صفحة بيت عطاء الخير
بطاقات عطاء الخير
تويتر عطاء الخير الرسمي
مجموعة بيت عطاء الخير الرسمية
بحث في موقع الدرر السنية
 

بحث عن:

ابحث بالموقع
تاريخ اليوم:

  المستشار نبيل جلهوم  
المهندس عبدالدائم الكحيل الدكتور عبدالله بن مراد العطرجى بطاقات عطاء الخير
دروس اليوم أحاديث اليوم بطاقات لفلي سمايل


مجموعات Google
اشترك فى مجموعة بيت عطاء الخير
البريد الإلكتروني:
زيارة هذه المجموعة

تسجيل دخول اداري فقط

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-16-2018, 06:10 PM
حور العين حور العين غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 60,054
افتراضي خطبة عيد الفطر لعام 1439 ـ من المسجد الحرام: خُلق الوفاء

خُطَبّ الحرمين الشريفين
خطبة عيد الفطر لعام 1439 من المسجد الحرام
مع الشكر للموقع الرسمى للحرمين الشريفين


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد - حفظه الله - خطبة عيد الفطر بعنوان:

"مِن جوامِع الأخلاق: خُلق الوفاء"،

والتي تحدَّث فيها عن خُلُقٍ هو مِن جوامِع الأخلاق، ومجمَع المُروءات، في أعلَى منازِل الشَّهامة،

وأسمَى مقامات المُروءة، هو خُلُق الوفاء، مُبيِّنًا فضائِلَه وأفضلَ نماذِجِه مُتمثِّلةً في آياتِ الله تعالى،

وفي نبيِّنا مُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - القُدوة والأُسوة الحسنة، أعظَم البشَر وفاءً، ثم بيَّنَ آثارَ الوفاءِ في المُجتمع.

الخطبة الأولى

الحمدُ لله، الحمدُ لله أنشَأَ وبرَأ، والله أكبر

أبدعَ كلَّ شيءٍ وذرَى

، }لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى{
[طه: 6- 8]،

والحمدُ لله على ما منَحَ ووهَب، واللهُ أكبر التقوَى عنده أشرَفُ نسَب،

لا إله إلا الله سهَّل لأوليائِه في طاعاتِه كلَّ نَصَب،

والحمدُ لله تعاظَمَ ملَكُوتُه فاقتَدر، والله أكبر تعالَى جبَرُوتُه فقَهَر، رفعَ بحكمتِه أقوامًا وخفَضَ أقوامًا أُخَر،

أحمدُه - سبحانه - وأشكُرُه على نعمٍ تتوالَى في الآصالِ والبِكَر، كريمٌ جَواد يذكُرُ مَن ذكَر، ويشكُرُ مَن شكَر.

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً خالِصةً مُخلِصةً تُنجِي صاحبَها يوم الفزَع الأكبَر،

صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه، وعلى آله الأطهار السَّادَة الغُرَر، وأصحابِهِ الميامِين أعزَّ الله بهم دِينَه ونصَر،

والتابِعِين ومن تبِعَهم بإحسانٍ وسارَ على نَهجِهم والأثَر.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلًا.

أما بعد:

فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوَى الله، فاتَّقوا الله - رحمكم الله -،

وانظُرُوا لأنفسِكم، واعتبِرُوا بالحوادِثِ والغِيَر، وتأمَّلُوا في الآياتِ والعِبَر؛ فليس العِيَان كالخَبَر،

تأهَّبُوا واستعِدُّوا، فإنَّكم على الأثَر، وتزوَّدُوا زادَ التُّقَى، فأنتُم على سفَر، وبادِرُوا بالأعمال الصالِحة،

فالأعمارُ في قِصَر، وما أمرُ السَّاعَة إلا أقرب مِن لَمحِ البصَر، وكفَى بهذه الدُّنيا مُعتبَر.

جعلَنِي الله وإيَّاكُم مِمَّن أخلَصَ لربِّه فيما أعلَنَ وأسَرَّ

}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{[الحشر: 18].

الله أكبر ما صامَ صائِمٌ وأفطَر، والله أكبر ما عادَ عيدٌ وتكرَّر.

أيها المسلمون:

عيدُكم مُبارَك، وصِيامُكم مُتقبَّل،

بارَك الله لكم بما مَنَّ عليكم هذا اليوم الأغَرِّ يوم عِيدِ الفِطر يومِ الحُبُور

والسُّرُور، تمتَلِئُ فيه القلوبُ بَهجَة، وتزدانُ به الأرضُ زِينَة، تخرُجُون لصلاتِكم حامِدِين،

ولنِعمِ مولاكُم شاكِرِين، وبتمامِ شَهرِكم مُغتَبِطين، ولثوابِ ربِّكم مُؤمِّلِين، ولفضلِه وإحسانِه راجِين.

عيدُنا - أهلَ الإسلام - عِيدُ غِبطةٍ في الدِّين والطاعَة، وعِيدُ بَهجةٍ في الدُّنيا والحياة، عِيدُ تزاوُرٍ وصِلةٍ وقُربَى، وصفحٍ وعفوٍ،

ومُسامحَةٍ ومحبَّةٍ، وإخاءٍ وأُلفةٍ، ليس عِيدَ أشَرٍ ولا بطَرٍ، ولا فِسقٍ ولا فُجُور.

الله أكبر ما تلَا قارِئٌ كتابَ ربِّه وتدبَّر، والحمدُ لله ما بذَلَ مُحسِنٌ مِن مالِه وشكَر.

أيها المسلمون:

الإسلامُ في بنائِه الأخلاقِيِّ جاءَ بكلِّ ما هو راقٍ ومُتحضِّرٍ، وسمَا بأتباعِهِ فوقَ كلِّ الصغائِر،

ورسَمَ للإنسانيَّة حياةً كريمةً تُحيطُ بها كلُّ المعانِي السَّامِية. بِناءٌ أخلاقيٌّ متِين تستَقِيمُ به الحياة،

وتُؤدَّى به الرسالة، ويقُومُ عليه البِناء، ويُواجِهُ كلَّ التجاوُزات.

وإنَّ ما تُعانِيه الأمةُ في كثيرٍ مِن مواقِعِها ومُجتمعاتِها بسببِ الضعفِ الأخلاقيِّ،

وتلاشِي كثيرٍ مِن القِيَم. ودينُ الإسلام في قِيَمِه وأخلاقِهِ يأبَى أن تُمارَسَ الفضائِل في سُوقِ المنفَعَة العاجِلَة،

أو أن تنطَوِي دخائِلُ النفوس على

نِيَّاتٍ مغشُوشة.

معاشر المسلمين:

وثَمَّةَ خُلُقٌ هو مِن جوامِعِ الأخلاقِ، ومجمَع المُروءات. خُلُقٌ في أعلَى منازِل الشَّهامة، وأسمَى مقاما المُروءة. قِيمةٌ إسلاميَّةٌ عظيمةٌ،

ورصيدٌ إنسانيٌّ نبِيلٌ، يحسُنُ التذكيرُ به والتذاكُر في هذا اليوم المُبارَك يوم عيدِ المُسلمين واجتماعِهم وبَهجَتهم وسُرُورهم.

خُلُقٌ كريمٌ يدفِنُ الأخطاء، ويمحُو الزلَّات، ويُعلِي المحاسِن، ويغُضُّ عن المعايِب، تتفاوَتُ فيه أقدارُ الرِّجال تفاوتًا واسِعًا،

بهذا الخُلُق تُصانُ المودَّات، وتتوثَّقُ العلاقات، ويدُومُ الإحسان، وتسُودُ السَّكِينة، وتستقِرُّ النُّفوس.

إنه خُلُقُ الوفاء. نعم - حفِظَكم الله - الوفاءُ خُلُقٌ عزيزٌ، لا يقدُرُه حقَّ قَدرِه إلا القلِيلُون أو الأقلُّون،

وقد قال ربُّ العِزَّة: }وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ{

[الأعراف: 102].

وقالت العربُ في أمثالِها: "أعَزُّ مِن الوفاء".

بل إن الله - عزَّ وجل في عُلاه - تمدَّحَ به، فقال - عزَّ شأنُه -: }وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ{[التوبة: 111]،

وقال - عزَّ شأنُه -: }وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ{[الروم: 6].

الوفاءُ مِن أخَصِّ صِفاتِ المُؤمنين، }مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ{[الأحزاب: 23].

ومِن أبرزِ نُعوتِ أُولِي الألبابِ:}إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ{ [الرعد: 19، 20].

الله أكبر عَنَت الوُجوهُ لكبرياءِ ربِّنا وعظَمَتِه، والله أكبر أجرَى - سبحانه - المقادِيرَ بحكمتِه.

أيها الأحِبَّة:

الوفاءُ - حفِظَكم الله، وبارَكَ لكم في عيدِكم، وزادَكم هناءً ووفاءً - مِن أسمَى الأخلاقِ الإنسانيَّة وأرقاها،

يحمِلُ معانِي الصدق، والإخلاص، والمحبَّة، والعدل، والكرَم، والنُّبْل، والثِّقة، والجُود، والنَّجْدة.

وما كان الوفاءُ بهذه المنزِلَة إلا لأن الوفاءَ مِن كل شيءٍ تمامُه وكمالُه،

ومِن دقائِقِ المعاني في لُغةِ العرب: أن الوفاءَ يعني: الخُلُقَ الشريفَ العالِي الرَّفيعَ.

والوفاءُ في حقيقتِه - حفِظَكم الله - هيئةٌ في النَّفس راسِخة، تُنبِئُ عن طهارتِها وسُمُوِّها،

يصدُرُ عنها أداءُ ما التَزَمَه المرءُ مِن حقوقٍ ومسؤوليَّاتٍ، وهذه الحُقوقُ - كما يُفسِّرُها ابنُ عباسٍ - رضي الله عنهما - هي:

العُهُود مما أحلَّ الله وما حرَّم، وما فرَضَ وما حدَّدَ في الدينِ كلِّه.

الله أكبر ما راقَبَ عبدٌ في السرِّ والعلانية ربَّه، والله أكبر ما تغافَلَ مُسلمٌ عن عيُوبِ الناسِ ولعُيُوبِ نفسِه تنبَّه.

الوفاءُ - بارَكَ الله لكم في أعيادِكم وأيامِكم - ينتَظِمُ جميعَ المسؤوليَّات الدينية والدنيوية،

فمَن تولَّى عملًا أو التَزَمَ أمرًا، فقد تعهَّدَ أن يفِيَ بِه على أفضل الوُجوهِ، وعلى قَدر التقصيرِ يكونُ الإخلالُ بهذا الخُلُق العظيمِ.

الوفاءُ ينتَظِمُ جميعَ العلاقات بين الأفرادِ والجماعاتِ والشُعُوب والدُّول،

ومساراتِ الإنسانيَّة كلِّها، والوفاءُ والإنسانيَّةُ صِنوان؛ فمَن فقَدَ الوفاءَ فقَدَ إنسانيَّتَه.

وأولُ ما يجِبُ الوفاءُ بِهِ: مسؤوليَّةُ العبد نحوَ ربِّه بامتِثالِ أوامِرِه، واجتِنابِ نواهِيه،

والمسارعة إلى الخَيرات، وتطلُّبِ مراضِي الله - سبحانه -، وذِكرِه وشُكرِه وحُسن عبادِه.

«فاقْضُوا اللهَ؛ فاللهُ أحقُّ بالوفاءِ».

يقولُ أبو العالِية - رحمه الله -: "عهدُ الله إلى عبادِه دينُ الإسلام أن يتَّبِعُوه".

ومِن أعظم الوفاءِ: الوفاءُ مع جنابِ المُصطفَى سيِّدنا ونبيِّنا مُحمدٍ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -،

الذي بلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانةَ، ونصَحَ الأمةَ، وما مِن خيرٍ إلا دلَّ عليه،

وما مِن شرٍّ إلا حذَّرَ مِنه، بيَّن المحجَّةَ بيضاء لا يَزِيغُ عنها إلا هالِك.

الوفاءُ معه - عليه الصلاة والسلام - بمحبَّتِه وتعظيمِه، وكثرةِ الصلاةِ عليه، والاعتِرافِ بعظيمِ مِنَّة الله ببِعثتِه،

فيتعلَّقُ القلبُ بسُنَّته، ويتَّبِعُ مِلَّتَه وهَديَه، يزَمُ ذلك حتى يلقَى ربَّه.

ومِن الوفاءِ: الوفاءُ مع النَّفسِ بالحِفاظِ عليها وصِيانتِها؛ فإنَّ لنفسِك عليك حقًّا، فلا يحرِمها الطيِّبات،

ولا يُورِدُها المهالِك، يسعَى في صلاحِها وإصلاحِها، وفَكاكِها مِن النَّار، وإدخالِها الجنَّة.

ثم الوفاءُ للوالِدَين ببِرِّهما، والإحسانِ لهما، وحُسن صُحبتِهما، والاعتِرافِ بفضلِهما، وخَفضِ الجَناحِ لهما،

والدُّعاءِ لهما في الحياةِ وبعد الممات، }فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)

وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{ [الإسراء: 23، 24].

ومِن الوفاءِ: الوفاءُ بين الزَّوجَين، مما يجعَلُ الأُسرةَ مُطمئنَّةً، والحياةَ مُستقِرَّةً.

وفاءٌ جميلٌ في حالِ الشدَّة والرَّخاء، والعُسر واليُسر، وفاءُ مودَّةٍ ورحمةٍ، وحُسن عِشرةٍ،

ولُطفِ معيشةٍ، وتحمُّلٍ وتجمُّلٍ.والوفاءُ للأقرَبِين،

والأصحابِ، والمعارِفِ بالسُّؤال والمُزاوَرَة والتفقُّد والبَذل والتعاوُن والتسامُح والمعرُوف.

والإنسانُ في وطنِه ومع وُلاةِ أمرِه على عهدٍ والتِزامٍ بأن يقُومَ بمسؤوليَّته في السَّمع والطاعة، والمنشَط والمكرَه،

والعُسر واليُسر، والأمانة والنَّصِيحة، والأمر بالمعروق، والنهي عن المُنكَر، والحِفاظ على المُكتسَبات.

مُواطِنٌ وفِيٌّ يعملُ ولا يُهمِل، ويبنِي ولا يهدِم، ويُخلِصُ ولا يغشُّ.

والوفِيُّ الكريمُ لا ينسَى جَميلَ المُعلِّم، وجَميلَ الصَّدِيق، وجَميلَ كلِّ صاحِبِ جَميلٍ. ومَن أُوتِيَ علمًا فكتَمَه، فقد خانَ ولم يَفِ.

أما الوفاءُ بالعُقودِ والعُهودِ والمواثِيقِ، والأيمانِ والنُّذُور، والدُّيُون والمُعاملات فهذا مِن أعظم الأماناتِ وأوسَعها وألزَمها.

معاشر المسلمين:

ومِن الوفاءِ: الوفاءُ لماضِي الأمةِ وتُراثِها وتارِيخِها، فلا يجوزُ للمرءِ أن يتنكَّرَ لماضِيه؛

فمَن لا ماضِيَ له لا مُستقبَلَ له، والوفاءُ للماضِي ليس بتقدِيسِه وادِّعاء عِصمتِه وتبرِئتِه مِن الأخطاء والنقائِص،

وإنما الوفاءُ بالارتِباطِ به، وعدم الانفِصال عنه؛ لأنه يُمثِّلُ الجُذُور، وفصل الشَّجَرة عن جُذُورها يُميتُها.

الله أكبر، الله أكبر ما تعاقَبَت الأهِلَّة هِلالًا بعد هِلال، والله أكبر ربُّ رمضان وربُّ شوال.

أيها الإخوة:

مَن رُزِقَ الوفاء فقَد رُزِقَ الخير كلَّه؛ فهو الدليلُ على طِيبِ الأصل، وهو البُرهانُ على شرَفِ العُنصر.

أما آثارُه الوفاءُ - عباد الله - وثِمارُه فأكثَرُ مَن أن تُحصَى أو تُحصَر؛

فبالوفاءِ يكونُ تحصيلُ التقوَى، }بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى{ [آل عمران: 76]،

}فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ{[التوبة: 7].

وبالوفاءِ يتحقَّقُ الأمنُ، وتُصانُ الدماء، وتُحفَظُ الحُقوق،

}وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ{ [الأنفال: 72].

بالوفاءِ تكفِيرُ السيِّئات، ودخُول الجنَّات

}لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ

وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ{
[المائدة: 12]،

}وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا{ [الفتح: 10].

بالوفاءِ تكونُ النَّجدَة والشَّهامة والمُروءَة، ودوامُ الصِّلة، وانتِشارُ الخير والمعروف، وحِفظُ النِّعَم،

وغرسُ معانِي الإنسانيَّة ومكارِمِ الأخلاقِ. وبسِيادةِ الوفاءِ تجرِي العلاقاتُ الإنسانيَّة برُوح الأخُوَّة والمحبَّة والثِّقَة.

الله أكبر مَنَّ ربُّنا على مَن شاءَ مِن عبادِه بالفضلِ فكانُوا مِن المرحُومِين، والله أكبر قضَى بحكمتِه على مَن أعرَضَ وتولَّى فكانُوا مِن المحرُومين.

وبعدُ .. حفِظَكم الله:

صاحِبُ الوفاء تعظُمُ منزلتُه وتبقَى سيرتُه لِسانَ صِدقٍ في الآخَرين والآخِرين، وأقدارُ الرِّجال تتفاوَتُ تفاوُتًا واسِعًا،

وثَمْلُ الوفاء قد يكونُ فادِحًا يُكلِّفُ المرءَ حياتَه قبل مالِه، وهذه - وربِّكم - تكالِيفُ المجدِ المنشُود في الدنيا والآخرة،

والفضائِلُ لا تتجزَّأ، فلا يكونُ المرءُ كريمًا مع قومٍ لئيمًا مع آخرين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:}وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا

وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ{
[النحل: 91].

نفعَني الله وإياكم بهَديِ كتابِه، وبسُنَّة نبيِّه مُحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وأقولُ قولي هذا،

وأستغفِرُ الله لي ولكم ولسائر المُسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفِروه؛ إنه هو الغفورُ الرحيم.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلًا،

وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على عبدِه ورسولِه سيِّدنا محمدٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله أعادَ وأبدَى، والله أكبر أنعمَ وأسدَى، والحمدُ لله كثيرًا،

والله أكبر كبيرًا حمدًا وتكبيرًا مِلءَ السماوات ومِلءَ الأرضِ إرغامًا لمَن استَكبَر عِنادًا وجَحدًا،

أحمدُه - سبحانه - لا أُحصِي لنعمِه عدًّا، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهًا أحدًا،

فردًا صمَدًا شهادةً أتَّخِذُها عند الرحمنِ عهدًا، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه كرُمَ رسُولًا،

وشرُفَ عبدًا، شريعتُه شريعةُ الحقِّ، ونَهجُه نَهجُ الهُدَى، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه،

وعلى آله وأصحابِه عزَّ بهم هذا الدينُ وعلا شرَفًا ومجدًا، والتابِعِين ومَن تبِعَهم بإحسانٍ ومَن بهَديِهم اقتَدَى،

وسلَّم تسليمًا كثيرًا مزيدًا أبدًا سرمَدًا.

الله أكبر خزائِنُ جُودِ ربِّنا لا تنفَدُ ولا تُحصَر، والحمدُ لله ما حفِظَ عبدٌ أوقاتَ الطاعةِ وعمَّر.

أما بعد .. معاشِر الإخوة:

ومِن الوفاءِ: الوفاءُ بالعُهود والمواثِيق، والعلاقات الدوليَّة. وتاريخُ الإسلام ناصِعٌ مُنذ فجرِه الأول؛

فصفحتُه بيضاء نقيَّة، لم يُدنَّس بخيانةٍ، ولا غدرٍ، ولا نقضِ عهدٍ.

يقولُ الإمامُ الثوريُّ - رحمه الله -:

"اتَّفقُوا على جوازِ الخِداعِ في الحربِ إلا أن يكون فيه نقضُ عهدٍ أو أمانٍ، فلا يحِلُّ".

وتاريخُ الإسلام يُحدِّثُ أحسنَ الحديثِ عن الوفاءِ في صفحاتِ مجدٍ وفَخارٍ،

يأتِي في مُقدِّمة ذلك: حبيبُنا وسيِّدُنا مُحمدٌ - صلى الله عليه وسلم - مع أهلِه، ومُعاهداتِه ومواثِيقِه:

أما وفاؤُه مع أهلِ بيتِه: فتأمَّله مع زوجِهِ خديجة - رضي الله عنها -،

واستَمِع إلى عائشة - رضي الله عنها - وهي تقُولُ:

"ما غِرتُ على امرأةٍ ما غِرتُ على خديجَة، ولقد هلَكَت قبل أن يتزوَّجَني بثلاثِ سِنين؛ لِما كُنتُ أسمَعهُ يذكُرُها،

وإن كان ليَذبَحُ الشاةَ ثم يُهدِي في خُلَّتِها مِنها".

وفي بعضِ المروِيَّات: "اذهَبُوا به إلى فُلانةٍ؛ فإنها كانت صَدِيقةً لخَدِيجة".

تقُولُ عائشةُ: فرُبَّما قُلتُ: كأنَّما لم يكُن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجَة،

فيقولُ: «لقد آمَنَت بِي إذ كفَرَنِي الناسُ، وصدَّقَتني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ أخرَجَني الناسُ، ورَزَقَني الله مِنها الوَلَد».

أما في مُعاهداتِه واتِّفاقيَّاتِه فالأمرُ أكبرُ وأعظمُ، وكلُّ صُلح الحُديبية بأحداثِه ومُفاوضاتِه صِدقٌ ووفاءٌ والتِزامٌ.

وتأمَّلُوا في قصة حُذيفَة بن اليَمَان ووالِدِه - رضي الله عنهما -، وسبب تخلُّفِهما عن غَزوَة بدرٍ.

يقُولُ حُذيفةُ - رضي الله عنه -:

"ما مَنَعَنا أن نشهَدَ بدرًا إلا أخِي وأبِي، أقبَلْنا نُريدُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -،

فأخَذَنا كُفَّارُ قُريش، فقالُوا: إنَّكُم تُريدُون مُحمدًا، فقُلنا: ما نُريدُه، إنما نُريدُ المدينةَ،

فأخذُوا علينا عهدَ الله ومِيثاقَه لتصِيرُون إلى المدينة ولا تُقاتِلُوا مع مُحمدٍ.

فلما جاوَزناهُم أتَينَا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذَكَرنا له ما قالُوا وما قُلنا لهم، فما ترَى.

قال: «نستَعِينُ اللهَ عليهم، ونفِي بعهدِهم». فانطَلقنَا إلى المدينة، فذاك الذي منَعَنا أن نشهَدَ بدرًا".

وقصةُ إسلام أهل سمَرقَند بعد انسِحابِ جيش قُتيبَة بن مُسلم بعد أن أمَرَه أميرُ المُؤمنين عُمر بن عبد العزيز - رحمه الله - بالوفاءِ لهم بعَهدِهم،

قصةٌ مِن أشهَر وقائِع التاريخ وأصدَقِها وأنبَلِها.

الله أكبر جعَلَ في تصرُّمِ الأعوامِ والشُّهُور عِبرةً لمَن تفكَّر،

والله أكبر كتَبَ الفلاحَ لمَن جدَّ في عمل الصالِحات وشمَّر.

معاشر المُسلمين:

ومِن الوفاءِ والشُّكرِ والعِرفان: استِشعارُ ما عليه بلادُ الحرمَين الشريفَين المملكة العربية السعودية مِن الخير،

والأمن، والإيمان؛ فهي - بفضلِ الله ومِنَّتِه - مأرِزُ الإسلام، ومنبَعُ الدعوةِ إلى الله، وأمانُ الخائِفِين،

وعَونُ المُحتاجِين للدُّول والأفرادِ. يدٌ حانِية تُواسِي المكلُومِين، وتُداوِي جِراحَ المُسلمين،

وتنطلِقُ فيها أعمالُ الإحسان؛ فهي - بفضلِ الله وكرمِه - مصدرُ الخَير بأنواعِه، ومنبَعُ البِرِّ بألوانِه.

لا يُقال هذا عاطِفةً أو مُجاملةً، ولكنَّه يقينًا وتحقيقًا، ونظرًا في الآثارِ والسُّنَن، فمَن يصِلُ الرَّحِم، ويحمِلُ الكَلَّ،

ويُعينُ على نوائِبِ الحقِّ لا يُخزِيه الله أبدًا، ومَن كثُرَت حسناتُه وإحسانُه حسُنَت - بإذنِ الله - عاقِبتُه، وحفِظَه ربُّه في دينِه وأهلِه وديارِه.

إنَّ بلادَ الحرمَين الشريفَين المملكة العربية السعودية بقِيادتِها وحِكمتِها تُدرِكُ كما يُدرِكُ

كلُّ عاقلٍ مُنصِفٍ صادقٍ أنه لا أمنَ ولا استِقرارَ ولا تنمِيةٍ في مُحيطٍ يعُجُّ بالقلاقِلِ والأزمات،

ولا طريقَ للخلاصِ والسلامةِ والرَّخاء إلا الاتِّحادُ والتضامُن والصدقُ في التصدِّي للمُشكِلات والأزمات.

إنها الدولةُ المُبارَكة قلبُ العالَم الإسلاميِّ والعربيِّ في ثوابتِها المُرتكِزَة على الدين الحَنِيف، وتوحيدِ الكلِمة،

وصِيانةِ اللُّحمَة، واجتِماعِ الأمة، وتبنِّي المُبادَرات في الإعانة والإغاثة والدَّعم وتأكيدِ اللُّحمة والأُخُوَّة،

والتصدِّي للفساد والإرهاب، والمُساعَدة في الأزمات، والنَّأْي عن التدخُّل في الشُّؤون للداخِليَّة للدُّول.

هذه الدولةُ السَّنِيَّة لها سِجِلُّها الحافِلُ بمُبادرات الخَير والإصلاحِ لدَعمِ الأشِقَّاءِ العربِ والمُسلمين،

في حقائِقَ ثابِتة لا تقبَلُ المُزايَدة، وفي إيمانٍ راسِخٍ بوحدةِ الهدفِ والمَصِير.

ومِن هذه النماذِج والمواقِفِ والمُبادَرات: اجتِماعُ قمَّة مكة المُكرَّمة في هذه العشر الأخِير المُبارَكة مِن شهر رمضان المُعظَّم،

لدَعمِ دولةٍ شقيقةٍ، ومُساعدتها في خُروجِها مِن أزمتِها.

وقد كان قبلَه قريبًا تحويلُ قِمَّة الظَّهران إلى قِمَّة القُدس؛ تأكيدًا وتذكيرًا لقضيَّتنا الأولى والكُبرى فلسطين والقُدس وأهلِها.

إنه الدورُ الرِّياديُّ المُبارَك لهذا البلَد المُبارَك، وتجسيدُ معنى الأُخُوَّة العربيَّة والإسلاميَّة الحقَّة، بعيدًا عن الدَّعاوَى والشِّعارات.

إنها محضِنُ العرب والمُسلمين وحِصنُهم المَنِيعُ - بإذن الله - في اجتِماعاتٍ مُباركةٍ، ومُحادثاتٍ ومُباحثاتٍ لبَحثِ السُّبُل الكفيلةِ - بإذن الله - لحلِّ كلِّ مُشكِلةٍ،

والتغلُّبِ على كلِّ ظُروفٍ صعبةٍ. رُؤيةٌ عميقةٌ تقُومُ على التضامُن، والتنسيقِ، والهمِّ المُشترَك، والعمل المُشترَك.

إنها - بإذن الله وعونِه - طَوقُ النَّجاة لأشِقَّائِها؛ فصَفَحاتُ عطاءاتِها ملِيئةٌ بالمواقِفِ المُشرِّفة في دَعمِ الأشِقَّاء ونُصرتِهم مهما كانت التحديات،

ومهما كلَّفَ التصدِّي لها مِن ثمنٍ، وذلك كلُّه مِن غير مَنٍّ ولا انتِظارِ مُقابِل.

الله أكبر عمَّ الوُجودَ بإحسانِه ورحمتِه، والله أكبر أجزَلَ العطايا بمِنَّتِه.

والحديثُ عن الوفاءِ يُحتِّمُ الإشارةَ والتَّنوِيهَ بما عليه رِجالُ أمنِنا، وقوَّاتِنا المُسلَّحة في بُطولاتِهم واستِبسالِهم ويقَظَتهم ومواقِفهم الشُّجاعة المشهُودة،

في إخلاصٍ وتفانٍ وإتقانٍ وكفاءةٍ، وبأعمالِهم ويقَظَتِهم - بإذن الله وعونِه - تبقَى هذه البلادُ عزيزةً محفُوظةً، آمِنةً مُطمئنَّةً.

إنهم مصدرُ عِزٍّ وفَخار؛ فهُم - بتوفيقِ الله - صمَّامُ الأمان في حِماية دِيارِ الإسلام بِلادِ الحرمَين الشريفَين،

ومهدِ مُقدَّسات المُسلمين، وسيظلُّون تاجَ الرُّؤوس،

ومصدرَ طُمأنينةِ النُّفُوس.

واليوم يومُ عيدٍ وتبادُل التهانِي، فليهنَأ المُسلِمون في هذه البلاد مُواطِنُون ومُقيمُون، فليهنَؤُوا بدينِهم وأمنِهم،

ولتَهنَأ وتُهنَّأ الدولةُ - حفِظَها الله - برِجالِها وجنُودِها وشعبِها،

ولتطمئنَّ الأمةُ إلى حِرصِ وُلاةِ الأمور ويقَظَتِهم في مواقِف لا يُقبَلُ فيها إلا الحَزمُ والعَزمُ.

فالحمدُ لله ثم الحمدُ لله على نِعمِه التي لا تُحصَى، جمَعَ كلمتَنَا، وأسبَغَ علينا نِعمَه ظاهرةً وباطنةً. سدَّد الله الخُطَى،

وبارَكَ في الجُهود والأعمال، وجنَّبَنا الفتنَ ما ظهَرَ منها وما بطَن.

ألا فاتَّقُوا اللهَ - رحِمَكم الله -، واعلَمُوا أن الوفاءَ مِن أقوَى الدلائِل على طِيبِ الأصل، وأوضَحِ البراهِين على شرَفِ العُنصر،

ومِن أجلِ هذا عظَّمَ الله أمرَه بقولِه: }وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ{ [البقرة: 40].

وقال أهلُ الحكمة: "وعدُ الكريم ألزَمُ مِن دَين الغَرِيم، ووَعدٌ بلا وفاءٍ عداوةٌ بلا سبَب، وبالوفاءِ يدُومُ الإخاء".

الله أكبر ما هلَّ هِلالٌ وأبدَر، والحمدُ لله والله أكبر على ما سهَّل ويسَّر.

معاشِر المُسلمين:

ابتَهِجُوا بعيدِكم؛ فعِيدُكم مُبارَك، وتقبَّل الله طاعتَكم.

ابتَسِمُوا وابتَهِجُوا، وانشُروا السُّرورَ والبهجةَ في أنفسِكم وأهلِيكم وإخوانِكم. العيدُ والتهنِئةُ لمَن يزرَعُ البسمةَ على شِفاه المُحتاجِين،

ويُدخِلُ السُّرورَ على المرضَى والمكلُومِين.

أيها المُسلمون:

العيدُ مُناسبةٌ كريمةٌ لتصافِي القلوب، ومُصالحَة النفوس. مناسبةٌ لغَسلِ أدران الحقد والحسَد، وإزالةِ أسبابِ العداوة والبغضاء.

وإنَّ في مواقِع التواصُل الاجتماعيِّ، والمجموعات التي يُنشئُها الأقاربُ والأصدقاءُ وذوُو الاهتمام والمُتابعات،

في هذه المواقِع طرائِقُ حسنة، وأبوابٌ مُتَّسِعة للكلام الطيبِ، وإدخالِ السُّرور، وحُسن الحديث، ولطيفِ المُتابَعة،

ورقيقِ السؤال، وتبادُل عبارات المرَح المُباح.

العيدُ فرحٌ وسُرورٌ لمَن طابَت سريرتُه، وخلُصَت نيَّتُه، وحسُنَ للناسِ خُلُقه، ولَانَ في الخطابِ كلامُه. إدخالُ السُّرور شيءٌ هيِّن،

تسُرُّ أخاك بكلمةٍ أو ابتِسامة أو ما تيسَّر مِن عطاءٍ أو هديَّة، تسُرُّه بإجابةِ دعوةٍ أو زيارةٍ.

العيدُ لمَن اتَّقَى مظالِمَ العباد، وخافَ يوم التَّناد، العيدُ لمَن لم يحسُد الناسَ على ما آتاهم الله مِن فضلِه.

فافرَحوا وأدخِلوا الفرَحَ على كلِّ مَن حَولَكم؛ فالفرحُ أعلَى أنواع نعيمِ القلبِ ولذَّته وبهجَته.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

ومن مظاهرِ الإحسانِ في العِيدِ بعد رمضان: استِدامةُ العبد على نَهج الطاعة والاستِقامة، وإتباعُ الحسنة الحسنة،

وقد ندَبَكم نبيُّكم محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - لأَنْ تُتبِعُوا رمضانَ بستٍّ مِن شوال، فمَن فعَلَ فكأنما صامَ الدهرَ كلَّه.

تقبَّل الله منا ومنكم الصيامَ والقيامَ، وسائِرَ الطاعات والأعمال الصالحات.

الله أكبر ما أنعمَ ربُّنا من الفضلِ والخيرات، والله أكبر ما أفاضَ من الآلاء والبركات.

هذا صلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة:

نبيِّكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم، فقال - عزَّ قائلاً عليمًا -:

}إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{ [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمد، وعلى آله وأزواجه وذُرِّيَّته،

وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين الأربعة: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين،

والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين،

واحمِ حَوزةَ الدين، وانصر عبادَك المؤمنين، واخذُل الطغاةَ والملاحِدةَ وسائرَ أعداء الدين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيِّك وعبادك الصالحين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاة أمورنا،

واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم أيِّد بالحق والتوفيق والتسديد إمامَنا ووليَّ أمرنا، ووفِّقه لما تحبُّ وترضى، وخُذ بناصيته للبرِّ والتقوى،

وارزُقه البطانةَ الصالحةَ، وأعِزَّ به دينك، وأعلِ به كلمتك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين،

واجمَع به كلمةَ المسلمين على الحقِّ والهُدى،

اللهم ووفِّقه وولِيَّ عهدِه وإخوانَه وأعوانَه للحق والهدى، وكل ما فيه صلاحُ العباد والبلاد.

اللهم وفِّق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك، وبسنَّة نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -،

واجعَلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمَع كلِمَتهم على الحقِّ والهُدى يا رب العالمين.

اللهم وأبرِم لأمةِ الإسلام أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطاعة، ويُهدَى فيه أهلُ المعصِية،

ويُؤمَرُ فيه بالمعروفِ، ويُنهَى فيه عن المُنكَر، إنك على كل شيءٍ قدير.

اللهم عليك بالصَّهايِنة اليهود المُحتلِّين؛ فإنهم لا يُعجِزونَك، اللهم وأنزِل بهم بأسَك الذي لا يُردُّ عن القوم المُجرِمين،

اللهم إنا ندرَأُ بك في نُحورِهم، ونعوذُ بك مِن شُرورِهم.

اللهم احفَظنا مِن شرِّ الأشرار، وكيدِ الفُجَّار، وشرِّ طوارِقِ الليلِ والنهار.

اللهم يا ذا الجُود والمَنِّ احفَظ علينا هذا الأمنَ، وسدِّد قِيادتَه، وقوِّ رِجالَهم، وخُذ بأيدِيهم، وشُدَّ مِن أزرِهم،

وقوِّ عزائِمَهم، وزِدهم إحسانًا وتوفيقًا وتأييدًا وتسديدًا، اللهم واشفِ مرضاهم، وارحَم شُهداءَهم، واحفَظ أُسَرَهم وذريَّاتهم يا رب العالمين.

اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوالَ المُسلمين في كل مكان، واحقِن دماءَهم،

واجمَع على الحقِّ والهُدى والسنَّة كلِمتَهم، وولِّ عليهم خِيارَهم، واكفِهم أشرارَهم، وابسُط الأمنَ والعدلَ والرَّخاءَ في دِيارِهم،

وأعِذهم مِن الشُّرور والفتَن ما ظهرَ منها وما بطَن.

}رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار{ [البقرة: 201].

سُبحان ربِّك ربِّ العِزَّة عما يصِفُون، وسلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا، وسُبحان الله بكرةً وأصيلًا، وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على سيِّدنا محمدٍ،
وعلى آله وصحبِه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



ديزاين فور يو لحلول تقنية المعلومات