيئة و كل شئ ( أحصيناه ) أى جمعناه مكتوباً فى صحف اعمالهم التى تنشر لهم يوم القيامة وسُمى الكتاب أماماً ، لأنه يقدم امامهم فيتناوله صاحبه بيمينه او شماله وقيل الامام المبين (هو علم الله ) و معنى أحصاها....أى ضبطها و أحاط بها و المُحصى هو الله جل شانه فإنه لا تخفى عليه خافيه والمحاسب هو الذى يحصى لعباده ما قدموه من خير، و يحصى عليهم ما فعلوه من شر ثم يحاسبهم حسابا يسيراً او عسيراً ، ثم يثيب من يستحق الثواب و يعاقب من يستحق العقاب إن الله عز و جل يحصى على عبده عمله كله فاذا جاء يوم القيامه أخرج له كتابه وأمره ان يقرأه بنفسه ليكون حجة عليه فلا يسعه الا التسليم بما فيه و الرضوخ للحساب القائم على الاحصاء الدقيق لكل ما قدمت يداه يقول الله عز و جل لقد أحصاهم وعدهم عدا * وكلهم أتيه يوم القيامة فردا مريم 94 - 95 اى جمعهم جمعا ، فالإحصاء معناه هنا الجمع و الإحاطه فلا يفر أحد يومئذ من مصيره المنتظر يقول الله عز و جل فى الحديث القدسى انما هى اعمالكم احصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ، و من وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه ولذا نقول ان المحصى هو الذى يعلم حقائق الأمور و خائنة الأعين و ماتخفى الصدور و يعد على الإنسان أنفاسه و حركات حواسه و سائر جوارحه و يجمع له ماقدمت يداه من خير و شر فى كتاب لا يغادر صغيرة ولاكبيرة قال الحليمى المحصى العالم بمقادير الحوادث ، ما يحيط به منها معلوم العباد وما لا يحيط به منها علومهم كالأنفاس و الأرزاق و الطاعات و المعاصى عدد القطر و الرمل و الحصى و النبات و أصناف الحيوان و الموت وعامة الموجودات فى المخلوقين و ما يبقى منها أو يضمحل و يفنى فيجب على كل مكلف أن يعلم ان الله سبحانه هو المحصى لكل شئ جملة و تفصيلا و يجب عليه ان يعلم أنه يجازى على كل دقيق و جليل من أقواله و أعماله و أعتقاداته المقصوده له و خواطر قلبه المعزوم عليها ، و انه يحصى عليه كل ذلك و يجزى به و لذا يجب على العبد ان يراقب ربه عز و جل فى جميع تصرفاته الظاهرة و الخفية و يحاسب نفسه حسابا عسيرا على كل صغيرة وكبيرة و يتهمها دائما بالتقصير فى حق الله و إساءة الأدب معه أو مع من يحبه من عباده و لا يرى لها من الاعمال الصالحه ما يقربها منه عز و جل فانها أمارة بالسوء لا تستجيب لصاحبها بهوادة و لين بل تستعصى عليه دائماً كلما دعاها إلى فعل الخير أو نهاها عن فعل الشر فهى حليفة الشيطان ضده ، ينبغى أن يستجيب لها فى كل ماتطلبه ، لأن ذلك يجعلها تقوى عليه فيعز عليه كبح جماحها بعد ذلك بسهولة و الكيس من الناس من حاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله يوم القيامة ثانيـــاً :- أخى المسلم يجب أن تعلم ان المبدئ و المعيد إسمان متلازمان من أسماء الله الحسنى وأنه ليس بينهما فاصل فى المعنى فالمبدئ هو المعيد و المعيد هو المبدئ فالقادر على البدء قادر على الإعادة ، فاذا ذكر المبدئ تبعه بالضروره ذكر المعيد و يجب ان تعلم أن المبدئ هو الذى يوجد إيجاد ما لم يكن مسبوقا بمثله و المعيد أى الذى يعيد من العدم إلى الوجود والله تعالى يبدئ الخلق ثم يعيده ، فالأشياء منه بدت كلها و إليه تعود و قد وجدنا من اهل العلم من يقول أنهما علم واحد يدل على معنى واحد مركب من فعلين متعاقبين بحيث إذا وقع أحدهما تبعه الأخر أى أن البدء و الإعاده قرينان لهما صفه الدوام على الدوام قال الله تعالى ان بطش ربك اشديد انه هو يبدئ و يعيد البروج 12 ، 13 أى سبحانه يبدئ الخلق و يعيده ، فيحيى و يميت و يميت و يحيى و فى هذا دليل على القدرة الفعالة الدائمة ، القائمة على تدبير هذا الوجود و تبدل صوره حالا بعد حال فالوجود فى حركة دائمة ، و فى هدم و بناء مستمرين ، وأنه فى أية لحظه على غير صورته فى اللحظه السابقه أو اللاحقه فأنظر ما وسعك النظر فى هذا الكون المرئى ، تجد أن ما فيه لا يثبت على حال فالليل يعقبه النهار ، و النهار يعقبه الليل ، و الكواكب تسير فى افلاكها و تسبح فى الفضاء فى حركه دائبة ترتفع تارة و تنخفض اخرى و تظهر تارة للأعين ثم تختفى ثم تظهر و هكذا فى نظام دقيق لا يعتريه خلل و لاتفاوت و فى حالة عدم التأمل لهذا الكون الواسع الفسيح فأنظر إلى نفسك فان فيك بدء و إعادة بصورة متواصلة ففيك خلايا تموت و خلايا تحيا و أنسجه تبلى و أنسجه تحل محلها و فيك ما فيك مما أودعه الله فيك من أسرار أطلعك على بعضها و أخفى عنك أكثرها و سل نفسك من أين خلقت و كيف تطور خلقى من طين إلى نطفة إلى علقة إلى مضغة حتى أنتهيت الى أخر اطوار الخلق و التكوين و كيف خرجت الى الوجود بشرا سويا ؟ إلى أخر ما يدعوك إليه التأمل و النظر ثم تسأل نفسك عن مصيرك المنتظر بعد موتك المحقق لتعلم أن القادر على البدء قادر على الإعاده من غير أدنى شك و لا إلتباس قال تعالى كما بدأكم تعودون و يقول جل و علا و يقول الأنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا أو لا يذكر الإنسان إنا خلقناه من قبل و لم يكن شيئا مريم 66 - 67 أو لم يرى الإنسان إنا خلقناه من نطفة فاذا هو خصيم مبين و ضرب لنا مثلا و نسى خلقه قال من يحى العظام و هى رميم قل يحييها الذى أنشأها أول مرة و هو بكل خلق عليم يس 77 - 79 صدق الله العظيم فى هذه الأيات مراجعة لهؤلاء المشركين و إنقاذ لهم من هذه الغفلة التى أستولت عليهم حتى سلبتهم عقولهم و أوصدت أمامهم طريق التدبر فى آيات الله القرآنية و النظر فى آياته الكونية و فى تلك الآيات دعوة للإنسان كى ينظر فى نفسه و أن يمد بصره إلى نقطة الإبتداء فى حياته ثم يسير مع نقطة الابتداء حتى يصل إلى أن الله الذى خلقه من العدم قادر أن يعيده بعد موته إلى يوم لا ريب فيه وان الله لا تخفى عليه خافيه فى الارض و لا فى السماء ، و من كان هذا شأنه لايعجزه شئ والإنسان مخلوق كرمه الله و فضله على كثير ممن خلق تفضيلا فاذا أمن وأتبع هواه فقد أحتفظ بهذا التكريم و التشريف أما إذا خرج عن فطرته التى فطره الله عليها ، و تخلى عن وظيفته التى خلقه الله من اجلها فانه حينئذ يكون أحط من الحيوان شأناً و لا يساوى عند الله جناح بعوضة و قد سمى الله نفسه بهذين الأسمين المقدسين الحسنيين مع أن فى أسمائه ما يقوم مقامهما كالمحيى و المميت ليوجه أنظار عباده إلى كيفية البدء وعلى أى نحو كان و يكون و كيفية الإعادة وعلى إى نحو تكون ليصل عن طريق التامل و النظر فى هذا و ذاك إلى الإيمان الكامل بالبعث و النشور و ما يتبعه من حساب و ثواب و عقاب و ليرى بعينى بصره و بصيرته قدرة الله فى الإبداع و التصريف و التغيير و التدبير فيؤمن بأنه الواحد الأحد ، الذى ليس كمثله شئ لأن المُتغَيَر يدل على المُغَيَر قال الله تعالى أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا فى الأرض فأنظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشاءة الأخرة إن الله على كل شئ قدير العنكبوت19-20 صدق الله العظيم تلك الآيات لكل منكر لله و لقائه خطاب دليله هذا الكون و مجاله السماء و الارض على طرقة القرآن فى إتخاذ الكون كله معرضا لآيات الإيمان و دلائله و صفحة مفتوحة للحواس و القلوب تبحث فيها عن آيات الله ، و ترى دلائل وجوده و وحدانيته ، و صدق وعده و وعيده إن فى القرآن غنى عن القيل و القال من أهل الجدل و الخصام فهو كتاب الهداية و منهج الحياة و هو الينبوع الصافى الذى ينهل منه من شاء لما شاء من غير تعسر و لا إلتواء و إن سر الحياة وحده لمعجز كان و مايزال كذلك معجز فى معرفة منشئه و كيف آتى و لا تفسير له الا انه من صنع الله الذى يبدئ الخلق فى كل لحظة تحت أعين الناس و أدراكهم و هم يرون و لا يملكون الإنكار و قيل من نظر أبصر و من أبصر عرف و من عرف لزم و من لزم وصل أخى المسلم نكتفى بهذا القدر من الشرح البسيط المبسط و نسأل الله تعالى من فضله العظيم و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين الدعـــــــاء قال النبى صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم ما أصاب أحداً حزن فقال ذلك إلا أذهب الله همه و أبدله مكانه فرحا فقيل له يا رسول الله أفلا نتعلمها فقال صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم بل ينبغى لمن سمعها أن يتعلمها و هى اللهم إنى عبدك و أبن عبدك و أبن أمِتِك ناصيتى بيدك ماض فىَّ حكمك عدل فى قضاؤك أسألك بكل أسم هو لك سميت به نفسك أو انزلته فى كتابك أوعلمته أحداً من خلقك أو أستاثرت به فى علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبى و نور صدرى و جلاء غمى و ذهاب حزنى و همى و جميع المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الاحياء منهم و الاموات و صلى اللهم على سيدنا محمد حبيب القلوب و على آله و صحبه و سلم صيغة من صيغ الصلاة على رسول الله ان انت لازمت الصلاة على الذى صـلى عليه الله فى الآيات و جـعلتها وردا عليك مـؤكدا لاحــت عليك دلائل الخــيرات اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد ملء سمواتك وصلِّ على محمد و على آل محمد ملء أرضك وصلِّ على محمد و على آل محمد ملء ما أنت خالقه من يوم خلقت الدنيا إلى يوم القيامة اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد صفوف الملائكة و تسبيحهم و تقديسهم و تحميدهم و تمجيدهم و تكبيرهم و تهليلهم من يوم خلقت الدنيا إلى يوم القيامة اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد السحاب الجارية والرياح الذارية من يوم خلقت الدنيا الى يوم القيامه اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد كل قطرة تقطر من سمواتك إلى أرضك و ما تقطر إلى يوم القيامه اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد ما هبت الرياح و عدد ما تحركت الأشجار و الأوراق و الزرع و جميع ما خلقت فى قرار الحفظ من يوم خلقت الدنيا الى يوم القيامة اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد النجوم فى السماء من يوم خلقت الدنيا إلى يوم القيامه اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد ما خلقت فى بحارك السبعه مما لا يعلم علمه الا أنت و ما أنت خالقه إلى يوم القيامة اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد الرمل و الحصى فى مشارق الأرض و مغاربها اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد ما خلقت من الجن و الأنس و الشياطين و ما أنت خالقه إلى يوم القيامة اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد عدد أنفاسهم و الفاظهم من يوم خلقت الدنيا إلى يوم القيامة وصلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم اجابة الســــؤال و المعرفـــة نستكمل العبوديه فى الاسلام للامام الجليل / أحمد بن تيميه يرحمه الله تعالى أخى المسلم بخلاف أصل الحب فأنه صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قال فى الحديث الصحيح فى الحسن و أسامه اللهم إنى أحبهما فأحبهما و أحب من يحبهما و سأله عمرو بن العاص أى الناس أحب إليك قال عائشة ( أى أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبى بكر رضى الله عنها و عن أبيها ) قال فمن الرجال قال أبوها ( أى سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه و أرضاه ) و قال لسيدنا على رضى تعالى الله عنه و كرم الله وجهه لأعطين الرآية رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله و قد أخبر الله تعالى أنه يحب المتقين و يحب المحسنين و يحب المقسطين و يحب التوابين و يحب المتطهرين و يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص قال تعالى فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه المائده 54 فقد أخبر بمحبته لعباده المؤمنين ومحبة المؤمنين له قال تعالى والذين أمنوا أشد حبا لله البقره 165 و أما الخله فخاصة و قول بعض الناس إن محمداً حبيب الله و أبراهيم خليل الله و ظنه أن المحبه فوق الخله قول ضعيف فان محمدا أيضاً خليل الله كما ثبت ذلك فى الأحاديث الصحيحه المستفيضه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث من كن فيه وجد حلاوة اللإيمان من كان الله و رسوله احب اليه مما سواهما و من كان يحب المرء لا يحبه الا لله و من كان يكره ان يرجع فى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُلقى فى النار إن هذه الثلات من كن فيه وجد حلاوة الايمان لان وجود الحلاوة بالشئ يتبع المحبة له فمن أحب شيئا و أشتهاه إذا حصل له مراده فأنه يجد الحلاوة و اللذة و السرور بذلك و ألذه أمر يحصل عقيب إدراك الملائم الذى هو المحبوب أو المُشتهى و من قال إن اللذة إدراك الملائم كما يقوله من يقوله من المتفلسفه و الاطباء فقد أخطأ فى ذلك خطاءً بينا فأن الإدراك يتوسط بين اللذة و المحبة فالأنسان مثلا يشتهى الطعام فأذا أكله حصل له عقيب تلك اللذة فاللذه تتبع النظر إلى الشئ فأذا نظر إليه ألتذ و اللذه تتبع النظر ليست نفس النظر و ليست هى رؤية الشئ بل تحصل عقيب رؤيته قال تعالى وفيها ماتشتهيه النفس وتلذ الاعين الزخرف 71 و هكذا جميع ما يحصل للنفس من اللذات و الألم من فرح و حزن و أمثال ذلك يحصل بالشعور بالمحبوب أو الشعور بالمكروه وليس نفس الشعور هو الفرح ولا الحزن فحلاوة الايمان المتضمنه من اللذة به و الفرح ما يجده المؤمن الواجد لحلاوة الايمان تتبع كمال محبة العبد لله و ذلك بثلاثة أمور تكميل هذه المحبه - و تفريعها - و دفع ضدها فتكميلها أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما ، فأن محبة الله و رسوله لا يكتفى فيها بأصل الحب بل لابد أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما و تفريعها أن يحب المرء لا يحبه إلا لله و دفع ضده أن يكره ضد الإيمان أعظم من كراهية الإلقاء فى النار فأذا كان محبة الرسول و المؤمنين هن محبة الله و كان رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم يحب المؤمنين الذين يحبهم الله لأنه أكمل الناس محبة لله و أحقهم بأن يُحب ما يحبه الله و يبغض ما يبغضه الله و الخلة ليس فيها لغير الله نصيب بل قال لو كنت متخذا خليلا من اهل الارض لاتخذت ابا بكر خليلا ، علم مزيد مرتبة الخلة على مطلق المحبة و المقصود هو ان الخلة والمحبة لله تحقيق عبوديته و انما يُخطئ من يُخطئ فى هذه من حيث يتوهمون أن العبودية مجرد ذل و خضوع فقط لا محبة معه و أن المحبة فيها إنبساط فى الأهواء أو إذلال لا تحتمله الربوبية و لهذا يذكر عن ( ذى النون ) أنهم تكلموا عنده فى مسالة المحبة فقال أمسكوا عن هذه المسالة لا تسمعها النفوس فتدعيها فكره من كره من أهل المعرفة و العلم مجالسة أقوام يكثرون الكلام فى المحب’ بلا خشية و قال من قال من السلف من عَبَد الله بالحب وحده فهو زنديق و من عَبدَه بالرجاء وحده فهو مرجئ و من عَبَده بالخوف وحده فهو حرورى و من عَبَده بالحب و الخوف و الرجاء فهو مؤمن موحد و نكتفى بهذا القدر من العبودية فى الاسلام و نستكمل فى الحلقه القادمة ان شاء الله ========================= و نستعرض بعض من كتاب تاج العروس الحاوى / لتهذيب النفوس أعلم أخى المسلم أن المعصيه تتضمن نقض العهد و تحليل عقد الود و الإيثار على المولى و الطاعه للهوى و خلع جلباب الحياء و المبادرة لله بما لا يرضى مع ما فى ذلك من الأثار الظاهرة من ظهور الكدورة فى الأعضاء و الجمود فى العين و الكسل فى الخدمه و ترك الحفظ للحرمة و ظهور كسب الشهوة و ذهاب بهجة الطاعات و أما الأثار الباطنة كقسوة فى القلب و معاندة النفس و ضيق الصدر بالشهوات و فقدان حلاوة الطاعات و ترادف الاغيار المانعة من بروق شوارق الأنوار وإستيلاء دولة الهوى إلى غير ذلك من ترادف الأرتياب و نسيان المآب و طول الحساب و لو لم يكن فى المعصيه إلا تبدل الأسم لكان ذلك كافيا فانك إذا كنت طائعا تسمى بالمحسن و إذا كنت عاصيا أنتقل أسمك إلى المسئ المعرض هذا فى إنتقال الأسم فكيف بإنتقال الأثر من تبدل حلاوة الطاعه بحلاوة المعصية و لذاذة الخدمة بلذاذة الشهوة هذا فى تبدل الأثر فكيف بتبدل الوصف بعد أن كنت موصوفا عند الله بمحاسن الصفات فيعكس الأمر فتتصف بمساوئ الحالات هذا فى تبدل الوصف فكيف بتبدل المرتبة ، فبعد أن كنت عند الله من الصالحين صرت عنده من المفسدين و بعد أن كنت عنده من المتقين صرت عنده من الخائنين فإن كانت الذنوب منفتحه فى وجهك فأستغث بالله و ألجأ إليه و أحث التراب على رأسك و قل اللهم أنقلنى من ذل المعصيه إلى عز الطاعه و زر ضرائح الأولياء و الصالحين و قل يا أرحم الراحمين أتريد أن تجاهد نفسك و أنت تقويها بالشهوات حتى تغلبك و إلا فقد جهلت فالقلب شجرة تسقى بماء الطاعة وثمراتها مواجيدها فالعين ثمرتها الأعتبار والأذن ثمرتها الإستماع للقرآن و اللسان ثمرته الذكر و اليدان و الرجلان ثمرتهما السعى فى الخيرات فاذا جف القلب سقطت ثمراته فان أجدب فأكثر من الأذكار و لا تكن كالعليل يقول لا أتداوى حتى أجد الشفاء فيقال له لا تجد الشفاء حتى تتداوى فالجهاد ليس معه حلاوة و ما معه الا رءوس الأسنة فجاهد نفسك هذا هو الجهاد الاكبر وأعلم أن الثكلى لا عيد لها بل العيد لمن قهر نفسه و لا عيد إلا لمن جمع شمله جاز بعضهم على دير راهب فقال له ياراهب متى عيد هؤلاء القوم قال يوم يغفر لهم ما مثالك مع نفسك إلا كمن وجد زوجته فى حانة خمار فأتاها بالملابس الحسنة والمآكل الطيبة اخى المسلم نكتفى بهذا القدر البسيط و نستكمل المقالة القادمة ان شاء الله تعالى و أسال الله العلى العظيم أن يمنحنى من العمر لأتمم ما بدأت به فى الحلقة القادمة اذا كان فى العمر بقية أسألك ياربى ان ترحمنى و تغفر لى تقصيرى فهذه قدرتى التى خلقتنى عليها و فى النهايه اذكركم و نفسى كريم لا يغيره صباح عن الخلق الكريم و لا مساء إذا أثنى عليه المرء يوماً كفاه من تعرضه الثناء و الله أعلى و أعلم و أجــــل اسأل الله رب العرش العظيم ان نكون جميعا فى جنة الفردوس مع أُمة سيدنا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم و أنتظرونا يوم الأثنين المقبل إن شاء الله
كما أسأل الله ان يمد لى فى عمرى و يوفقنى لكتابتها و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أخيكم الفقير إلى رحمة الله و غفرانه هشام عباس محمود
|
|
|